تنقية التراث وتمحيصه
الثلاثاء - 02 مارس 2021
Tue - 02 Mar 2021
تمر المجتمعات والأمم والحضارات بتحولات ثقافية وفكرية واجتماعية كبيرة تجعل التمحيص للثقافة السائدة ضرورة ملحة وحاجة لازمة من لوازم التطور والتحول الذي لا بد منه لكل شيء، ولا سيما الثقافات ذات البعد التاريخي والتراكم الكمي الضخم والمعرفي المغرق في القدم، الذي توارثته الأجيال وعظمته لمرور الزمن وتقديرا لإبداعات أسلافهم حين تعددت معارفهم وإسهاماتهم في بناء صروح ثقافية ضخمة تضرب في عمق الذاكرة الاجتماعية، وتلك نتيجة طبيعية للبعد التاريخي الذي يعطي الموروث قيمة واحتراما.
ولما يعتري التراث العريق من تراكمات يختلط فيها الغث والسمين والحق والباطل، وصراعات تتركها عصور طويلة من التراكم الفكري والاختلاف المعرفي وتعدد المصادر والتنوع في المسيرة الثقافية وما تحكم به الظروف التي تمر بها الأمة، فإن مراجعة التراث وتمحيصه مهمان كالاهتمام بتبجيله والمحافظة عليه والاعتزاز به، لأن في التراث ما يجب أن يقرأ للعبرة والعظة وليس للعمل به، ومنه ما يجب أن يبقى ويعتنى به وهو القليل.
في حال الخيار بين ما يعتنى به وما يترك لا بد من النظر في أهمية مجمل التراث الماضي، وأعمال النقد والمراجعة والفحص لما يحمل التراث من ناتج الحقب الخوالي، ويجب الفرز الواعي لكل ما جاء فيه واستصحاب ما يمكن الإبقاء عليه بمعرفة وحذر، بحيث لا يصير الماضي هو الذي يقود المستقبل ويوجهه، كما يجب تجاوز الكثير الذي صنعته قرون بعيدة لظروف مختلفة وأجيال ماضية ومعارف تغير العمل بها، وتحولت الحاجة عنها.
ومعلوم أن الزمن لا يعطي التراث حصانة ولا قداسة ولا يلزم به، وإن لزم احترام بعض ما جاء فيه فلا يلزم العمل به جملة دون تفصيل وتمييز، والتمسك بمجمل التراث العريض قد يعوق حركة الحاضر ويحبط تقدمه ويحدث إخلالا في منظومة القيم الاجتماعية الموروثة.
وما تحتاجه الحياة الحاضرة هو إبداع وإحداث عادات ومعارف وقيم تلبي متطلبات المعاصرة ويحتاج الناس إليها، ولا شك أن لكل زمان ما يحتاج من العلوم والمعارف والقيم، والالتفات للماضي والبحث فيه قد يلهيان الناظر ويعطلان التفكير في ما يصلح للحاضر.
والتراث النظري قابل للأخذ والرد ولا يوجد فيه قول واحد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بل توجد أقوال كثيرة وتفسيرات شتى واختلافات وتباين في الفهم والإدراك، وتوجد نصوص وأحداث واجتهادات انتهى العمل بها، وأصبحت جزءا من الماضي لا يمكن أن يعمل أو يوظف للحاضر أو يستفاد منه.
والنص النظري يدور في مساحة واسعة من الاحتمالات وما يتعلق بها من تفسيرات لا حدود لها في بعض الدلالات والمعاني، وما تقوم به حجة فريق تنقضها حجة فريق آخر، وقد رافق الاختلاف الثقافة العامة في كل العصور، ولا سيما الثقافة ذات البعدين التاريخي والديني مثل الثقافة العربية.
وأخطر ما تقوم به الأمة في مرحلة من مراحل تكوينها المستقبلي هو محاولة تبييض تاريخها الثقافي وتنظيفه مما علق به وتزكيته لحاضرها والتعلق به وتقبله كما هو والدفاع عما فيه من الهفوات والانحرافات، وليس ذلك في صالحها ولا في صالح التراث الذي تريد المحافظة عليه، صحة التراث وعافيته واستمرار النافع منه تكون في تنقيته مما علق به من أدران الماضي، وترك ما لا يواكب الحاضر ولا يتسق مع متطلباته.
Mtenback@
ولما يعتري التراث العريق من تراكمات يختلط فيها الغث والسمين والحق والباطل، وصراعات تتركها عصور طويلة من التراكم الفكري والاختلاف المعرفي وتعدد المصادر والتنوع في المسيرة الثقافية وما تحكم به الظروف التي تمر بها الأمة، فإن مراجعة التراث وتمحيصه مهمان كالاهتمام بتبجيله والمحافظة عليه والاعتزاز به، لأن في التراث ما يجب أن يقرأ للعبرة والعظة وليس للعمل به، ومنه ما يجب أن يبقى ويعتنى به وهو القليل.
في حال الخيار بين ما يعتنى به وما يترك لا بد من النظر في أهمية مجمل التراث الماضي، وأعمال النقد والمراجعة والفحص لما يحمل التراث من ناتج الحقب الخوالي، ويجب الفرز الواعي لكل ما جاء فيه واستصحاب ما يمكن الإبقاء عليه بمعرفة وحذر، بحيث لا يصير الماضي هو الذي يقود المستقبل ويوجهه، كما يجب تجاوز الكثير الذي صنعته قرون بعيدة لظروف مختلفة وأجيال ماضية ومعارف تغير العمل بها، وتحولت الحاجة عنها.
ومعلوم أن الزمن لا يعطي التراث حصانة ولا قداسة ولا يلزم به، وإن لزم احترام بعض ما جاء فيه فلا يلزم العمل به جملة دون تفصيل وتمييز، والتمسك بمجمل التراث العريض قد يعوق حركة الحاضر ويحبط تقدمه ويحدث إخلالا في منظومة القيم الاجتماعية الموروثة.
وما تحتاجه الحياة الحاضرة هو إبداع وإحداث عادات ومعارف وقيم تلبي متطلبات المعاصرة ويحتاج الناس إليها، ولا شك أن لكل زمان ما يحتاج من العلوم والمعارف والقيم، والالتفات للماضي والبحث فيه قد يلهيان الناظر ويعطلان التفكير في ما يصلح للحاضر.
والتراث النظري قابل للأخذ والرد ولا يوجد فيه قول واحد لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، بل توجد أقوال كثيرة وتفسيرات شتى واختلافات وتباين في الفهم والإدراك، وتوجد نصوص وأحداث واجتهادات انتهى العمل بها، وأصبحت جزءا من الماضي لا يمكن أن يعمل أو يوظف للحاضر أو يستفاد منه.
والنص النظري يدور في مساحة واسعة من الاحتمالات وما يتعلق بها من تفسيرات لا حدود لها في بعض الدلالات والمعاني، وما تقوم به حجة فريق تنقضها حجة فريق آخر، وقد رافق الاختلاف الثقافة العامة في كل العصور، ولا سيما الثقافة ذات البعدين التاريخي والديني مثل الثقافة العربية.
وأخطر ما تقوم به الأمة في مرحلة من مراحل تكوينها المستقبلي هو محاولة تبييض تاريخها الثقافي وتنظيفه مما علق به وتزكيته لحاضرها والتعلق به وتقبله كما هو والدفاع عما فيه من الهفوات والانحرافات، وليس ذلك في صالحها ولا في صالح التراث الذي تريد المحافظة عليه، صحة التراث وعافيته واستمرار النافع منه تكون في تنقيته مما علق به من أدران الماضي، وترك ما لا يواكب الحاضر ولا يتسق مع متطلباته.
Mtenback@