فيصل الشمري

خمسون يوما من الهدايا لإيران

الاحد - 14 مارس 2021

Sun - 14 Mar 2021

خمسون يوما مرت على تنصيب الإدارة الديمقراطية الجديدة في الولايات المتحدة الأمريكية، اتخذ الرئيس الأمريكي الجديد فيها عدة خطوات في السياسة الخارجية الأمريكية سريعة، جميعها بشكل مباشر أو غير مباشر تخدم مصالح النظام الإيراني. تعيين روبرت مالي المبعوث الجديد إلى إيران الذي ينظر إليه عديد من المراقبين على أنه مثير للجدل بسبب تقاربه الودي السابق في إدارة أوباما مع نظام الملالي في إيران وحلفائهم في المنطقة. ثم جاء بيان وزارة الخارجية الأمريكية بشأن مقتل لقمان سليم المعارض لإيران وحزب الله الذي لم يأت على أي ذكر لحزب الله على الرغم من تورط الحزب المحتمل في مقتله. بعد فترة الرئيس الأمريكي يلغي تصنيف الحوثيين في اليمن كمجموعة إرهابية. وتمادى الحوثي في استهداف السعودية بالصواريخ والطائرات بدون طيار.

علينا تفهم أن الإدارة الجديدة تريد العمل لعكس سياسات ترمب، يهدف الرئيس بايدن إلى العودة إلى الاتفاق النووي مع إيران للحد من القدرات النووية الإيرانية، فكرة الإدارة الحالية هي العودة للعقيدة السياسية الخارجية لأوباما. الدبلوماسية والحوار مع الأعداء التاريخيين لأمريكا والضغط على الحلفاء التقليديين لأمريكا هذه العقيدة هي خروج من فلسفة مبدأ مونرو، باختصار أمريكا سوف تدخل دبلوماسيا واضعة قوتها للدبلوماسية وسوف تحمي مصالحها وحلفاءها حتى لو كان ذلك باستخدام القوة. لم يذكر حزب الله لأنه دبلوماسيا يريد الإيحاء أنه يحترم القضاء اللبناني دون توجيه اللوم للحزب لأنه يريد عودة إيران للحوار. لنحسن الظن فإن غالبية الناس في الشرق الأوسط يوافقون على أهداف الرئيس الأمريكي لا يريدون حروبا جديدة، السعودية نفسها تريد السلام في المنطقة.

مستشارو الرئيس بايدن لا يفهمون أو يتغافلون عن أن الصفقة النووية مع إيران لم تفشل فقط لأن الرئيس السابق ترمب انسحب منها، ولكن لأن الملالي يريدون من الصفقة أكثر من مجرد رفع العقوبات، يريدون التطبيع الكامل مع العالم الغربي، صفقة تزيد من قيمتهم ومكانتهم بين الشباب في جميع أنحاء المنطقة، ويريدون الاستمرار في تقويض ركائز عديد من الدول الإقليمية مثل لبنان واليمن واستمرار السيطرة على العراق وإعادة ديمغرافية سوريا. ترمب انسحب لان الاتفاق النووي ليس من مصلحة أمريكا ولأن إيران لم تلتزم ببنوده.

يمثل القرار المتسرع بإلغاء تصنيف الحوثيين مجموعة مصنفة إرهابية، وعدم وجود أي ردع لحزب الله وكيل إيران، وعدم الرد على استهداف الميليشيات التابعة لإيران في العراق التي تستهدف القواعد الأمريكية إشكالية. لقد عرضت إدارة بايدن بالفعل على الملالي هدايا غير مبررة على أمل أن يردوا بالمثل ويتفاوضوا بحسن نية. هذا الأمل مع ذلك ليس سوى وهم ويجعل من إيران تتمادى. نظام طهران لا يريد العودة للحوار أو الالتزام بمخرجات أي مفاوضات جديدة، يريد المال ليس ليصرفه على داخل إيران لكن لدعم حروبه بالوكالة.

في اليمن، يمكننا قبول إلغاء تصنيف الحوثيين إذا كان سيؤدي ذلك بالفعل إلى إنهاء الحرب أو جلوس الحوثيين على طاولة الحوار مع الشرعية والتحالف لإيجاد حل سياسي. كان يمكن استخدام الإلغاء كوسيلة ضغط على الحوثيين لتقديم شيء في المقابل. إن هدية بايدن للحوثيين في ظل الظروف الحالية لن تؤدي إلا إلى تقوية هذه المجموعة الإرهابية الوحشية وتمكينها عسكريا وسياسيا. نتج عن ذلك رفض الحوثيين للحوار وحتى التباحث مع المبعوث الأمريكي لليمن، والتمادي في استهداف السعودية بالصواريخ الباليستية.

إنهم أقلية تضع غالبية اليمنيين في حرب ووضع إنساني سيئ والإلغاء يقود عملية السلام. بدون الضغط الخارجي، ليس لدى الحوثيين أي حافز لتقديم تنازلات، ومستشارو بايدن مع الأسف يفشلون في رؤية ذلك. حزب الله في أضعف حالاته، وهذا من شأنه أن يشجع الرئيس الأمريكي على ممارسة مزيد من الضغط على هذه المجموعة التي تعمل بالوكالة عن إيران التي دمرت لبنان، وعدم السماح لها بالقتل. أما بتمرير الأمر بهذا الشكل المخزي؛ ما الرسالة التي ترسلها أمريكا إلى اللبنانيين إذا سمحت بقتل لقمان سليم دون عقاب؟

إنه لأمر محير لعديد من العرب أن يروا الرئيس الأمريكي يسلم مفاتيح المنطقة لنظام إيراني في حالة ضعف داخلي وخارجي. إدارة ترمب بسياسة الضغط القصوى والعقوبات أضعفت الحرس الثوري وقتلت الشيطان سليماني، تركت إيران في حالة ضعف كان من الأجدى استخدامها من قبل إدارة بايدن للاستفادة والحوار مع إيران من مصدر قوة.

يتساءل كثير منا: لماذا تسرع الإدارة الأمريكية التقدمية في تمكين نظام طائفي قاس بحق الإيرانيين قبل غيرهم، بينما تنفر من الدول العربية التي تقف بحزم ضد الطائفية والرجعية؟ في حرصه على محو إرث ترمب يخاطر الرئيس بايدن بالشرق الأوسط ومصالح أمريكا. يمكن أن يكون للنوايا الحسنة عواقب وخيمة، ليس لشعوب الشرق الأوسط فحسب، ولكن أيضا للرئيس بايدن. لا يزال أمام الرئيس الأمريكي المنتخب أربع سنوات لجني ثمار قراراته التي ستطارده في نهاية فترة ولايته الأولى في منصبه إذا فشل.

mr_alshammeri@