آلاء لبني

المنزعجون من المرأة!

الاثنين - 15 مارس 2021

Mon - 15 Mar 2021

في الأيام السابقة كان موضوع اليوم العالمي للمرأة وتمكينها في المملكة وتغير حزمة من القرارات والأنظمة؛ حديثا ذا حضور طاغ، جعل البعض يستهزئ من كثرة ذاك الضجيج حول المرأة ويمتعض ويقول لكم يوم ولنا 364 يوما! والذي يجهلونه أن هناك يوما عالميا للرجل.

البعض يقول: أزعجونا بموضوع المرأة. ألم تنزعج المرأة سنوات طويلة، ولا نتحدث هنا عن رجل معين بل عن منظومة مجتمعية، همشت المرأة وحطت من قدرها، فمن وجدت كريما أكرمت ومن تعثرت بلئيم أهينت.

وضع المرأة في المجتمع يختلف باختلاف المستوى الثقافي والمادي والاجتماعي، فهناك نساء تمتعن بمكانة مرموقة ساعد محيطها في بروزها، وهذا أمر متاح لنخبة معينة وليس لكافة النساء.

المنزعجون على فكرة منهم نساء منزعجات يقبع في عقولهن حب سيطرة الذكورة.

يقول البعض لم تعان المرأة يوما من نقص في حقوقها في الماضي. بل عانت الأمرين، والإصلاحات كان لا بد منها، يكفي أنها كانت يومًا بلا هوية تُعرفها، بل كانت تابعا بلا كيان ولا استقلال ولو بلغت الستين، يكفي أنها كانت تنتظر موافقة أبنائها! وبدل أن تكون وصية عليهم هم أوصياء عليها.

كم من امرأة فقدت حقها بالميراث أو بيعت لها أرض دون علمها، كان التدليس والخداع سهلا، عكس حياة المرأة كل شيء كان فيها صعبا، فهي تحتاج وليها في كل الأمور. فتح حساب البنك كان صعبا. معرفك ولي أمرك يجب أن يكون مرافقا.

واليوم ابنتك تفتح الحساب في دقائق معدودة على الموقع الالكتروني للبنك. الهوية الوطنية حفظت الحقوق ومكنت الأجهزة الأمنية من الكشف عن أي مجرمات أو إرهابيات تخفين من وراء الحجب.

المبدأ الديني القائم على أن النساء شقائق الرجال كان تائها. وكان الموروث من الذكورية السلبية يسيطر على معتقداتنا، فالمرأة عيب. واختلاطها عيب. كم من الفتيات تكسرت أحلامهن بفكر سقيم.

كم من امرأة كان الفقر والحاجة يقيدان حالها بعد أن تخلى الأب عن مسؤولياته أو انحرف؟ كم امرأة التحفت الشارع بعد أن تربت أن يكون الزوج هو ملاذها، فلم تجد الشهادة أو المهارة أو العمل الذي يسد حاجتها عن سؤال الناس؟

من يذكر طلب موافقة ولي الأمر على العمل؟ كم بسبب هذا الشرط ظلمت كثيرات وحرمن حقهن، مع قلة الوظائف المتاحة وارتفاع البطالة في صفوف النساء، وحتى حين تم إلغاؤه، ظلت بعض الجهات ظلما تطلبه إلى أن أصبح جزءا من الماضي.

الأذى كان متعديا في بعض الحالات لحق الأطفال. كم طفلا منع تعسفا وتأخر من المدرسة لأن أباه قرر ألا يسجله أو يقوم ببلاغ الولادة؟ أما اليوم تستطيع فعل ذلك فقد كفل لها النظام حق التبليغ.

كم امرأة طلقت وحُرمت أطفالها أو ابنتها لأن القضاة اتخذوا رأيا من الآراء الفقهية وحكموا ردحا به من الزمان مع أن القرآن وسنة المصطفى لم يحددا على وجه القطع حضانة الفتاة لمن تؤول؟ بل تعددت أوجه الحضانة لسعة الأمر.

في الماضي تذهب المعنفة لقسم الشرطة فتُسأل عن ولي أمرها؟ حتى لو كان ولي أمرها غير موجود أو معذبها. وتنصح بألا تشتكي عليه. تذكرون الطفلة التي كانت جدتها تشتكي ولدها والشرطة لا تبالي أو بالأحرى لا تستطيع فعل شيء للأب! إلى أن قتلها.

وحتى سيدة الأعمال تحتاج رجلا ليسير أمورها. وهي راغبة بأن تقوم بأعمالها لكن الواقع يفرض عليها الاستعانة برجل.

إلى أن صدر الأمر السامي (بالتأكيد على الجهات الحكومية بعدم مطالبة المرأة بالحصول على موافقة أي شخص عند تقديم الخدمات لها أو إنهاء الإجراءات الخاصة بها).

كم كان شاقا التعامل مع الجهات الحكومية، فتواجه صعوبة في التعامل مع المفاهيم الخاطئة، فالدخول مشكلة بحد ذاته والنظرات المريبة أو المستهجنة؟حتى لو دخلت لإعداد تقرير أو بحث لإنجاز مهمة ميدانية، أما اليوم فأصبحت الجهات الحكومية عامرة بالنساء وتعود الجميع على ذلك وتقبلوه، ومن ما زال بغياهب الجب فهو مجبر على تقبل ما كفله النظام من حق للمرأة.

بين الأمس والماضي واليوم اختلفت الأحوال وتبدلت، ولله الحمد والمنة.

الانتقال من النقيض لآخر ليس سهلا، فهناك بالصدور ما هو عامر بذكورية عمياء عفا عليها الزمان. هناك حاجة للكثير في تغير القناعات والصور الذهنية، من ناحية الأسر ومن ناحية نضوج المرأة ذاتها وتقبلها ووعيها بالتغيير والتأقلم معه ولا تخسر الفرص التي تتاح لها.

الطريق ما زال طويلا نحو توعية المجتمع بكافة المتغيرات التي تصب في المصلحة العامة، فيجب أن تعرف حتى ابنة القرية الصغيرة كيف تحفظ حقها ولمن تذهب إن تعرضت للعنف وتبوح به. وللبوح بقية.

@AlaLabani_1