عبدالحليم البراك

أرواحنا أوطاننا لن نتنازل عنها

الاثنين - 01 مارس 2021

Mon - 01 Mar 2021

الانحياز للوطن ليس خيارا لي كمواطن، والوقوف معه ليس مجالا للتفكير فيه، كما ليس مجالا للتفكير أيضا أن أكون سدا أو عودا في حزمة الانتماء للوطن، بل هو الواجب بعينه، والوقوف معه في كل الحالات هو الوطنية بعيدا عن أي تعريفات أخرى، فالوطن هو الإنسان السعودي وعدا ذلك غدر، والوطن الآمن لا يؤمِّن أمنه إلا أبناؤه ولن يأتيك أمنك على شكل هدايا أو وصايا أو نصائح من الخارج، فالخارج عدوك حتى لو ابتسم لك، واختبارات الانتماء لا تأتي أيام الرخاء والسعة، بل تأتي أيام الشدة، ولا شدة على هذا الوطن الغالي؛ إذا ما كان الوطن لدى أبنائه أولوية مطلقة؛ وليس خيارا يفاضل بينهما الناس، وإن اختلافنا – مهما اختلفنا – لا يفرقنا مطلقا (نختلف و لا نفترق)، بل إن اختلافنا هو قوتنا في تنوعنا وانتمائنا للوطن، والمتأمل سيجدنا كيف نختلف ونتفق على الوطن، نتقاذف الحوارات وتتحد الأفعال في الوقوف والانحياز للأرض والعَلم أمام كل من أظهر أنياب القوة، فإن ثمة أنيابا أخرى لنا ندافع فيها عن وحدتنا وأرضنا.

الوطنية تتجلى في أقوى صورها في تعبير الإنسان عن وحدته الوطنية والانتماء وقت ما يحتاج الوطن إلى كلماتك ووقوفك وأحيانا صمتك، وذكائك، فلا يكن عدوك أذكى منك، فيستغل صوتك بدواعي شعارات واهية ضد وطننا وانتمائنا؛ بحجة الرأي الآخر أو بأي حجة أخرى، وهذا لا يعني أن صوتك ليس جزءا من وطننا، وأن نقدنا يقوينا ولا يضعفنا، بل هو كذلك، لكن الحصافة أن نعرف متى يحدث هذا، ومتى يحدث ذاك، وكيف يتم هذا وبوعي تام، وهذا الوعي هو سلسلة من إدراك ماضي الأرض التي نحن عليها، وماضي المتربص بنا، وواقعنا الحاضر الذي نعيشه، واستشراف مستقبلنا في وطننا، واستشراف أيضا نوايا الآخرين بنا التي يجب ألا نخونها، لكن لا يجب أن نثق بها ونتكل عليها، وألا نكون «خبا ولا الخب يخدعني».

إن أسوأ ما يمكن أن يتخيله الفرد أن يكون عونا على ظلم وطنه، أو أداة تم استغلالها في غفلة من ذكائه في الضغط على أرضه وأهله بحجج واهية هي أقرب ما تكون لشعارات الحضارة وليست هي الحضارة، وتحت دعاوى التغيير وهي أقرب للفوضى والقلق، في وقت يحرص الآخر على وحدته الوطنية والحد من القلق في أمن وطنه، ولذلك على من تصدى للشأن العام أن يكون بحجم المسؤولية والكلمة التي يلقيها، وليست عواهن الحديث غير المسؤول الذي تأكل منه قوى الظلم والاستغلال العالمي تحت أغطية غير مسؤولة.

إن حسن النية هو من سمة سلامة القلب التي نشتهر بها هنا، ولكن هذا لا يكفي، فإن سلامة القلب تحتاج قليلا من الحصافة والذكاء والفطنة وتأمل نوايا الآخر، وإيثار سلامة الوطن والناس والقيادة قبل أي شيء آخر، وأن يكون الواقع المعاصر أولوية تقديرية عند أي تداول لأحاديث هي من كلام الناس التي هي لحمة وطن وملحمة إنجاز وأمن وأمان هذا البلد وأهله.

ففي وقت يأمل الناس كلهم ألا نحتاج التأكيد على لحمتنا الوطنية لأنها جزء من تركيبتنا ودمنا ولحمنا ويومنا وعملنا اليومي، بل ووعينا الذهني أيضا، لأننا نعي حجم الوطن وحاجتنا إليه، إلا أن ثمة رغبة في التذكير بأننا مستهدفون بأمننا واقتصادياتنا ووحدتنا، ولا عاصم لنا إلا الله ثم أنفسنا، فلن يقدم لك أحد شيئا مجانا، فالوطن بقيادته وشعبه وأرضه وسمائه ووطنه هو روحنا التي لن نتنازل عنها ولن نسمح لأحد بالعبث بها!

Halemalbaarrak@