شاهر النهاري

طموحات رغد صدام حسين

الاثنين - 01 مارس 2021

Mon - 01 Mar 2021

تابعنا المقابلة الوثائقية لابنة صدام حسين رغد، والتي قدمتها قناة العربية وجبة دسمة مشبعة بالمعلومات، والتشويق، والتعمق، والعبرة للشعوب العربية وحكامها.

وقد اختلفت الآراء حيال ما ورد فيها، بين مؤيد ومعارض، وحاقد، وفضولي ومجروح، ومن يؤكد وجود مؤامرة، أو عمليات تجميل وتشويه.

وجدنا امرأة عربية أصيلة قوية، خرجت من مخطوطات التاريخ والبطولات، ومواجهة الكوارث الحزينة والقاتلة بصبر وسمو، فحكت بمنتهى الرزانة، وفصلت، وأثبتت لمن حضروها، أنها خنساء العصر تبكي أشقاءها، ووالدها وزوجها بصمت وكبرياء، وهي تحاول رص الحقائق فوق منصات التاريخ، بعزة من لا يستجدي التعاطف، فالأقدار قد حكمت، والتمني باستعادة الماضي وتعديله لم يعد بالمقدور.

إنسانة استعادت الأحداث بيقين لا يبلغ الكسر، ولا تلويث الوجود، ولا كيل التهم أو الاعتذار لأحداث الماضي، ودون إظهار نفسها بشكل مختلف عما هي عليه في وعيها وواقعها ومشاعرها وطموحاتها.

صدام حسين شخصية عظيمة استثنائية، سواء اتفقنا أو اختلفنا على ما فعله في حياته، وواقع وجود تسجيلاته كتب مفتوحة، بداية ببلوغه الشباب والحماس والسلطة المطلقة، ثم الكيد لأعدائه حينما دحر الفرس، وسيطر على أرض الرافدين بوابة الشرق، تلك الأرض الغنية بشعبها وخيراتها، وتاريخها، وكنوز تراثها، وحقيقة أنها عين الدموية، والشقاق الدائم، فحكمها خمسا وعشرين سنة، انتهى وجوده بعدها وانتهت معه فرص العودة للتصحيح، ومعرفة قدر الصديق.

رغد فصلت كل الأحداث من موقع رؤيتها، وأشعرتنا أنها ما تزال تعيشها، بشموخ وسكينة ويقين، وقدرة على فصل الذات عن الغرور، بما يستجد ويختلج في جوفها حاليا، فلكل أوان أذان، ويستحيل الجمع بين الحياة، وبين سوداوية الدموع والمآسي، والحنين، وتمني اختلاف النهايات.

سألها المذيع إن كانت تفكر في المشاركة السياسية بشكل أو بآخر، وجعلها السؤال تشرئب وتبتسم، وتسأل إن كانت عراقية أم لا؟ وعقبت: لماذا لا يكون لدي طموح سياسي في وطني؟

نصيحتي المخلصة لرغد أن تبتعد، وألا تحاول لمس أتون العراق السياسي، الذي لن يقبل بها، وسيجعلها تعيش حكايات عجبا تشابه فصولها بعض مآس دامت طوال التاريخ الإسلامي القديم، وتستعيد كوارث ما حصل لكل من حكم العراق الحديث منذ أن كان مملكة، ثم جمهورية، وحتى يومنا.

كم من حاكم غدر به أقرب الناس إليه، وكم منهم تم اغتياله سخطا، وكم منهم سحل في الشوارع، وكم منهم وجد ذات مصير الحسين رضي الله عنه، والأتون يلتهب، والحطب يستحضر من كل اتجاه، فلا تتوقف المآسي.

العراق مني بمعضلة قربه من أرض الفرس، الغادر حكامهم، بعنصريتهم، فلا يتركون العراق بحاله منذ فجر التاريخ، وقد تعاظم ذلك بتداخل مصالح عمائم الجانبين، ومشاركة المزارات، والعبر موجودة لو تتبعناها.

كل من أتى بعد صدام، كان إما تابعا لطهران، أو يخشى غضبها وغدرها، أو أنه جزء من مخططها الاستعماري القادم.

الشعب العراقي يعول اليوم على رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، والعالم أجمع يشهد مدى كرب معاناته، وحقد قادة الجماعات عليه، وخيانات الميليشيات الإيرانية المسلحة له، والعراق يخرج من جحر ليجد أمامه مئات الحفر.

يا رغد نعرفك وإن لم تضعي العمامة، وقد شهدناك وتعاطفنا معك، ومع قضيتك، ولكنا نخشى أن تصبحي أنت وذريتك قضية لأهل الشقاق والنفاق، وهدفا لأعوان الفرس الخونة.

@shaheralnahari