الصف الثاني
الاثنين - 01 مارس 2021
Mon - 01 Mar 2021
في مرة وأثناء أدائنا للصلاة، نسي الإمام القراءة وسكت برهة منتظرا أحدا من الذين خلفه مباشرة أن يعينه على إكمالها.
ولكن الذي حدث أن الصوت جاءنا من طرف المسجد! واضطر صاحبنا هذا أن يرفع صوته نظرا لكبر المسجد حتى يسمعه الإمام. ما أعرفه، ولست فقيها في الدين، أن المنطقة التي خلف الإمام مباشرة يفضل أن يتواجد بها حفظة للقرآن، حيث ورد في كتب السنة استحباب قرب أولي الأحلام والنهى من الإمام. فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «لِيَلِني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
هذا الموقف يبين أهمية كفاءة من يتوسم فيه الإنابة وحمل المسؤولية ومن ثم تقريبه في حالة حدوث طارئ لأي سبب كان. إداريا هؤلاء الأشخاص هم من يعرفون بالصف الثاني داخل المنظومة. هم موظفون مؤهلون لحمل شعار المسؤولية والقيام بالمهام الإدارية في أي لحظة تحتاجهم فيها المؤسسة والتي تعتبر المرحلة الأولى لهم في ترقي السلم الإداري.
مع ما يعيشه العالم من وضع اقتصادي صعب نتيجة لجائحة كورونا، والذي أدى إلى خلق فجوة إدارية داخل المؤسسات، نتيجة وجود نقص في الكفاءات الإدارية، إما بسبب التقاعد أو خفض الوظائف وتوفير المصروفات من أرباب الأعمال؛ تبرز أهمية وجود الصف الثاني المعد سلفا لمثل هذه الظروف.
بشكل عام الموظفون لديهم اعتقاد راسخ بأن الأقدمية وسنوات الخدمة هي المقياس الذي يؤهلهم حتى يكونوا من الصف الثاني وكأنه حق مكتسب. بالمقابل في الحديث الشريف آنف الذكر وضع شروطا لهؤلاء الأشخاص (أولوا الأحلام والنهى) مع عدم أغفال حق من بكروا في استجابة نداء الصلاة المفروضة، وهذا من الحث على الإسراع إلى فعل الخيرات بشكل عام. أما في بيئة العمل فالتحدي الأكبر للإدارة والقادة هو اكتشاف الكفاءات المؤهلة لتكون من الصف الثاني بصرف النظر عن اعتقاد الموظفين.
من المتعارف عليه داخل المؤسسات أن المدير المباشر الذي يتعامل مع الموظفين مباشرة هو أفضل شخص يستطيع أن يرشح المؤهل من موظفيه ليكون من هؤلاء، ولكن من المهم جدا ألا يترك الأمر هكذا. لا يفترض الاكتفاء والاعتماد على المقاييس الشخصية subjectivity بل من المهم والضروري إدخال المقاييس الموضوعية objectivity عند الاختيار. لذلك أُنشئت الكثير من الوسائل والطرق للمساعدة على تحقيق ذلك، ومنها الدراسة الاستقصائية 360 درجة – 360 Survey by Korn Ferry». وهي دراسة تركز على السلوكيات وتتكون من سيناريوهات متعددة داخل المجتمع الوظيفي وكيف يتصرف الشخص حيالها من وجهة نظر الآخرين.
نحن كأشخاص نعتقد أننا نتمتع بوعي ذاتي عن أنفسنا، ولكن الحقيقة المؤسفة هي أن التقييمات الذاتية بالنسبة للعديد منا هي الأقل دقة في الواقع. نتائج الدراسة تتيح لنا رؤية أنفسنا كما يراها أشخاص آخرون وذو مستويات وأدوار وظيفية مختلفة. عادة يقيم الناس أنفسهم بناء على نواياهم «intension»، ويقيمهم الآخرون بناء على سلوكهم «behaviors»، مما يؤدي إلى إصابة الموظفين بالإحباط والضبابية ومن ثم وجود نقاط عمياء حيال مستقبلهم الوظيفي. هذه النقاط هي نقاط الضعف التي يمكن العمل على تطويرها مع اكتشافها مبكرا إما لتجهيز قادة جدد أو إعادة الحياة لمسار قادة وهَنوا مع مرور الوقت.
قد يسأل أحدنا: لماذا من المهم الحصول على تقييمات من مجموعات مختلفة من المقيمين؟ لأن هناك نوعا من القادة يتصرفون مع رؤسائهم بطريقة جيدة ومع المجموعات الأخرى (زملاء، مرؤوسين أو زبائن) بشكل مختلف تماما وقد يكون قاسيا. والعكس صحيح، هناك من يدعم الآخرين من مرؤوسين وزملاء بشكل كامل، لكن لا يتواصلون مع رؤسائهم بشكل جيد.
على أي حال إن تجهيز الصف الثاني ضروري جدا لتأمين ما أسميه استدامة الإدارة Management Sustainably حتى لا تتأثر المقومات الثلاثة للاستدامة داخل المؤسسات، وهي المجتمع الوظيفي وبيئة العمل والمالية ومن تتأثر إنتاجية المنظومة به بشكل عام.
@msnabq
ولكن الذي حدث أن الصوت جاءنا من طرف المسجد! واضطر صاحبنا هذا أن يرفع صوته نظرا لكبر المسجد حتى يسمعه الإمام. ما أعرفه، ولست فقيها في الدين، أن المنطقة التي خلف الإمام مباشرة يفضل أن يتواجد بها حفظة للقرآن، حيث ورد في كتب السنة استحباب قرب أولي الأحلام والنهى من الإمام. فقد قال رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم «لِيَلِني منكم أولو الأحلام والنهى ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم».
هذا الموقف يبين أهمية كفاءة من يتوسم فيه الإنابة وحمل المسؤولية ومن ثم تقريبه في حالة حدوث طارئ لأي سبب كان. إداريا هؤلاء الأشخاص هم من يعرفون بالصف الثاني داخل المنظومة. هم موظفون مؤهلون لحمل شعار المسؤولية والقيام بالمهام الإدارية في أي لحظة تحتاجهم فيها المؤسسة والتي تعتبر المرحلة الأولى لهم في ترقي السلم الإداري.
مع ما يعيشه العالم من وضع اقتصادي صعب نتيجة لجائحة كورونا، والذي أدى إلى خلق فجوة إدارية داخل المؤسسات، نتيجة وجود نقص في الكفاءات الإدارية، إما بسبب التقاعد أو خفض الوظائف وتوفير المصروفات من أرباب الأعمال؛ تبرز أهمية وجود الصف الثاني المعد سلفا لمثل هذه الظروف.
بشكل عام الموظفون لديهم اعتقاد راسخ بأن الأقدمية وسنوات الخدمة هي المقياس الذي يؤهلهم حتى يكونوا من الصف الثاني وكأنه حق مكتسب. بالمقابل في الحديث الشريف آنف الذكر وضع شروطا لهؤلاء الأشخاص (أولوا الأحلام والنهى) مع عدم أغفال حق من بكروا في استجابة نداء الصلاة المفروضة، وهذا من الحث على الإسراع إلى فعل الخيرات بشكل عام. أما في بيئة العمل فالتحدي الأكبر للإدارة والقادة هو اكتشاف الكفاءات المؤهلة لتكون من الصف الثاني بصرف النظر عن اعتقاد الموظفين.
من المتعارف عليه داخل المؤسسات أن المدير المباشر الذي يتعامل مع الموظفين مباشرة هو أفضل شخص يستطيع أن يرشح المؤهل من موظفيه ليكون من هؤلاء، ولكن من المهم جدا ألا يترك الأمر هكذا. لا يفترض الاكتفاء والاعتماد على المقاييس الشخصية subjectivity بل من المهم والضروري إدخال المقاييس الموضوعية objectivity عند الاختيار. لذلك أُنشئت الكثير من الوسائل والطرق للمساعدة على تحقيق ذلك، ومنها الدراسة الاستقصائية 360 درجة – 360 Survey by Korn Ferry». وهي دراسة تركز على السلوكيات وتتكون من سيناريوهات متعددة داخل المجتمع الوظيفي وكيف يتصرف الشخص حيالها من وجهة نظر الآخرين.
نحن كأشخاص نعتقد أننا نتمتع بوعي ذاتي عن أنفسنا، ولكن الحقيقة المؤسفة هي أن التقييمات الذاتية بالنسبة للعديد منا هي الأقل دقة في الواقع. نتائج الدراسة تتيح لنا رؤية أنفسنا كما يراها أشخاص آخرون وذو مستويات وأدوار وظيفية مختلفة. عادة يقيم الناس أنفسهم بناء على نواياهم «intension»، ويقيمهم الآخرون بناء على سلوكهم «behaviors»، مما يؤدي إلى إصابة الموظفين بالإحباط والضبابية ومن ثم وجود نقاط عمياء حيال مستقبلهم الوظيفي. هذه النقاط هي نقاط الضعف التي يمكن العمل على تطويرها مع اكتشافها مبكرا إما لتجهيز قادة جدد أو إعادة الحياة لمسار قادة وهَنوا مع مرور الوقت.
قد يسأل أحدنا: لماذا من المهم الحصول على تقييمات من مجموعات مختلفة من المقيمين؟ لأن هناك نوعا من القادة يتصرفون مع رؤسائهم بطريقة جيدة ومع المجموعات الأخرى (زملاء، مرؤوسين أو زبائن) بشكل مختلف تماما وقد يكون قاسيا. والعكس صحيح، هناك من يدعم الآخرين من مرؤوسين وزملاء بشكل كامل، لكن لا يتواصلون مع رؤسائهم بشكل جيد.
على أي حال إن تجهيز الصف الثاني ضروري جدا لتأمين ما أسميه استدامة الإدارة Management Sustainably حتى لا تتأثر المقومات الثلاثة للاستدامة داخل المؤسسات، وهي المجتمع الوظيفي وبيئة العمل والمالية ومن تتأثر إنتاجية المنظومة به بشكل عام.
@msnabq