شاهر النهاري

النيل من العائلة الملكية البريطانية

الخميس - 11 مارس 2021

Thu - 11 Mar 2021

عائلة عريقة ارتبط اسمها بنجاحات ومسارات إمبراطورية عظمى، بلغت واستحقت شعار (لا تغرب عنها الشمس)، والملكة إليزابيث الثانية ذات الخمسة والتسعين عاما، مثال حالي حي على أعجب حكايات التاريخ، أسطورة تحكي بإعجاز التواجد وعمق الأسرار ومسارات البقاء، ومنعة عبور العصور المتمسكة بقيم أسرة ملكية ألماسية عريقة تظل تجذب العين والسمع بكل كينونتها، وكيفية عيشها الأقرب إلى ملكة النحل المكنونة المتربعة على عرش لا يشغلها بالتفاصيل، ولكنه يغدق عليها الحب والاحترام، والطاعة.

أسرة فريدة من نوعها حكمت الإمبراطورية في مراحلها المتعددة، من بدايات القرن الخامس عشر، بتحويرات ذكية عصرية، وارتقاء، واستمرارية لتبقى الملكة إليزابيث رمزا وشعارا وصورة للوطن والتاريخ البريطاني.

عائلة مرت بكل ما يمكن أن يحدث لأي أسرة حية، مؤثرة في الوجود، بعين على التاريخ، والتفرد، وهي تحمل صور العزة والمواقف، والتراث بشواهد قصور وممتلكات ومجوهرات، ولوحات فنية، وكنوز يفاخر بها الشعب البريطاني برمته، ولا يرى نفسه بأجياله القادمة دون أيقوناتها، وتاريخها الناطق.

درجات من السمو تكسو كل من يقترب منها، وشهرة للدخيل تطوي البلدان، وقدرات مالية وجاهوية طاغية.

إرث عالمي، يماثل معاني الأهرام في حضارات مصر، وبرج إيفل في عراقة فرنسا، وسور الصين العظيم لمنعة أهل التنين.

إرث يزيد على ذلك بالتواجد الحي، والتسلسل البشري، ولذلك فهو يحتاج من أفراده الأصليين، والوافدين إلى الإيمان بالمصير والمكانة، التي يمثلونها، وضرورة تقديم التضحيات والولاء، والإخلاص والتزام كامل معاني الأصالة والتقاليد والبروتوكولات للإبقاء والمحافظة على الروح، والتفاني للمحافظة على سمعة الكيان، وانتقاء المظهر والكلمة والحضور المتناسب مع المكانة ومجريات العصر، والتي تلزمهم بالسير في خطوط متوازية متوازنة مسؤولة.

وكم حدث لأسرتهم من الأحداث والقصص، وكم نشرت آلاف الفضائح، وحيكت الدسائس والخطط، في محاولات للنيل من الكيان، ولكن الأسرة تستمر بالتواجد الأسطوري المحترم، ولا تتوقف عند الزلات، والاتهامات، حتى ولو أتتها من دخيل عليها، وما جرى في عهد الأميرة ديانا ونهايتها المزعجة لم يكن إلا عاصفة، حاولت مسخ وجود هذه العائلة، وكان زواج الأمير هاري بالممثلة الأمريكية السمراء فصلا جديدا يضاف لتلك التحديات.

هاري الحفيد تخلى هو وزوجته ميجان عن الألقاب والحقوق الملكية، وارتحلا لأمريكا، بحثا عن حرية ومسؤولية، ولكنهما فوجئا بأنهما سيعيشان على التبرعات، وغرابة وزيف ما سيقولان، فأكملا ذلك بموقعة تشويه متعمد للأسرة المالكة ضمن المقابلة الأشهر والأغلى، مع الإعلامية أوبرا وينفري، التي حلمت بلقاء مثل هذا، وسعدت بترويج الاتهامات المتعددة للأسرة الملكية، ودون الإتيان على ذكر أسرة الممثلة ميجان، والمليئة بالأخطاء والتعقيدات.

مقابلة بينت للعالم الوجه الديمقراطي المستحدث في أمريكا، الذي يعشق تحطيم الرموز، ويكره المصداقية ويجور، ويخلق العنصرية في كل الزوايا والأحداث، لتشويه أي أصالة.

وقد نالت المقابلة المشاهدات والدعاية والاهتمام، خاصة عندما رمت الأسرة بسهام العنصرية، وبما يؤكد أن الدنيا لم يعد فيها خير. الأيام تمر، وهرم بريطانيا مستمر يترسخ، ولا نتمنى أن تتغلب عليه الأحقاد، ويتم تحطيمه من طماعين مغرضين، فيفقده الشعب البريطاني، والبشرية جمعاء، بدواعي ديمقراطية التحقير والنبش في زبائل التهم.

@shaheralnahari