عبدالله قاسم العنزي

الباعة المتجولون.. مشكلة نظامية أم اقتصادية

الاحد - 28 فبراير 2021

Sun - 28 Feb 2021

الفقر ظاهرة اجتماعية يعاني منها كل مجتمع في العالم مهما بلغت درجة نموه وازدهاره، وإن تفاوتت حدته وانتشاره ونسبة من يعانون منه إلى إجمالي السكان من بلد إلى آخر.

وعلى أية حال لا ينظر إلى الفقر بأنه مسألة شخصية يتسبب فيه ويتحمل عواقبه الشخص نفسه نتيجة تصرفاته التي أوقعته في دائرة الفقر، حيث إن هذه النظرة القاصرة تكون في مجتمع تسود فيه الأنانية وحب الذات والفردانية، أما المجتمع المتكافل بين أفراده ومؤسساته فتنظر إلى الفقر بأنه مسؤولية مجتمع وليست مشكلة فرد.

ومن بعض وسائل معالجة الفقر لبعض أفراد المجتمع البيع المتجول لسد احتياجه المالي، كما أن انتشار مثل هذه الأنشطة والسلوك موجود في مختلف دول العالم ويدخل بعضها ضمن الاقتصاد غير الرسمي للدولة، أي غير المنظم، وبعضها يدخل ضمن الاقتصاد المنظم والمصرح له من قبل الدولة.

ولدينا في المملكة صدرت بهذا الخصوص بعض الضوابط والتعليمات لتنظيم عمل وممارسة الباعة المتجولين السعوديين كاللائحة التنظيمية للباعة المتجولين، وغيرها من التعليمات التي تؤكد على الجهات التابعة للأمانات بإعطاء الفرصة للمواطنين السعوديين العمل في هذا المجال، إلا أننا نشاهد بين الحين والآخر حملات من بعض الأمانات على هؤلاء الباعة!

والسؤال الذي نطرحه في ظل محاولة منا جميعا كأفراد مجتمع ومؤسسات معالجة مشكلة الفقر لاعتبار أن الفقر ينتج عن مزيج من الأسباب فبعض الفقراء هم بالفعل المتسببون في معاناتهم الشخصية! والبعض الآخر الظروف أقوى منهم على الرغم من رغبتهم بالتخلص من الفقر.

وهؤلاء هم شريحة الباعة المتجولين ومن ثم سياق السؤال: لماذا لا يعطى المواطن الفرصة ليتمكن من معالجة مشكلته المالية من البيع والتكسب بالطرق المشروعة من خلال عرض بضاعته في مواقع مناسبة وبصورة لا تشوه المنظر العام؟ بل من وجهة نظري أنها تضيف طابعا حضاريا وسياحيا يعكس البيئة التراثية لأي مدينة من مدن المملكة.

الجواب بالتأكيد من الجهات المعنية بأن الباعة لا يلتزمون بالأماكن المخصصة، وهذا يدعونا إلى النظر إلى بعض الأماكن المخصصة والتي نجدها – للأسف - لا تحقق المتوقع للبائع المتجول، لأن اختيار الموقع الصحيح عنصر رئيس ومهم لكسب البائع المتجول.

إذا هناك قصور واضح في اختيار المواقع، مع العلم أننا نشيد بجهود الأمانات في تحديد بعض المواقع الموسمية التي استفادت منها الكثير من الأسر، ولكن لا تزال مشكلة الباعة المتجولين لم تعالج بشكل واضح يعيه البائع نفسه ويعرف حقوقه وما هي المحظورات النظامية عليه، و لا يزال تحديد الأماكن التي خصصتها بعض الأمانات بطرق غير مدروسة تدفع بعض الباعة إلى عدم التقيد بالأماكن المخصصة.

وفي الختام، من الضروري توفر معلومات وبيانات دقيقة عن عدد الباعة وحجم تجارتهم ونوعها، وفتح قنوات اتصال مع كل من لديه الرغبة بممارسة مثل هذه الأنشطة والتوعية بها ونشرها على وسائل التواصل ثم على ضوء ذلك تحدد المواقع، وفق ثقافة كل مدينة ومحافظة وتطورها العمراني حتى نعالج مشكلة الكر والفر بين الباعة السعوديين وموظفي البلديات.

expert_55@