أحمد محمد الألمعي

الصحافة الطبية ودور الطبيب في التوعية

السبت - 06 مارس 2021

Sat - 06 Mar 2021

مع تزايد الخريجين من كليات الطب السعودية وتزايد أعداد برامج التدريب في المملكة، لاحظ بعض رؤساء برامج التدريب للتخصصات داخل المملكة وجود تفاوت في مستويات الخريجين، والحاجة إلى إعادة دراسة برامج كليات الطب، وحاجتنا إلى إعداد جيل من الخريجين الشباب بمستويات أقوى، خاصة أن هناك أعدادا كبيرة من الخريجين كل عام، يقتصر تدريبهم على برامج داخلية، بدون الفرصة إلى اكتساب خبرات عالمية في أوروبا وشمال أمريكا كما هو الوضع لكثير من الأطباء في المملكة، ضمن برامج وضعتها القيادة الحكيمة لرفع مستوى التدريب والكفاءة للأطباء السعوديين.

ويؤهلهم التدريب في الدول المتقدمة لاكتساب خبرات مختلفة وعالية. ويجب أن نضع في الاعتبار أن الخريجين في المملكة بصفة عامة مستواهم في المتوسط يعتبر الأول في المنطقة العربية، وتدل نتائجهم وقدراتهم عند عملهم في الخارج على ذلك.

أصبح وضع مسارات مخصصة للبحث العلمي حاجة ملحة، ويمكن تحقيق ذلك من خلال وضع برامج دكتوراه بحثية في كليات الطب بالتوازي مع برنامج كلية الطب الإكلينيكي، ليتخرج الطبيب أو الطبيبة بكالوريوس كلية الطب (M.D.) بالإضافه إلى (PhD) دكتوراه في البحث العلمي.

وفيما يختص بالنشر العلمي، فهناك أكثر من 4000 مجلة مفهرسة على قاعدة بيانات موقع (MEDLINE) للعلوم الطبية التي تحتوي على أكثر من 10 ملايين ملخص، وكمية تدفق المعرفة الطبية الحيوية الناشئة عن ذلك هائلة.

ولكن لسوء الحظ، هناك فجوة بين كمية المعلومات المتزايدة ونوعية الصحة العامة، ويرجع ذلك جزئيا إلى الصعوبة في إيصال هذه المعلومات إلى عامة الناس.

لاحظ محررو مجلة نيو إنجلاند الطبية مؤخرا أن المشكلة في «إيصال المعلومات الصحية ليست في البحوث نفسها ولكن في طريقة شرحها للجمهور». ولتسهيل تدفق البحوث والمعلومات الطبية ذات الصلة إلى الجمهور بشكل عام، نعتمد على مهارات الصحفيين الطبيين، وهذه مهنة نادرة وأعداد الأطباء في منطقتنا العربية ممن امتهنوا مهنة الصحافة والنشر قليل جدا بعكس الغرب.

ومن الملحوظ أن أغلب من يكتب عن الأبحاث والمعلومات الطبية حاليا ليسوا من الأطباء ولا يمتون لمهنة الطب بصلة، وينعكس ذلك أحيانا في نوعية الأخبار الطبية الرديئة وعدم تحري الدقة في نقل الأخبار، في أسلوب واضح هدفه الإثارة الإعلامية على حساب صحة ودقة المعلومة التي تنشر.

وانعكاسا لرغبة الجمهور الملحة للحصول على الأخبار الطبية، فإنه يتم الآن العثور على القصص الصحية بانتظام خاصة في الغرب، مثل الحصول على قصص صحفية في الصفحة الأولى وكقطع يومية في نشرات الأخبار التلفزيونية في أوقات الذروة. إضافة إلى ذلك، أدت الحاجة إلى مصادر موثوقة للأخبار الطبية في الولايات المتحدة الأمريكية إلى إصدار مجلة الاتصالات الصحية the Journal of Health Communication، وقسم الاتصالات الصحية في مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها (CDC)، وبرامج الدراسات العليا للتواصل الصحي المقدمة في 6 جامعات، وغيرها من الموارد. وبالتالي، فإن الصحفيين الطبيين لديهم فرص عمل متزايدة، وظهور أكبر، وإمكانية أن يكون لهم تأثير قوي وفعال.

ومن بين وسائل الإعلام المتاحة للوصول إلى مستهلكي وقارئي المعلومات الصحية الأمريكية: الصحف والمجلات والحوليات الطبية واللوحات الإعلانية والراديو والنشرات والرسائل البريدية. ويعد التلفزيون والإنترنت من أكثرها تأثيرا واتساعا. ويمكن توضيح فاعلية التلفزيون من خلال معرفه وجرد عدد المشاهدين المنتظمين للدراما الطبية مثل المسلسل الأمريكي «ER 3 » على شبكة إن بي سي؛ 32% تشير إلى أن المعلومات التي تلقوها من العرض تساعدهم على اتخاذ قرارات بشأن الرعاية الصحية لأسرهم. اللافت للنظر أن 12% من المشاهدين قد تواصلوا مع أطبائهم بسبب شيء رأوه في العرض التلفزيوني.

هناك نظام آخر واسع الاستخدام وهو الإنترنت، فهو يوفر الفرصة للحصول على أى معلومات على مدار الساعة، وعلى عكس عديد من الموارد الإعلامية الأخرى، فهو قادر على استيعاب الاستفسارات الصحية الشخصية من خلال الحصول على الإجابات لأسئلة مستخدمي الانترنت. تستمر هذه الكمية المتزايدة من المعلومات في التأثير على المجموعات المستخدمة للانترنت في المجتمع.

في حين أن كل طبيب ممارس هو أداة لتوصيل المعلومة الصحية، يختارها البعض كمهنة. عندما تأسست جمعية الكتاب الطبيين الأمريكية (AMWA : The American Medical Writers Association) في عام 1940، كانت عضويتها تتكون بالكامل تقريبا من أولئك الحاصلين على درجة دكتوراه (M.D.) في الطب.

على مدار السنوات الخمسين التالية، انخفضت عضوية الأطباء في AMWA بشكل كبير. ففي عام 1955، حصل 76% من الأعضاء على درجة الماجستير في الطب، ولكن في عام 1991 انخفض هذا الرقم إلى 9% فقط. توضح بيتي كولين «الرئيسة السابقة لـ AMWA»، أنه «مع تطور جمعية الكتاب الطبيين الأمريكية AMWA، دخل كتّاب غير أطباء للمجال، وجلبوا خبرات مختلفة. وبدأ يشعر الأطباء أنها لم تعد منظمتهم». منذ عام 1991، بدأ هذا الاتجاه في أخذ وجهة معاكسة، ومع زيادة عضوية AMWA بنسبة 20 % إلى 4000 عضو، يشكل الأطباء الآن 12.5% من جميع الأعضاء. هناك القليل من البيانات المتاحة لتقييم العدد الإجمالي للأطباء الكُتّاب الذين ليست لديهم علاقات بالمنظمات المهنية.

من العسير تحديد وظيفة الصحفي الطبي، إنه متخصص في مجالات متنوعة مثل التسويق والعلاقات العامة وتخطيط السياسات والإعلان وكتابة الخطابات والإنتاج وبرمجة الكمبيوتر. إنه يعمل في غرف الأخبار والشركات والمستشفيات والمنظمات غير الربحية والصناعات الترفيهية والمدارس والوكالات الحكومية ومنظمات صيانة الصحة وشركات الأدوية.

يقول ستيفن ج. بلوم Stephen J. Bloom، الأستاذ المساعد للصحافة في جامعة أيوا: «إذا كان للأطباء نفس سمات الصحفي الجيد حقا، فإنهم يساعدون في تقديم صورة أفضل للواقع». يتشارك الطبيب النموذجي والصحفي في صفات متشابهة: القدرة على إجراء مقابلة مركزة وموجهة نحو الحقائق، وإجراء فحص (جسدي) ذي صلة، وتجميع بيانات موثوقة ويمكن للتأكد منها، وتحليل سريع ودقيق، ووصف النتائج بشكل واضح وموجز وبطريقة غير منحازة.

بينما يقدم الأطباء مزايا فهم المصطلحات الطبية ولديهم خبرة سريرية لإرشادهم في نقل المعلومات الصحية إلى حد ما، فإنهم يفتقرون عموما إلى فوائد التعليم الرسمي في الصحافة. يحذر بلوم مما يلي: «لا تعتقد أنه يمكنك الدخول إلى غرفة التحرير وتصبح نجما فجأة». «لن تفعل درجة الطب أي شيء بالنسبة لك، إلا إذا أثبت أنك صحفي من الدرجة الأولى ولديك سجل حافل من القصص الطبية المكتوبة بشكل رائع والتي تم البحث عنها جيدا».

وطالما يوجد تباعد بين الحكمة الطبية وفهم العامة لها، سيكون هناك دور مهم للصحفي الطبي. وفقا لديفيد ساتشر، العضو المنتدب، الذي تم تعيينه مؤخرا باعتباره الجراح العام للولايات المتحدة «لقد وصلنا إلى نقطة حيث، ما لم نتمكن من التواصل مع أشخاص خارج الطب، لا يمكننا تحقيق الكثير من أهدافنا وغاياتنا».

في مجتمعاتنا العربية، خاصة في المملكة، هناك حاجة ملحة وفرصة كبيرة للبحث العلمي والنشر وإعداد جيل جديد من الأطباء لهذا الغرض، ويشمل ذلك الصحافة الطبية.

@almaiahmad2