فهد عبدالله

نصائح إلى خريج

السبت - 06 مارس 2021

Sat - 06 Mar 2021

في حوار لطيف لي مع أحد الطلاب في السنة الأخيرة له في الجامعة، يسأل عن الحياة الوظيفية وما هي النصائح التي ممكن يستفيد منها قبل الانخراط في البيئة العملية وطلب الرزق، والحقيقة أنني شكرته على السؤال المرحلي الناضج الذي مفاده: أنني أريد أن أتعرف على أهم الملامح للمرحلة القادمة في الحياة، واستأذنته بأن يكون الجواب من خلال كتابة هذا المقال، وذكرت له أيضا أن الإجابة عن مثل هذا السؤال بالتأكيد ستختلف من شخص إلى آخر، من أجل ذلك أسأل هذا السؤال أيضا لأشخاص آخرين إن استطعت لإيماني بأهمية السؤال وأيضا أهمية تعدد الإجابات.

بدأت أرصد أهم النصائح التي قد أجدها مناسبة في كتابتها ووجدت أنها تكاثرت جدا في العدد، مما قد لا يستوعبه هذا الحيز الالكتروني، فوجدت نفسي في حيرة شديدة من الاختيار من بين هذه النصائح، وبعد شد وجذب بين العقل ولوحة المفاتيح كانت هذه العشرة النصائح السريعة التي أرجو أن تكون مفيدة لك يا صاحبي:

01 أولا وقبل كل تراتيب التهيئة لهذه المرحلة الجديدة لا بد أن تهيمن في داخلك مبادئ ناصعة متجددة مستمرة كالصدق والأمانة والعدالة والإتقان في العمل والإخلاص في الأداء، بعيدا عن كل الظروف المحيطة التي قد تكون مؤثرة إيجابا أو سلبا، بعبارة أخرى لا تجعل المؤثرات الخارجية هي الوقود لاستمرارية هذه المبادئ أو اضمحلالها، لأن المبادئ الأصيلة وغير المزيفة منبعها من الداخل ولا تتغير بتغير الظروف، والله يعلم ويرى وهو كفيل بإنصافك على هذه المبادئ وكفى بالله وكيلا.

02 في بيئة العمل ستعمل كثيرا من الأمور الصائبة وبالتأكيد أيضا ستعمل كثيرا من الأمور الخاطئة، لا تربط أبدا الأمور الخاطئة بأنها نوع من تقليل النجاحات التي سوف تقدم عليها، بل وهّج ذلك في داخلك بأن هذا الخطأ هو كنز من الدروس المستفادة التي بالتأكيد له إسقاطات عديدة في المستقبل المهني من خلال تجنب مثل هذه الأخطاء ومن حيث بناء العقلية الذهنية المتمرسة التي تتعلم سريعا من أخطائها.

03 إذا بدأت تتدرج في المسؤوليات الإدارية في بيئة عملك، فعليك الأخذ بالاعتبار بأن النجاعة الفنية أو الإدارية مهما تضخمت ستبقى محدودة الأثر إن لم يصاحبها دماثة الخلق في التعامل مع الآخرين والتحلي بالقيم الإنسانية الرفيعة وعلى رأسها العدالة التي دائما توجهك لفعل ما هو صحيح بغض النظر عن تقاطعها مثلا مع المصالح الشخصية.

04 إياك أن تدخل في تطبيقات معضلة الطموح والرضا دون أن تفهم إحداثياتها، لأنه مع الوقت إن لم تتضح هذه المعادلة في داخلك فستترجم في حالتك النفسية وسلوكك العملي وكأنها مفردات يناقض بعضهما الآخر، وهي ليست كذلك، الرضا والقناعة بما عليه أنت الآن والطموح لما سوف يكون في المستقبل، الخلط بينهما عمليا سيفقدك بريق السعادة، وقرأنا وسمعنا عن كثير ممن وصلوا مرحلة التقاعد وكانوا ضحايا على حد تعبيرهم لهذه المعضلة التي أقضت مضاجعهم وجعلت من ألوان طيف الحياة لديهم باهته لا تدعو للاستمتاع.

05 لا تخلو منظومة عمل من الفيروسات التنظيمية سواء محليا أو عالميا على سبيل المثال لا الحصر مثل المحسوبية والشللية وسرقة الإنجازات والبروباغندا الإعلامية المزيفة والقرارات الاعتباطية ... إلخ، أرجوك تعرف عليها جيدا اقرأ عنها تعلم تفاصيلها وآثارها السلبية على المديين القصير والطويل على المستوى الشخصي والمؤسسي، فهي بمثابة اللقاح بإذن الله إذا صدقت النوايا والتوجهات تحميك من الانخراط في مثل هذا الممارسات اللاأخلاقية.

06 إذا كانت رؤيتك للعمل الوظيفي أنه مجرد وسيلة لطلب الرزق فحسب، قف وأعد برمجة العقل لديك بأنها ليست مجرد وسيلة رزق فقط، وإنما أيضا مساحة تأثير مترامية الأطراف لأكون فيها التغيير الذي يريد أن يراه العالم، وأجزم لك بأن النجاح في إعادة البرمجة لهذه الجزئية سيكون له أثر على شخصك الكريم على المدى البعيد.

07 الشركات والمؤسسات الناضجة قياديا تعبر عن اهتمامها بموظفيها من خلال الاستثمار فيهم من خلال التطوير والتدريب لأنها تنظر إلى الموظف بأنه على رأس قائمة أهم الأصول لديها ومع ذلك لا تنتظر أبدا من المنظمة التي تنتمي إليها أن تكون حجر الزاوية في تطوير مسيرتك المهنية، خطط جيدا لنفسك واجعل مخصصا شهريا من أجل تطويرك العام والمهني وستعلم بعد حين أن ذلك كان أعظم الاستثمارات الحياتية.

08 مهما كانت الظروف العملية غير العادلة في نظرك أو تشعر بممارسات ظالمة تجاهك لا تجعلها تفقدك حس المواصلة في استمرارية الاحترافية في العمل لأنه بكل بساطة العدالة الإلهية ستظهر في رفع الظلم عنك أو في مكافئتك على عطاءاتك بشكل مباشر في محيط العمل أو بشكل غير مباشر في جوانب الحياة المختلفة.

09 تعامل مع كل زملائك في العمل بالاحترام والأخلاق الحسنة ولا تتجاوز حدود اللياقة الأدبية معهم مهما كانت طبيعة العلاقة الودية، وهذا يشمل أيضا مديريك في العمل، بخصوص مدير العمل كن محترما معه كبقية الزملاء ونفذ أجندات العمل التي يأمر بها وأرجوك انتبه من فيروس الاحترام المفرط الذي يظهر في صورة أن كل ما يقوله المدير صحيح أو يظهر في صورة (التسليك) كما نطلق عليه في لهجتنا الدارجة، أعتقد أن هذا السلوك مثير للقشعريرة ولا تقبله الذائقة الأدبية في التعامل عند المدير قبل الزملاء.

10 أخيرا لا تقدم المصلحة على المبدأ إذا اشتبكت الأمور، تقديم المصلحة قد يكسبك الموقف ولكن ستكون الخسائر الطويلة الأجل تلاحقك وستتفوق بالتأكيد على تلك المكاسب اللحظية، والعكس أيضا صحيح.

fahdabdullahz@