شاكر أبوطالب

جودة الهواء ومراقبة الانبعاثات!

الاثنين - 22 فبراير 2021

Mon - 22 Feb 2021

«.. لماذا نقبل أن نضحي بالطبيعة في سبيل التنمية؟ ولماذا يُتوفى سبعة ملايين إنسان سنويا بسبب التلوث؟ ..» تصدرت هذه التساؤلات تصريح الأمير محمد بن سلمان، بمناسبة إطلاق (ذا لاين)، المدينة التي غايتها تجديد مفهوم المدن في المستقبل، وإعادة تعريف مفهوم التنمية الحضرية، من خلال انتهاج الاستدامة والابتكار في تطوير المجتمعات لتعزيز جودة الحياة.

‫ويعد تلوث الهواء المهدد الرئيس للصحة العامة للإنسان في العالم، ومن أعظم المخاطر البيئية للحياة البشرية، إذ يتعرض الإنسان تقريبا لتلوث الهواء في كل مكان يعيش فيه؛ سواء في المنزل أو في بيئة التعليم أو في مقر العمل، وكذلك أثناء التنقل والسفر. ‬

ولذلك يمثل استنشاق الهواء النظيف حقا أصيلا لكل إنسان، لأجل ذلك تم إدراجه أو الإشارة إليه حرفيا أو ضمنيا في العديد من الإعلانات العالمية والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق الإنسان والمجالات الاقتصادية والاجتماعية وغيرها، وكذلك استهدافه ضمن الغايات الأساسية لأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة.

‫ويؤثر تلوث الهواء بصورة مباشرة على صحة الإنسان، ويقلل من جودة الحياة ومستوى المعيشة، كما يؤثر سلبا في مجالات الصحة والاقتصاد والتنمية، خاصة في المناطق الأكثر تلوثا، والتجمعات البشرية الأشد عرضة للخطر.‬

‫ومن مؤشرات تلوث الهواء؛ ارتفاع نسبة الغبار والعوالق من الجسيمات المجهرية المتناهية الصغر، التي يمكنها الدخول إلى الجهاز التنفسي والنفاذ إلى الرئتين.‬ إضافة إلى الغازات الطبيعية، وفي مقدمتها ثاني أكسيد النيتروجين، الذي يعد من أهم ملوثات الهواء وأكثرها شيوعا، وتعد الانبعاثات المرورية هي المصدر الأساس لأكاسيد النيتروجين، بينما تنتج بعض التراكيز الصغيرة من محطات الكهرباء وبعض المواقع الصناعية الأخرى.

إلى جانب الغازات الصناعية، وأبرزها أول أكسيد الكربون، الناتج من الاحتراق غير التام للكربون، وهو من الغازات الشديدة السمية. وكذلك الغازات الحمضية، وأهمها ثاني أكسيد الكبريت، الذي يعد من أسباب الإصابة بالربو والتهاب الشعب الهوائية المزمن، ويتسبب اجتماع هذا الغاز مع بخار الماء في الغلاف الجوي بالأمطار الحمضية، المسؤولة عن تلف النباتات وتدهور التربة والمجاري المائية، وتآكل مواد البناء.

وتحت مظلة (رؤية المملكة 2030م)؛ تم تطوير مبادرة لإنشاء وحدة مركزية لمراقبة جودة الهواء والانبعاثات من المصدر، وتهدف إلى توسعة الشبكة الوطنية لمراقبة ملوثات الهواء وزيادة شموليتها، وتفعيل التشريعات اللازمة، وتحديث المعايير، وتطبيق نظام رصد المخالفات، وإعداد خطة طوارئ وطنية للتعامل مع حالات تلوث الهواء الحرجة.

وفي العاصمة، يأتي برنامج إدارة جودة الهواء في إطار اهتمام الهيئة الملكية لمدينة الرياض، حيث ترصد جودة الهواء المحيط داخل الأحياء وعلى الطرق وخارج النطاق الحضري، ويسهم البرنامج بشكل رئيس وفعال في اتخاذ القرار المناسب للحد من آثار ومصادر ملوثات الهواء.

‫ورغم التحسن الملحوظ في انخفاض الملوثات الغازية، حيث تسجل معظم محطات جودة الهواء في الرياض مؤشرات جيدة لحالة الغازات، إلا أنه في المقابل تسجل حالة سيئة للجسيمات العالقة، خاصة في أطراف المدينة، بسبب كثافة أنشطة الحفر والتأسيس للطرق والبنية التحتية والمباني، إلى جانب كثافة الرحلات اليومية للشاحنات عبر الطرق غير المعبدة.‬

والمأمول من الجهات المعنية بالبيئة وجودة الهواء، التعاون فيما بينها للحد من مصادر التلوث بفرض مزيد من الصرامة، وابتكار طرق للرقابة على أنشطة البناء، وتنقل الشاحنات عبر الطرق الترابية، وحرق مخلفات المزارع، وغيرها. مع تسهيل إجراءات ضبط المخالفات البيئية، وتنفيذ حملات إعلامية لرفع مستوى الوعي بأهمية التعاون للحد من تلوث الهواء، وإشراك أفراد المجتمع وتحفيزهم للإبلاغ عن أي مصدر محتمل للتلوث، حتى ينعم الجميع باستنشاق هواء نقي يعزز الصحة العامة، ويرفع من مستوى جودة الحياة.

shakerabutaleb@