عاصم الطخيس

إنسانية توم هانكس في فيلم (News of the World)

الثلاثاء - 16 مارس 2021

Tue - 16 Mar 2021

المتابع للسينما في السنوات الماضية يلاحظ قِلة أفلام الغرب الأمريكي (Western Movies) والتي غالبا عرفت باسم أفلام السباغيتي (Spaghetti Westerns) التي اشتهرت بالمخرجين الإيطاليين وكانت نجومية الممثل الأمريكي كلينت إيستوود (Clint Eastwood) من خلالها، إلا أننا نشهد هذه السنة إنتاج فيلم من الغرب الأمريكي بعنوان (News of the World).

الفيلم من بطولة الممثل الحائز جائزة الأوسكار توم هانكس (Tom Hanks) في دور الكابتن جيفري كيد (Captain Jeffery Kidd) والممثلة الألمانية الصاعدة هيلينا زنجل (Helena Zengel) في دور جوانا (Johanna) والفيلم مبني على رواية بنفس العنوان للكاتبة بوليت جايلز (Paulette Jiles) وتم تحويل الرواية إلى سيناريو من قِبل لوك ديفيز (Luke Davies) و بول جرينجراس (Paul Greengrass) ومن إخراج الأخير نفسه.

الفيلم من إنتاج شبكة نتفليكس وتقع أحداثه بعد نهاية الحرب الأهلية الأمريكية عام 1870 ميلادي، حيث يقوم كابتن متقاعد من الحرب يدعى (جيفري كيد) يطوف على المدن والقرى لقراءة الأخبار ويقص عليهم بعض القصص غير الخيالية. أثناء رحلته يصادف أن يلتقي بفتاة يتيمة بيضاء (جوانا) والتي تتحدث فقط (كيوا) (لغة السكان الأصليين) ويأخذ على عاتقه مهمة إيصالها لمنزلها عند خالتها وعمها. الرحلة ستأخذ مئات الأميال ولكن هذا ليس كل شيء، الطريق نفسه محفوف بالمخاطر لكليهما وهذا ما سيعزز العلاقة بين الشخصيتين. الشيء الواضح في هذا الفيلم هو العلاقة بين الشخصيتين الرئيستين وكيف لها أن تذكرني بنفس العلاقة في فيلم (الطريق) (The Road) الذي أنتج عام 2009 كيف كانت (علاقة الأب – الابن).

ما يميز هذا الفيلم عن غيره من أفلام الغرب الأمريكي أنها تحتوي على نفس المخاطر من قُطاع طرق وقتلة، ولكنه أيضا يعكس جانبا ثقافيا آخر وهو أنه بعد نهاية الحرب الأهلية بخمس سنوات، كان الجميع بغلب عليه الجهل وعدم قدرتهم على القراءة والكتابة، وهذه التفاصيل حتى ولو كانت بسيطة إلا أنها تعطينا نظرة عميقة على كيفية معيشة الناس آنذاك.

عندما شاهدت الفيلم أخذت أفكر في كيفية كانت المعيشة في نفس تلك الحقبة الزمنية في السعودية قبل البترول، وكيف كان لدينا نمط معيشي مشابه قبل استقرار الأمن وتوحيد البلاد. الفيلم يعرض جانبا آخر من شخصية توم هانكس لم نشهدها من قبل عن قرب وهي كمية الإنسانية التي تفيض منه خلال تقمصه للدور وكيف يمكننا أن نراها في عينيه ومع كل حركة وتعبير وجه له أثناء نظره إلى جوانا.

ما يجعل هذا الفيلم ممتعا عند مشاهدته هو اللحظات الساكنة، بلا حوار، فقط ملاحظة وترقب ردة الفعل وكيف لهما بالتواصل ضمن هذه الظروف الصعبة التي تفتقر للعطف والحنان. هناك مشاهد نرى الكابتن كيد يريد أن يحضن جوانا إلا أنه لا يفعل ذلك، ولكن تعابير وجهه تخبرنا كم هو يريد ذلك حقا ولكن قبل نهاية الفيلم نشهد ما كنا نتمناه وهو احتضان الكابتن كيد لجوانا، وهي لحظة تُجبرك على ذرف الدموع مهما كنت قويا. ذلك المشهد قوي بما فيه الكفاية لاستخلاص كامل مشاعرك وجعلك تتنفس الصعداء أخيرا لمعرفتك بكون جوانا ستكون بأمان مع الكابتن وليس عند أقاربها.

AsimAltokhais@