سالم العنزي

سياسة واتس اب.. عندما تكون أنت السلعة

الاحد - 07 مارس 2021

Sun - 07 Mar 2021

قبل شهرين أو أقل، هاجت الدنيا حول سياسة برنامج واتس اب الجديدة وقد بدا أن الحملة لن تسكت أبدا. وضاجت وسائل التواصل الاجتماعي وكأنها لن تصمت أبدا. تكلم التقنيون وتحدث خبراء أمن المعلومات عن السياسة التي ستخترق خصوصية الناس. حتى إن إلون ماسك (الريادي الأبرز على مستوى العالم) دعا إلى استخدام خدمات بديلة مثل Signal أو Telegram.

خلال أسبوع أو أسبوعين من بدء الحملة ارتفعت التنزيلات اليومية للتطبيقات البديلة مع انخفاض طفيف جدا في عدد التحميلات الجديدة لتطبيق واتس اب. ولكن ماذا حدث بعد ذلك؟ عادت الحياة إلى طبيعتها، واستمر الناس في استعمال تطبيق واتس اب، باستثناء القليلين ممن استمروا في استخدام التطبيقات البديلة.

هذه الحالة لم تكن الأولى لشركة فيس بوك المالك لتطبيق واتس اب. فقد تكرر هذا السيناريو كثيرا خلال السنوات الأخيرة. فكل سنة أو سنتين تحدث حادثة من هذا النوع. سواء لتطبيق واتس اب أو تطبيق Instagram أو أي تطبيق آخر من تطبيقات الشركة. فقد أصبحت الشركة خبيرة في سلوك المستخدم وتفهمت كيفية إدارة العلاقة معه بشكل لا يمكن حتى للمستخدم أن يتخيله. ولذلك فقد أعلنت شركة فيس بوك أن السياسة التي تسببت بالمشكلة سوف يتم تطبيقها بعد شهر ونصف الشهر من الآن بعد أن أعلنت عن تأجيلها أكثر من مرة.

من الواضح أن التغييرات في طريقة عمل التطبيق جزء من جهود فيس بوك لكسب مزيد من الأموال من مستخدمي تطبيقاتها. ولا يمكن لوم الشركة بأي حال من الأحوال، فهي شركة ربحية ويتم قياس نجاحها بمقدار المال الذي سوف تكسبه في نهاية السنه المالية. ولكن طريقة تعاملها مع المستخدمين في كل مرة قد تكون هي السبب في المشاكل التي تواجه الشركة. نجد أن شركات أخرى مثل تويتر ويوتيوب المملوكة لشركة قوقل حصلت على تصريح من المستخدم باستخدام بياناته، بل وحتى محتوى تغريداته وما يشاهده عبر منصاتها بطريقة أقل إثارة للجدل. فعندما تظهر لك رسالة في تويتر أو يوتيوب أو أي تطبيق آخر بأنهم يرغبون في تخصيص الإعلانات بما يتناسب معك ومع المحتوى الذي تشاهده، فهي تطلب تصريحا للحصول على بياناتك ومشاركتها مع الشركات المعلنة.

يجب أن تعلم أن جميع التطبيقات المجانية، سواء فيس بوك أو تويتر أو يوتيوب أو أي خدمة مجانية أخرى، تعتمد بشكل أساس على بياناتك الشخصية واهتماماتك والمحتوى الذي تقدمه وتشاهده. عندما تزودك قوقل بأفضل نظام خرائط وملاحة مجانا، هل فكرت كم تكلفة هذا التطبيق؟ عندما تزودك فيس بوك بأفضل وأكبر برنامج مراسلات واتصالات مجانا، هل سالت نفسك ما هي الميزانية التشغيلية لهذا التطبيق؟ وكيف ستقوم هذه الشركات بتغطية التكاليف الخاصة بهذه التطبيقات.

أي تطبيق بديل لهذه التطبيقات قد يستطيع الانطلاق في البداية بتكاليف معقولة مع المحافظة على خصوصية المستخدمين، ولكن عندما تصل أعداد المستخدمين إلى مئات الملايين وتكون التكلفة التشغيلية عالية، فإن بياناتك أسهل طريقة للحصول على المال.

أخيرا، سوف أقتبس كلاما قرأته ذات مرة «إن كنت لا تدفع مقابل المنتج، فاعلم أنك أنت المنتج». في هذا العصر الرقمي، ضحينا جميعا بخصوصيتنا وبياناتنا من أجل الحصول على خدمات مجانية، وهذا ما يجب أن نتقبله جميعا. وإن كان لديك رأي آخر وترغب في الحفاظ على خصوصيتك وبياناتك، فلا تستخدم خرائط قوقل ولا تويتر ولا يوتيوب.. هل تستطيع؟

@SMAlanzi