أمين شحود

احتيال متجدد وخدعة الثراء الفاحش

السبت - 27 فبراير 2021

Sat - 27 Feb 2021

استقبلنا بابتسامة ورحب بنا ترحيبا شديدا، سألنا عن أهدافنا وطموحاتنا.. تكلم عن مصاعب الحياة ثم قال بحماس وبهجة: ما رأيكم لو أصبحتم أثرياء جدا بأسرع وأبسط الطرق؟ سرحت بخيالي.. ما الذي يمكن أن يحدث لو أصبحت ثريا جدا؟ يا له من شعور جميل! سأسأفر شرق الأرض وغربها

سأعبر البحار والجبال والمحيطات.. وسأستأجر طائرة.. لا لا لن أستأجر، بل سأشتري طائرة خاصة وأجعل بداخلها مطعم شاورما لأستمتع بطعمها الطازج وأنا معلق بين السماء والأرض.. سأشتري كل شيء يسعدني، وأتزوج مثنى وثلاث ورباع (لاحقا استغفرت الله من هذه الفكرة)، وأحفر الآبار في الدول المحتاجة لعل ثوابها يصل إلى روح أمي..

سأقتني أغلى الماركات ولوحات الفن التشكيلي، وألعب في الملاهي يوميا وأعزم أصدقائي على الكافيار بدلا من الفلافل.. سأدخل في حديثي كلمات إنجليزية بمناسبة أو بدون.. ولو استضافتني وسائل الإعلام وسألوني عن حجم ثروتي سأضحك بكبرياء وخبث وأجيب: قبل السؤال أم بعده؟

سأتحدث للمشاهدين عن كفاحي وتضحياتي ثم أقنعهم أن السعادة ليست بالمال.

وبينما أنا شارد الذهن أمني النفس إذ بدأ الشاب البشوش بالشرح، وما إن بدأ حتى عرفت أنها حيلة جديدة بحلة جديدة لما يسمى بالتسويق الهرمي أو الشبكي.

هو مجرّم قانونيا في المملكة العربية السعودية ومعظم الدول (رقم البلاغات في وزارة التجارة 1900)، ومحرّم شرعا لما فيه من الغرر والخداع.

من يتبناه عرف من أين تؤكل الكتف، فأحضر أناسا مُدرّبين من جماعة (التنمية البشرية)؛ ليستهدفوا المحطمين والبائسين ويوهموهم بتغير الحال.

اقرؤوا عنه في المواقع؛ لتعرفوا أكثر عن آلية عملهم ووسائل خداعهم، وكيف أنهم يجيدون استخدام الحيل المبتكرة حين تنكشف حيلهم السابقة (يسمونه بغير اسمه)، وبطلاقة لسان وإيحاءات ذكية وقدرات على الوهم والإقناع.

فإن كان القانون يمنع أي نوع من الاحتيال، فإنّ الفرد يتحمل مسؤولية نفسه ووعيه والمحيط الذي حوله من خلال التأكد من صحة أي أمر يقدم عليه من النواحي القانونية والدينية والمنطقية؛ فقد ذهب عصر الثراء المفاجئ، والسماء لا تمطر ذهبا ولا فضة.

خرجت من المقهى متأسفا على حال مَن كان بجانبي وبدا عليه الاقتناع (وإن كنت قد حذرته لاحقا)، ومتأسفا على خيالي الذي شوقني لفكرة تناول شاورما طازجة في طائرة خاصة أعلى الغيوم!

الأكثر قراءة

جميلة عادل فته

رجال الأمن.. رجال