سالم العنزي

السعودية وصناعة الألعاب

الاحد - 14 مارس 2021

Sun - 14 Mar 2021

عندما بدأ انهيار شركة نوكيا التي كانت أكبر شركة مصنعة للهواتف المحمولة عالميا، لعبت شركات تطوير الألعاب الالكترونية دورا حاسما في المحافظة على مكانة فنلندا كرائد في صناعة التقنية عالميا من جهة، ومن جهة أخرى قامت هذه الشركات بدور الداعم للاقتصاد الفنلندي. كانت نوكيا الشركة الأكثر أهمية في فنلندا، فقد كانت تساهم في 14% من الصادرات الفنلندية، وما يقارب 2% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2009. خروج نوكيا من المنافسة في الأسواق العالمية للأجهزة المحمولة تسبب في أثر اقتصادي واضح على إيرادات الدولة، وكذلك تسبب في مشاكل في البطالة والتوظيف داخل الدولة.

ولكن فنلندا لم تقف مكتوفة الأيدي أمام هذه الكارثة الوطنية، حيث كرست فنلندا جهدها وتركيزها على أن تصبح مركزا جذابا للشركات الناشئة في صناعة الألعاب، حيث قامت بتسهيل الإجراءات والمتطلبات مما ساهم في تأسيس المئات من الشركات الناشئة في فنلندا كل عام بمساعدة استثمار من الحكومة والصناديق الاستثمارية الخاصة. نتيجة لذلك، أصبحت فنلندا اسما بارزا للشركات الناشئة، خاصة شركات الألعاب، ونمت صناعة الألعاب بسرعة وتوفرت كثير من فرص العمل والتدريب لكل من الأشخاص المؤهلين.

فتحولت لعبة الطيور الغاضبة (Angry Birds) من شركة روفيو إلى علامة تجارية خاصة تضخ المليارات في الاقتصاد الفنلندي. وتبعتها لعبة صراع القبائل (Clash of Clans) من شركة سوبرسيل. ولأن النجاح يجلب النجاح. أصبحت صناعة الألعاب في فنلندا واحدا من أكثر القطاعات ربحية في أوروبا. وبحلول عام 2016، كان لدى فنلندا أكثر من 250 شركة تطوير ألعاب وتساهم في أكثر من 1% من الناتج المحلي الإجمالي. اليوم، جميع الشركات العالمية والمتخصصة في صناعة الألعاب مثل Ubisoft وUnity وElectronics Arts وDisney تملك مقرات في فنلندا وتساعد في جذب مزيد من الأشخاص والمستثمرين إلى الشركات الناشئة الفنلندية.بينما ينظر البعض إلى صناعة الألعاب على أنها صناعة هامشية أو ثانوية، إلا أنها في الحقيقة تشكل رافدا مهما في اقتصاديات كثير من الدول مثل أمريكا وفنلندا وكوريا الجنوبية واليابان. وبعد القرار الخاص بنقل مقرات الشركات العالمية الإقليمية إلى السعودية، فإن المملكة مهيأة أكثر من أي وقت مضى لأن تكون المركز الرئيس لشركات تطوير الألعاب، خاصة مع الحاجة إلى ألعاب تتناسب مع الثقافة والمحتوى العربي، وكذلك مع حاجة الشركات العالمية إلى تعريب وتوطين الألعاب مع الاهتمام بالجوانب الثقافية والتفاصيل اللغوية.

ينفق السعوديون أكثر من 350 مليون دولار على الألعاب، ويعتبر متوسط الإيرادات لكل مستخدم في السعودية الأعلى في العالم، لذلك فإن شركات تطوير الألعاب العربية في المنطقة (سواء في دبي أو تركيا أو الأردن) تستهدف اللاعب السعودي بشكل أساسي.

تأثير الألعاب على الجيل الحالي وعلى تفكيره وتوجهاته يجعل الألعاب من أهم أدوات القوى الناعمة التي تستخدم في التأثير على الشعوب، لذلك فإن وجود السعودية كمركز رئيس على خارطة صناعة الألعاب لن يكون مفيدا اقتصاديا فحسب، بل سوف يساعد في بناء منصات يمكن من خلالها نقل وجهة نظرنا وتسويق أنفسنا عن طريق الألعاب التي سيتم تطويرها في المملكة.

السعودية اليوم تمتلك جميع مقومات النجاح في مجال صناعة الألعاب، حيث الشباب والكفاءة والبنية التحتية اللازمة التي تخولها احتلال مكانها الطبيعي في هذا المجال.

@SMAlanzi