الحج على الأبواب.. ضرورة التوعية المبكرة
السوق
السوق
الاثنين - 18 يوليو 2016
Mon - 18 Jul 2016
أما وقد من الله على عباده بصوم رمضان وقيامه.. ثم زاد منا على من أتبعه بست من شوال.. ندعوه جل في علاه أن يتقبل من الجميع صالح الأعمال.
كنت قارئي العزيز قد دفعني فضل الله بقضاء ليال من رمضان الكريم في مدينة الحبيب عليه الصلاة والسلام إلى الحديث عن مدينته المنورة، ومسجده العامر بالنور على مدى الأيام والدهور. وحق لي بعد أن تفضل الله علي بقضاء العشر الأواخر من رمضان الخير في رحاب بيته العتيق، مهبط الوحي وقبلة النور مكة المكرمة، أن أكتب عن البلد الأمين. مع الاعتراف بأن ما عشته من عمري في الرحاب الطاهرة المقدسة، أذهب وأعود من وإلى الكعبة المشرفة سيرا على الأقدام، ونفرا سابحا في الزحام، طائفا ساعيا مع الأنام، يبقى في ذاكرتي من أجمل الأيام.
ولكن وقد أكرمني الله في شيخوختي بسكن مطل على البيت الحرام، أتمتع بالنظر والتأمل في عباد الرحمن وهم يتحلقون حول رمز الخلود وكعبة الإسلام..
هذا التأمل.. الذي يؤكد دائما أن الإسلام دين النظام ودين الوحدة، رغم اختلاف أتباعه الكرام، وتعدد لهجاتهم وتباين ثقافاتهم ومستوياتهم.. ولكن لا يزال الأمر في حاجة إلى تفعيل هذه المشتركات لتبدو الصورة التي تـنقل إلى الدنيا، والتي أتابعها من مسكني ليلا ونهارا صورة تليق بهذه الأمة، لكي نصل إلى تحقيق قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).
نعم عزيزي القارئ: لنكون خير أمة، علينا أن نكون أمة نظام، نظام لا يكسره القوي ويطبق على الضعيف، فلقد طفت بأنحاء شتى من بقاع الدنيا، وأدركت قيمة السلام الذي تعيشه الأمة التي يسري فيها النظام ويحترمه الجميع.
فلم أشاهد في فرنسا مثلا رجلا من أصول أفريقية آتاه الله بسطة في الجسم، يدافع ضعفاء الأجساد في مواقع تلزم الجميع باحترام الصف والأخذ بالدور والترتيب.. ولكنني شاهدت كثيرا منهم يتدافعون ويدفعون وهم حول الكعبة، البقعة الأقدس على وجه الأرض. وهذا أمر يحتاج إلى ثقافة المنبع، بحيث يتم تدريب الحاج في بلده على احترام الشعائر واستخدام قوة الروح لا قوة الجسد. وأذكر أن بعض البلدان في آسيا تفعل ذلك حين تقدم «دورات تأهيلية» يتدرب فيها قاصد الحج على حسن السلوك إعلاء لروح الإيمان.
وعل هذا اقتراح أسوقه لأخي معالي وزير الحج والعمرة، قد يفيد في تواصل نوعي مع إخواننا في الدول الأفريقية، من أجل توعية مبكرة والحج على الأبواب بعون الله، والعمرة وقد شاء الله أن تكون على مدار العام. وليس ضيوف الرحمن وحدهم هم من يحتاجون إلى هذا النوع من التوعية والإرشاد. بل حتى بعض العاملين في هذه المواسم من الإخوة والأبناء الذين يتصدون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نعم علينا بالفعل أن ندرك معنى هذا الأمر وغرض النهي.. الذي يتوجب دائما أن يتم دائما بالحسنى وعلى هدى وبصيرة.. فقد حدث لي بعد الانتهاء من السعي.. وكنت أستقل عربة كهربائية، وطلبت من الذي يقود بي أن يدير وجهي إلى القبلة لأدعو دعاء نهاية السعي.. وبينما أنا أفعل جاءني شاب لا يبدو من ملامحه ولهجته أنه من أبناء مكة المكرمة، وطلب مني التحول إلى القبلة لأن الدعاء على غير القبلة لا يجوز! فأجبته مبتسما: يا ابني الدعاء لله جائز في كل الاتجاهات، وفي كل الأوضاع، والله يقول: (فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم)، والله تعالى موجود في كل مكان، ويسمع كل الأصوات ويعلم السر وأخفى.. وليس في القبلة فقط، وعلى كل شكرا لك، ولكن عليك أن تعلم أن الاتجاه الذي أشرت علي بالتحول إليه هو ريع القشاشية، أما هذا الاتجاه الذي أنا عليه فهو اتجاه القبلة، ثم أنا في الأصل من أبناء مكة وأهل مكة أدرى بشعابها، وبالإضافة إلى ذلك فأنا مطوف وابن مطوف.
وكنت في عمرتي هذه أصطحب زوجتي أم عبدالله وهي على عربة كهربائية أخرى.. والعربات الكهربائية هذه في الواقع سهلت كثيرا من عملية السعي.
وبمناسبة هذه الاستخدامات الحديثة تخفيفا وتسهيلا على الناس.. بحكم الاستفادة الواجبة وتقدم تقنيات العصر، فرسول الله عليه الصلاة والسلام قد طاف بالبيت على ظهر ناقته. والله تعالى يقول في سورة النحل – الآية الثامنة: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون)، ولقد دخلت تحت فحوى (ويخلق ما لا تعلمون) كل وسائل النقل والتنقل الحديثة، من السيارة والطائرة والحوامة، لأن هذا القرآن من عند الله الواحد الديان، الذي غطى الماضي والمستقبل، ولو كان هذا الكتاب من عند النبي عليه الصلاة والسلام كما زعم البعض من الكافرين.. لانتهت الآية عند (.. لتركبوها وزينة).
ويدعوني المقال هنا أن أستذكر حكاية مضى عليها أكثر من أربعين عاما، وفيها قد لا أذيع سرا إذا ما قلت: عندما أسس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – يوم أن كان أميرا للرياض – الجمعية الخيرية الإسلامية وتشرفت بأن كنت نائبا له، عرضت عليه يحفظه الله بعض المشاريع المتعلقة بالطواف والسعي في الحرم المكي الشريف. فأرسلني إلى سماحة الشيخ المرحوم عبدالعزيز بن باز، ذلك الرجل الذي أنار الله بصيرته، وأشار علي ألا أذكر له موضوعا معينا. فذهبت إلى الشيخ وأخذت أشرح له المشاريع: الأول، والثاني، والثالث، وكان يقول بعد كل عرض: «لا بأس»، وهنا وتحت تأثير سماحته وتفهمه، واتتني الشجاعة، ووجدت نفسي أشرح للشيخ المشروع الرابع الذي نصحت بعدم عرضه عليه. وقلت يا سماحة الشيخ هناك مشروع أو فكرة عرضتها على سمو الأمير وطلب مني ألا أعرضها عليكم حتى لا تتهموني بالجنون، فقال يرحمه الله: وما هي؟ فذكرت له فكرة الكراسي المعلقة والعربات الكهربائية وذكرت له موقع انطلاقها بغير القادرين ونقطة عودتهم إليها.. فتمعن أكثر من المشاريع السابقة.. ثم قال بثقة العالم المتمكن: لا بأس، فقد طاف النبي صلى الله عليه وسلم على الناقة. فسبحان من أنار بصيرة هذا الرجل وأغدق عليه من العلم والمعرفة. وكم أتمنى أن ينال هذا المقترح في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز وفقه الله، ما يحقق المزيد من الراحة والسهولة لضيوف الرحمن في أداء مناسكهم وشعائرهم، وينال المقترح حظه من الرعاية والاهتمام. وفي واقع الأمر.. إن كثيرا من المشاريع التي تحققت في الحرمين الشريفين، وما سيتحقق بعون الله في هذا العهد الزاهر الميمون تحتاج إلى مزيد من العناية منا فيما يتعلق باستخدامها من أجل الأغراض التي أنشئت من أجلها. والعناية هنا أقصد بها تطبيق النظام ومراقبة تطبيقه من قبل المشرفين على هذه المشاريع.. فمثلا: هناك جسر خاص لمرور العربات فقط، ومع هذا نجده يغص بالمشاة، يفترشونه ويمدون فيه سفرهم؟ وهذا بالطبع مخالفة لم أر من يوجه مرتكبيها بعدم تكرارها، ولم أشاهد من يقوم بمنعهم، ولا أدري هل مخالفة الأوامر والنظام أصبحت عادة فينا، ونحن من يقول ربهم في دستورنا العظيم: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
خاطرة أخرى داعبت خاطري حين رأيت مشهد المرأة السعودية المسلمة تقود السيارة - الكهربائية - وفي بيت الله الحرام، وتيقنت عندها أن سواقة المرأة ليست محرمة والحمد لله. وكم تعجبت لنفر أعرفهم، وأعرف موقفهم من هذه القضية والذين يجاهرون بحرمانية أو عدم جواز سواقة المرأة، وتعجبت وأنا أراهم في هذه العربات يؤدون مناسكهم ويركبون إلى جوار زوجاتهم اللاتي يقدن السيارات الكهربائية!
ومنهم أيضا من رأيته يركب إلى جوار زوجته أو ابنته في الغرب أو في خارج البلاد وهن يقدن السيارات عموما.. ولا أدري هل لكل بلد دين عندهم؟!
وقبل الختام هناك مبادرة يجب أن تذكر فتشكر لصاحب السمو الملكي مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير خالد الفيصل جزاه الله خيرا.. حين وجه بعدم قيام صلاة التراويح في صحن المطاف تمكينا للمعتمرين من إتمام الطواف.. بارك الله في كل الجهود المخلصة لخدمة الطائفين والعاكفين والركع السجود.
وبفضل الله فإن إطلالتي على البيت الحرام حيث أقيم في مكة المكرمة، تتيح لي إلى جانب متابعة الصلوات، فرصة الاستماع في بعض الأوقات للأحاديث التي تنظمها إدارة الحرمين ويستمع لها الناس في المسجد الحرام من وافد ومعتمر ومقيم، والحقيقة أنها فكرة ممتازة وتفيد الجميع. ولكنني استمعت وعلى مدار يومين من العشرة الأخيرة إلى حديث استمر زهاء الساعتين عن أمور خلافية هي بالقطع لا تفيد الحجيج والمعتمرين، بينما لو تم استخدام هذه الأحاديث لإخبار الناس بصحيح فعل النبي عليه الصلاة والسلام وما جاء به من محبة وهو المرسل رحمة للعالمين، لكان خيرا وأنفع.. وسمعت من يدعو الناس أن يحفظهم الله من الخوض في أعراض المسلمين وهو يدعو.. وتساءلت حينها: وهل يجوز الخوض في أعراض غير المسلمين؟ خاصة إذا كانوا من دول بيننا وبينهم مواثيق وعلاقات وسفارات.. وإن الدعاء بأن يحفظ الله بلاد المسلمين من التفجير والإرهاب يوحي بأن بلاد غير المسلمين يجوز فيها التفجير والإرهاب، فكيف لنا أن نقول ذلك والله حرم قتل النفس؟ اللهم اهدنا سواء السبيل.
كنت قارئي العزيز قد دفعني فضل الله بقضاء ليال من رمضان الكريم في مدينة الحبيب عليه الصلاة والسلام إلى الحديث عن مدينته المنورة، ومسجده العامر بالنور على مدى الأيام والدهور. وحق لي بعد أن تفضل الله علي بقضاء العشر الأواخر من رمضان الخير في رحاب بيته العتيق، مهبط الوحي وقبلة النور مكة المكرمة، أن أكتب عن البلد الأمين. مع الاعتراف بأن ما عشته من عمري في الرحاب الطاهرة المقدسة، أذهب وأعود من وإلى الكعبة المشرفة سيرا على الأقدام، ونفرا سابحا في الزحام، طائفا ساعيا مع الأنام، يبقى في ذاكرتي من أجمل الأيام.
ولكن وقد أكرمني الله في شيخوختي بسكن مطل على البيت الحرام، أتمتع بالنظر والتأمل في عباد الرحمن وهم يتحلقون حول رمز الخلود وكعبة الإسلام..
هذا التأمل.. الذي يؤكد دائما أن الإسلام دين النظام ودين الوحدة، رغم اختلاف أتباعه الكرام، وتعدد لهجاتهم وتباين ثقافاتهم ومستوياتهم.. ولكن لا يزال الأمر في حاجة إلى تفعيل هذه المشتركات لتبدو الصورة التي تـنقل إلى الدنيا، والتي أتابعها من مسكني ليلا ونهارا صورة تليق بهذه الأمة، لكي نصل إلى تحقيق قوله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر).
نعم عزيزي القارئ: لنكون خير أمة، علينا أن نكون أمة نظام، نظام لا يكسره القوي ويطبق على الضعيف، فلقد طفت بأنحاء شتى من بقاع الدنيا، وأدركت قيمة السلام الذي تعيشه الأمة التي يسري فيها النظام ويحترمه الجميع.
فلم أشاهد في فرنسا مثلا رجلا من أصول أفريقية آتاه الله بسطة في الجسم، يدافع ضعفاء الأجساد في مواقع تلزم الجميع باحترام الصف والأخذ بالدور والترتيب.. ولكنني شاهدت كثيرا منهم يتدافعون ويدفعون وهم حول الكعبة، البقعة الأقدس على وجه الأرض. وهذا أمر يحتاج إلى ثقافة المنبع، بحيث يتم تدريب الحاج في بلده على احترام الشعائر واستخدام قوة الروح لا قوة الجسد. وأذكر أن بعض البلدان في آسيا تفعل ذلك حين تقدم «دورات تأهيلية» يتدرب فيها قاصد الحج على حسن السلوك إعلاء لروح الإيمان.
وعل هذا اقتراح أسوقه لأخي معالي وزير الحج والعمرة، قد يفيد في تواصل نوعي مع إخواننا في الدول الأفريقية، من أجل توعية مبكرة والحج على الأبواب بعون الله، والعمرة وقد شاء الله أن تكون على مدار العام. وليس ضيوف الرحمن وحدهم هم من يحتاجون إلى هذا النوع من التوعية والإرشاد. بل حتى بعض العاملين في هذه المواسم من الإخوة والأبناء الذين يتصدون للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، نعم علينا بالفعل أن ندرك معنى هذا الأمر وغرض النهي.. الذي يتوجب دائما أن يتم دائما بالحسنى وعلى هدى وبصيرة.. فقد حدث لي بعد الانتهاء من السعي.. وكنت أستقل عربة كهربائية، وطلبت من الذي يقود بي أن يدير وجهي إلى القبلة لأدعو دعاء نهاية السعي.. وبينما أنا أفعل جاءني شاب لا يبدو من ملامحه ولهجته أنه من أبناء مكة المكرمة، وطلب مني التحول إلى القبلة لأن الدعاء على غير القبلة لا يجوز! فأجبته مبتسما: يا ابني الدعاء لله جائز في كل الاتجاهات، وفي كل الأوضاع، والله يقول: (فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم)، والله تعالى موجود في كل مكان، ويسمع كل الأصوات ويعلم السر وأخفى.. وليس في القبلة فقط، وعلى كل شكرا لك، ولكن عليك أن تعلم أن الاتجاه الذي أشرت علي بالتحول إليه هو ريع القشاشية، أما هذا الاتجاه الذي أنا عليه فهو اتجاه القبلة، ثم أنا في الأصل من أبناء مكة وأهل مكة أدرى بشعابها، وبالإضافة إلى ذلك فأنا مطوف وابن مطوف.
وكنت في عمرتي هذه أصطحب زوجتي أم عبدالله وهي على عربة كهربائية أخرى.. والعربات الكهربائية هذه في الواقع سهلت كثيرا من عملية السعي.
وبمناسبة هذه الاستخدامات الحديثة تخفيفا وتسهيلا على الناس.. بحكم الاستفادة الواجبة وتقدم تقنيات العصر، فرسول الله عليه الصلاة والسلام قد طاف بالبيت على ظهر ناقته. والله تعالى يقول في سورة النحل – الآية الثامنة: (والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ويخلق ما لا تعلمون)، ولقد دخلت تحت فحوى (ويخلق ما لا تعلمون) كل وسائل النقل والتنقل الحديثة، من السيارة والطائرة والحوامة، لأن هذا القرآن من عند الله الواحد الديان، الذي غطى الماضي والمستقبل، ولو كان هذا الكتاب من عند النبي عليه الصلاة والسلام كما زعم البعض من الكافرين.. لانتهت الآية عند (.. لتركبوها وزينة).
ويدعوني المقال هنا أن أستذكر حكاية مضى عليها أكثر من أربعين عاما، وفيها قد لا أذيع سرا إذا ما قلت: عندما أسس خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – يوم أن كان أميرا للرياض – الجمعية الخيرية الإسلامية وتشرفت بأن كنت نائبا له، عرضت عليه يحفظه الله بعض المشاريع المتعلقة بالطواف والسعي في الحرم المكي الشريف. فأرسلني إلى سماحة الشيخ المرحوم عبدالعزيز بن باز، ذلك الرجل الذي أنار الله بصيرته، وأشار علي ألا أذكر له موضوعا معينا. فذهبت إلى الشيخ وأخذت أشرح له المشاريع: الأول، والثاني، والثالث، وكان يقول بعد كل عرض: «لا بأس»، وهنا وتحت تأثير سماحته وتفهمه، واتتني الشجاعة، ووجدت نفسي أشرح للشيخ المشروع الرابع الذي نصحت بعدم عرضه عليه. وقلت يا سماحة الشيخ هناك مشروع أو فكرة عرضتها على سمو الأمير وطلب مني ألا أعرضها عليكم حتى لا تتهموني بالجنون، فقال يرحمه الله: وما هي؟ فذكرت له فكرة الكراسي المعلقة والعربات الكهربائية وذكرت له موقع انطلاقها بغير القادرين ونقطة عودتهم إليها.. فتمعن أكثر من المشاريع السابقة.. ثم قال بثقة العالم المتمكن: لا بأس، فقد طاف النبي صلى الله عليه وسلم على الناقة. فسبحان من أنار بصيرة هذا الرجل وأغدق عليه من العلم والمعرفة. وكم أتمنى أن ينال هذا المقترح في عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز وفقه الله، ما يحقق المزيد من الراحة والسهولة لضيوف الرحمن في أداء مناسكهم وشعائرهم، وينال المقترح حظه من الرعاية والاهتمام. وفي واقع الأمر.. إن كثيرا من المشاريع التي تحققت في الحرمين الشريفين، وما سيتحقق بعون الله في هذا العهد الزاهر الميمون تحتاج إلى مزيد من العناية منا فيما يتعلق باستخدامها من أجل الأغراض التي أنشئت من أجلها. والعناية هنا أقصد بها تطبيق النظام ومراقبة تطبيقه من قبل المشرفين على هذه المشاريع.. فمثلا: هناك جسر خاص لمرور العربات فقط، ومع هذا نجده يغص بالمشاة، يفترشونه ويمدون فيه سفرهم؟ وهذا بالطبع مخالفة لم أر من يوجه مرتكبيها بعدم تكرارها، ولم أشاهد من يقوم بمنعهم، ولا أدري هل مخالفة الأوامر والنظام أصبحت عادة فينا، ونحن من يقول ربهم في دستورنا العظيم: (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم).
خاطرة أخرى داعبت خاطري حين رأيت مشهد المرأة السعودية المسلمة تقود السيارة - الكهربائية - وفي بيت الله الحرام، وتيقنت عندها أن سواقة المرأة ليست محرمة والحمد لله. وكم تعجبت لنفر أعرفهم، وأعرف موقفهم من هذه القضية والذين يجاهرون بحرمانية أو عدم جواز سواقة المرأة، وتعجبت وأنا أراهم في هذه العربات يؤدون مناسكهم ويركبون إلى جوار زوجاتهم اللاتي يقدن السيارات الكهربائية!
ومنهم أيضا من رأيته يركب إلى جوار زوجته أو ابنته في الغرب أو في خارج البلاد وهن يقدن السيارات عموما.. ولا أدري هل لكل بلد دين عندهم؟!
وقبل الختام هناك مبادرة يجب أن تذكر فتشكر لصاحب السمو الملكي مستشار خادم الحرمين الشريفين الأمير خالد الفيصل جزاه الله خيرا.. حين وجه بعدم قيام صلاة التراويح في صحن المطاف تمكينا للمعتمرين من إتمام الطواف.. بارك الله في كل الجهود المخلصة لخدمة الطائفين والعاكفين والركع السجود.
وبفضل الله فإن إطلالتي على البيت الحرام حيث أقيم في مكة المكرمة، تتيح لي إلى جانب متابعة الصلوات، فرصة الاستماع في بعض الأوقات للأحاديث التي تنظمها إدارة الحرمين ويستمع لها الناس في المسجد الحرام من وافد ومعتمر ومقيم، والحقيقة أنها فكرة ممتازة وتفيد الجميع. ولكنني استمعت وعلى مدار يومين من العشرة الأخيرة إلى حديث استمر زهاء الساعتين عن أمور خلافية هي بالقطع لا تفيد الحجيج والمعتمرين، بينما لو تم استخدام هذه الأحاديث لإخبار الناس بصحيح فعل النبي عليه الصلاة والسلام وما جاء به من محبة وهو المرسل رحمة للعالمين، لكان خيرا وأنفع.. وسمعت من يدعو الناس أن يحفظهم الله من الخوض في أعراض المسلمين وهو يدعو.. وتساءلت حينها: وهل يجوز الخوض في أعراض غير المسلمين؟ خاصة إذا كانوا من دول بيننا وبينهم مواثيق وعلاقات وسفارات.. وإن الدعاء بأن يحفظ الله بلاد المسلمين من التفجير والإرهاب يوحي بأن بلاد غير المسلمين يجوز فيها التفجير والإرهاب، فكيف لنا أن نقول ذلك والله حرم قتل النفس؟ اللهم اهدنا سواء السبيل.