أحمد سهيل

أن تعرف سبيلبرغ لا يجعل منك سينمائيا جيدا

الاحد - 28 فبراير 2021

Sun - 28 Feb 2021

تحقق أخيرا صنّاع الفيلم السعودي طوال السنوات العشر الأخيرة من كتابة أسمائهم على قائمة التجارب السينمائية التي افتتحت بالرواد منذ خمسينيات القرن العشرين، والتي لم تغادر حتى الآن مكانتها القديمة، صنّاع الأفلام الذين ذهب بعضهم الأكثر إلى تقمص أدوارٍ برأيي الشخصي لا تليق بفكر وثقافة بيئة هؤلاء ولا بكم المعرفة التي جاؤوا بها من الخارج.

كانت اللغة أول انتصارات صناع الأفلام - ذوي الخلفية الأكاديمية تحديدا، مشاركة مع المهووسين بها ممن عرفوا السينما قبل وبعد ذلك، تجدهم في المجالس فيما بينهم، في التجمعات الثقافية والفنية وفي دور العرض مؤخرا، مشغولون بتداول تجارب بعضهم البعض في إطار غربي دخيل لا يمت للفن بصلة.

حِراكٌ يكتسحه التنظير بالمصطلحات الإنجليزية السينمائية وبأسماء لمخرجين من أمريكا وبريطانيا، ومن كوريا واليابان، وأسماء لنقاد فرنسيين وروس وسينما بلاد المئة فن التي لم أجد لها صيتا على خارطة العالم، كما لو أنني في حفلة تنكرية وددت لو كنت شجاعا حينها فأمزق تلك الوجوه التي كانت عليهم وليست لهم.

اللغة سيدي المبدع جزء من أي مؤامرة إبداع، ولكن لم يكن ليقف عليها الإبداع كونها ليست أساسية، كما أنها ليست مصدرا للإلهام. أن تعرف سبيلبرغ لا يجعل منك سينمائيا جيدا في نهاية اليوم.

هناك دور آخر يعتمده بعض السينمائيين والنقاد الناشطين أيضا حتى يومنا هذا، ليس في السعودية فحسب أو الخليج أو حتى عالمنا العربي، إنما في العالم أجمع وهو «اتباع القواعد».

وكوني معنيا بالسينما السعودية فإني أُجرّئ نفسي على القول بأن جميع من مرّ على الصناعة السينمائية منذ عهدها هنا، لم يخرجوا عن المألوف، بل وكما ذكرت في مقال سابق أن هناك قيودا وضعت وقواعد بنيت عليها السينما السعودية، فتشابهت على إثرها التجارب بشكل كارثي بدءا بالقصة «الفكرة»، التي ارتبطت بها العملية البحثية الشبه معدومة وانتهاء بعملية نقل المحتوى المكتوب إلى صورة.

ويمكننا التأكد من جميع الأفلام التي تمت صناعتها حديثا وملاحظة الطابع في القصة والتخصصات التقليدية التي حُصرت بها شخصيات الفيلم المصنوع، لمساعدة القصة، ثم الانتقال إلى البطء الواضح في أغلب العمليات الإخراجية، وذلك لإثبات صحة ما لم أذكره وحيدا.

لست أكتب ناصحا، فعلاقتي بالنصح غير جيدة ولا أقول إني ناقد وأدّعي فألبس ثوبا ليس لي، إنما لدي علم قليل، اكتسبته بعد سنوات كانت الأجمل في حياتي مع السينما وكتابة النصوص السينمائية الرديئة الجودة، رفضت أن تكون لي فيها بداية أكاديمية وفرضت فيها مع الزمن أسلوبا مواكبا لقواعد أساسية، لا تشبه تلك!

وإني أقول إن وُجد هناك رجلٌ مثلي في مكانه هذا بعلمه هذا! فإنه بلا شك هناك من هو أجدر مني ومنكم لوضع القواعد الجديدة والتحكيم بمقتضاها لتحقيق العملية الإبداعية، بقصد أن هناك صنّاعا جددا لديهم الرؤية والقدرة على بناء تلك القواعد الجديدة، يوازيها جرأتهم على كسرها في أي وقت إن تطلب الفن ذلك.