عبدالله محمد الشهراني

أبكيتم الناس يا وزارة الصحة

الأربعاء - 24 فبراير 2021

Wed - 24 Feb 2021

حصلت الوالدة - حفظها الله - على (التطعيمة) الثانية صباح الخميس الماضي في الصالة الجنوبية بجدة، وكنت قد طلبت من أختي جميلة - الرضية - التي نالت شرف مصاحبة الوالدة أن تتصل بي لتطمئنني على الوضع. وصلني الاتصال وكان مختلفا بعض الشيء، كان عبارة عن طلب سريع: «عبدالله أمي تقول لك أكتب مقال عن هذا المكان»، لم تستطع الوالدة التحدث معي في تلك اللحظة فقد كانت ما تزال مستغرقة في البكاء.

الحقيقة أن الأسلوب الذي يُعامل به متلقو التطعيم في مراكز لقاح كورونا يعتبر - في مفهوم تقديم الخدمة - أمرا خارج التصنيف، فتقييم الخدمة بشكلها المعتاد لا يخرج عن أحد هذه التوصيفات: (غير مرضٍ جدا - غير مرضٍ - محايد - مرضٍ - مرضٍ جدا)، وتأتي بعد هذه جميعا مرحلة متقدمة جدا هي مرحلة (ما يفوق التوقعات)، ويعد الوصول إلى هذه المرحلة شيئا في غاية الصعوبة من ناحية الإعداد والتنفيذ، والأصعب من كل ذلك الاستمرارية والثبات بعد الوصول إليها.

لكن وبكل أمانة فإن ما يحدث في مراكز التطعيم للقاح كورونا أمر تجاوز مرحلة (ما يفوق التوقعات)، وأعني وصول العميل - أو متلقي الخدمة - إلى مرحلة لا يجد فيها ما يعبر به عن شعوره بالسعادة والرضا غير البكاء، وهو أمر نادر في مفهوم تقديم الخدمة بطبيعة الحال.

والحقيقة أن والدتي لم تكن هي وحدها التي تلقت هذه الحفاوة وعاشت هذه التجربة الجميلة، فقد شاهدت عدة مقاطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي تثبت أن الأمر ممنهج وأن هناك آلية محددة وضعت لهذا العمل الاحترافي الفريد، لكن وبكل تأكيد كان للأفراد - أبطال الصحة - الدور الأساسي في هذا النجاح العظيم .

الأمر الذي لفت نظري في هذا النجاح هو أن مقدمي الخدمة للجمهور ليسوا موظفي شركات خاصة، بل هم موظفو قطاع عام - حكومي - وهذا هو المذهل في الأمر، إذ كيف يتفوق قطاع عام على نظرائه في الشركات العالمية والمحلية من ناحية الخدمة.

لم يكن أحد يتصور أن نجد في يوم من الأيام هذا النوع من الخدمة يقدم من قبل جهة رسمية وخصوصا - وبكل صراحة - وزارة الصحة. ما يحدث هو درس لكل الإداريين بأن الأداء المتميز ليس مقصورا على الشركات، وأن صناعة الفرق وإحداث النقلة النوعية تأتي من التحفيز والعمل بمفهوم القدوة وكل ذلك يتجلى بوضوح في أداء معالي وزير الصحة الدكتور توفيق الربيعة.

ختاما، أود أن أتقدم نيابة عن والدتي - الغالية - وأصالة عن نفسي بالشكر والعرفان لكل العاملين في المراكز التي تقدم لقاحات كورونا، وأوجه رسالة لمسؤولي وزارة الصحة هي: أن ما تقدمه هذه المراكز يعد مكتسبا من الضروري المحافظة عليه، والأهم أن تصاغ هذه التجربة المتميزة وأن تقدم كمادة لكلا القطاعين العام والخاص لغرض المحاكاة والاقتداء.

@ALSHAHRANI_1400