علي المطوع

ماذا يُراد للعرب؟

الاحد - 07 مارس 2021

Sun - 07 Mar 2021

إيران وعبر وكيلها الحوثي في اليمن تصعد من عمليات استهداف المدنيين في منطقة عسير، في تصعيد خطير لهذه الاعتداءات التي جاءت متزامنة مع المنحة الأمريكية الأخيرة التي تم بموجبها رفع الحوثي من قائمة الإرهاب، بعد أن صنفتها إدارة ترمب السابقة كمجموعة إرهابية.

لن أتحدث عن البعد الأخلاقي في هذه المسألة، ولكنني أشير إلى خطورة الخطوة الأمريكية التي أعطت الحوثيين ضوءا أخضر لاستهداف السعودية وشعبها، من قبل جماعة تفتقر لأبسط مقومات الحياة، فضلا عن قدرتها على حيازة وصنع واستعمال تلك التقنيات العسكرية المتطورة قياسا بحال هذه الجماعة وصعوبة أحوالها.

هذا التصعيد الإيراني الحوثي ينبغي أن يؤخذ في سياق الوضع العام الذي يُدار ويُراد للمنطقة، فإدارة بايدن نشرت تقرير استخباراتها الأخير، والذي استهدف ولي العهد في سابقة هي الأولى على الأقل في تاريخ العلاقة السعودية الأمريكية، وفي الناحية الأخرى تمد هذه الإدارة يد السكينة والطمأنينة إلى النظام الإيراني، وتحاول أن تخفف من حدة التوتر للوصول إلى صيغة مناسبة تعيد الاتفاق النووي معها إلى سابق عهده وعدته.

هذا التحسن في العلاقات الأمريكية الإيرانية يتطلب من بايدن وإدارته الضغط على السعودية تحديدا للقبول بهذا الأمر الجديد، وهذا ما يفسر التصعيد الإيراني العدواني الأخير من خلال كثافة القصف الذي يستهدف الأعيان المدنية في عسير، في مخالفة لكل الأعراف والمواثيق الدولية، والهدف من كل ذلك الوصول إلى صيغة مناسبة ترضي نظام الملالي وتجعلهم في وضع يسمح لهم بنشر ثورتهم ومبادئها الخمينية في المنطقة، كل ذلك على حساب الشعوب العربية في المنطقة وحكوماتها وأولها السعودية وشعبها.

الموقف الأمريكي المعادي للعالم العربي بدأ باستهداف السعودية قيادة وشعبا، في ظل صمت مطبق من إردوغان ونظامه، والذي بات يتحين الفرصة لاقتسام الغنيمة العربية مع نظام الملالي، كونه مهيأ من قبل الإدارة الأمريكية للعب دور استعماري تشاركي مع إيران، يحفظ التوازن في المنطقة لصالح القوى الغربية، ويجعل المنطقة بأكملها على شفير انفجار فوضوي مستقبلي، بين كتلتين مختلفتين كليا تفرقهما المصالح والأطماع ويجمعهما ضعف العالم العربي بكل أطيافه واستهدافه من قبل العالم الغربي وجيوبه الشيطانية في المنطقة وخارجها.

الشعوب العربية أمام منعطف تاريخ عظيم وخطير فسقوط السعودية - لا سمح الله - يعني بالضرورة تشكل عالم عربي جديد تديره قوى استعمارية أعجمية إيرانية وتركية، تعيد الشعوب العربية إلى مربعات الفوضى والقهر والاستعباد، كل ذلك بقرار غربي أصبح يرى في السعودية عقبة كأداء تمنع الوصول إلى هذه الصيغة الفوضوية التي ستعيد المنطقة إلى عصور الظلمات، تلك العصور التي كانت عبارة عن فوضى وفقر وقتل ودمار.

ما سبق يعرفه كثيرون وتدركه شعوب المنطقة وتدرك خطورة إرهاصاته وتداعياته، وتبقى مسؤولية الجميع حكومات وأفرادا، الوقوف بحزم تجاه كل هذه الأحداث ومراعاة المصالح العليا للأوطان التي ينبغي أن تكون هي المكاسب التي يجب الحفاظ عليها، وأولها وأهمها الأمن، لأن الفوضى تعني ردة إلى مرحلة قريبة، كانت فيها الشعوب العربية ترزح تحت الفوضى والخراب والفقر والجهل والدمار، وهذا ما تريده أمريكا تحديدا وعملاؤها في المنطقة الذين يتربصون بالعرب بكل مكوناتهم لإعادتهم إلى وضعهم السابق شعوبا مختلفة ومتخلفة تحكمها أعراق وأعراف لا تنتمي لهم ولا ينتمون لها.

@alaseery2