خليل الشريف

حياة بلا أعذار

الخميس - 04 مارس 2021

Thu - 04 Mar 2021

عندما يغيب الإنجاز، وتضعف الهمة، ونؤجل العمل على الأهداف التي نتطلع لتحقيقها. تأتي الأعذار تباعا أعذار من كل صنف ولون.

إنها تأتي حتى تعطي لنا مبررا لما آلت إليه الأمور، ولنخفف مرارة العجز الذي نشعر به. لأننا قد لا نكون حققنا شيئا مهما في حياتنا، وأننا نتهرب دائما من طموحاتنا الكبيرة.

كتب خبير التنمية العالمي «واين داير» كتابا رائعا وثريا بعنوان «أوقف الأعذار» حيث ناقش فيه العديد من الأعذار التي نرفعها في وجه حياتنا وأهدافنا المستقبلية. فهناك من يتعذر بأن الأمر سيكون صعبا للغاية أو أنه مخاطرة، أو سيأخذ الأمر وقتا طويلا لتحقيقه، أو لا يمكنني توفير الموارد المالية لإنجازه، أو لم أفعل مثل هذا الأمر من قبل، أو العذر الأكثر انتشارا «أنا مشغول للغاية» أو لن أجد الدعم والمساندة الكافية، أو إنه طموح كبير للغاية. أو غيرها من الأعذار التي تعودنا تبنيها من أجل أن نبقى في دائرة الراحة والأمان، لكن دائرة الراحة والأمان في نهاية المطاف تجعل الحياة تتقادم علينا حيث لا جديد ولا تطور ولا إنجازات نوعية، ومن ثم يسبقنا الآخرون بينما نجلس في أماكننا نردد تلك الأعذار الواهية.

إننا بحاجة لوقف هذه الأعذار وشطبها من قاموس حياتنا وأن نستبدلها بوعي مستنير لا يخشى التجارب الجديدة، ويتطلع للنمو والتطور في كافة مجالات الحياة العملية والصحية والمادية والروحية. وأن نكون كاملي الاستعداد؛ حيث تصف كلمة (الاستعداد) مفهوما واسعا يبدأ بالاستعداد لتحمل المسؤولية كاملة عن ظروف حياتنا، فلا مكان للوم، ولا لإلقاء الأسباب المؤدية للفشل على الآخرين. كن مستعدا لتحمل مسؤولية كل جانب من جوانب حياتك؛ حتى صفاتك الشخصية، ونمط معيشتك، ودخلك المادي، ومستواك المعرفي، كل ما أنت عليه وكل ما تملكه (أو ما لا تملكه) وكل ما أتى في طريقك. أنت المسؤول عنه، نعم من السهل أن تلقي اللوم على أحد أو شيء آخر ولكنك حينما تختار حياة خالية من الأعذار ثم تبدأ بركل هذه الأعذار من حياتك نهائيا وللأبد؛ فإنك تضع عجلة قيادة حياتك بين يديك مجددا.

ومن أجل تحقيق تطلعاتك وأهدافك يجب أن تكون مستعدا لأي شيء. أن تكون مستعدا للعمل 12 ساعة يوميا على شغفك وطموحك. أن تكون مستعدا لترك محل إقامتك والانتقال لمدينة أخرى. أو أن تترك أسرتك للسفر من أجل إكمال دراساتك العليا. أن تستقيل من عملك للبحث عن عمل أفضل. أن تكون مستعدا للتخلي عن أوقات اعتدت قضاءها في النزهات ولقاءات الأصدقاء أو مشاهدة التلفاز أو متابعة المباريات والمسلسلات. هل أنت مستعد للكد والتعب من أجل طموحك؟ هل أنت مستعد للسهر على البحث أو الحفظ أو الكتابة؟ هل أنت مستعد أن تستثمر أموالك في مخاطرة تجارية مدروسة؟ هل أنت مستعد للتصدي لأي شخص أو موقف أو ظرف يحول بينك وبين ما تريد تحقيقه من إنجازات وأهداف؟

إن السر الكامن وراء النجاحات والأعمال العظيمة أمران رئيسان هما (التوقف عن الأعذار- الاستعداد الكامل لكل تبعات تحقيق النجاح). إن النجاح وسطوع النجم وبلوغ الرتب العالية ليس نزهة وليس عملا محفوفا بالمتع والرفاهية. صحيح أنه يجب أن يكون بشكل أولي شغفا حقيقيا للفرد، لكنه يتطلب دوما أن تنتهي الأعذار من حياتنا، وأن نحمل مسؤولية حياتنا على عاتقنا بشكل كامل وكلي ودائم.