عبدالله العولقي

بايدن بين المدرسة الترامبية والعقيدة الأوبامية

الاحد - 14 فبراير 2021

Sun - 14 Feb 2021

ظلت الإدارات الأمريكية المتعاقبة على الحكم في البيت الأبيض وفية للنمطية التقليدية التي دشنها الآباء المؤسسون، فالولايات المتحدة تعد دولة مؤسسات عريقة ذات سلطات مستقلة، تساهم بشكل أو بآخر في صناعة القرار السياسي والإداري الأمريكي، هذا القرار يأتي أحيانا كمزيج إداري تقليدي يجمع بين أربعة أركان مؤسسية، تبدأ من أروقة البيت الأبيض ثم مجلس الكونجرس بشقيه (النواب والشيوخ) ثم البنتاجون وأخيرا وكالة الاستخبارات الأمريكية.

لكن الرئيس السابق دونالد ترمب كان حالة استثنائية في التاريخ السياسي الأمريكي، فصناعة القرار قد استندت في عهده على ذهنية الصفقة التجارية أو كما أطلق عليها بعض الباحثين بالمدرسة المعتمدة على المصالح، ولا تستغرب أخي القارئ الكريم لو علمت أن هذه المدرسة الترامبية كما يقول الدكتور سمير فرج، قد تضاف إلى مناهج العلوم السياسية في الجامعات التعليمية، كونها مدرسة قد آتت ثمارها اليانعة على الشعب الأمريكي، ولا سيما خلال الثلاث السنوات الأولى من حكم الرئيس السابق، لولا حظه العاثر بقدوم الجائحة الكورونية التي عصفت بكل هذه النجاحات الاقتصادية، بل وكانت السبب الأساسي في هزيمته بالانتخابات الأخيرة ومغادرته للبيت الأبيض!

الرئيس الحالي جوزيف بايدن شخصية عريقة داخل النظام السياسي الأمريكي، فهو سادس أصغر سيناتور في تاريخ مجلس الشيوخ، وقد أعيد انتخابه ست دورات متتالية داخل الكونجرس الأمريكي، وقد تولى خلالها رئاسة لجنة العلاقات الخارجية ورئاسة اللجنة الاقتصادية للمجلس، كما أنه تولى منصب نائب الرئيس مدة ثماني سنوات إبان فترة حكم الرئيس السابق باراك أوباما، ولا شك أن هذه الخبرة العريقة كانت هي البوابة الفعلية لدخوله البيت الأبيض.

يقال إن أسوأ السياسات المقلقة تلك المنبثقة عن عقيدة مضللة مثلما هو حال الملالي في طهران، ولهذا نجد أن بعض محللي السياسة يصفون فترة الرئيس أوباما بالعقيدة الأوبامية، وبالفعل فقد كانت هذه المدة الرئاسية من أسوأ فترات السياسة الخارجية على منطقة الشرق الأوسط، كونها منحت الفرصة لقوى التطرف والإرهاب بالتمدد الجغرافي والإعلامي في مناطق متفرقة حول العالم، هذه الفترة الحرجة جعلت الرئيس الحالي جو بايدن يتبرأ منها ويصرح بأن ولايته لن تكون الفترة الثالثة للعقيدة الأوبامية، وهذا التصريح قد بث نوعا من التفاؤل السياسي والأريحية الإعلامية داخل الأروقة السياسية حول العالم.

يرى الأستاذ سيد أحمد سيد أن سياسة بايدن ستكون مزيجا من سياسة أوباما السابقة مع الحفاظ على مكتسبات سلفه الرئيس ترمب، فالتعيينات التي أعلن عنها بايدن في وزارة الخارجية والأمن القومي تنم بجلاء عن العودة إلى بعض نمطية العقيدة الأوبامية، وهذا يتضح أيضا بتصريحه عن العودة إلى اتفاق باريس للتغير

المناخي وعودة العلاقات الطبيعية مع دول الاتحاد الأوروبي، وفي ذات الوقت سيبقي على إنجازات ترمب الاقتصادية مثل فرض الرسوم الجمركية على بعض الدول الأوروبية والصين، التي أدت سلفا إلى إنعاش الاقتصاد الأمريكي.

أخيرا، أيا كانت منهجية الرئيس بايدن في منطقة الشرق الأوسط، فإن من الصعب وربما من المستحيل عليه العودة إلى نهج العقيدة الأوبامية بصورتها الشاملة، لأن الظروف الإقليمية والمعطيات العالمية قد تغيرت بصورة كبيرة، ومن ثم يصعب التعامل معها في ظل الظروف الحالية، وربما قد ينتهج نمطية سلفه ترمب ويستمر في فرض العقوبات الاقتصادية على الدول الراعية للإرهاب مثل إيران.

@albakry1814