ابتسام القحطاني

خياطة رجالية لغسيل الأموال!

السبت - 13 فبراير 2021

Sat - 13 Feb 2021

هل خطر ببالكم تساؤل عما هو السر العجيب والفتح المبين في تخصص كثيرين من إحدى جنسيات العمالة الوافدة في السعودية بمحلات الخياطة الرجالية، حتى باتت تقترب من أعداد محلات الأسر المنتجة والصيدليات لدينا؟

واقع السوق المحلي ووفق دراسات استهلاك الملابس الرجالية يؤكد أن حجم الإقبال على محلات الخياطة الرجالية لا يزيد على 6% من الاستهلاك، وهذا لا يتناسب مطلقا مع حجم الإنفاق والاستهلاك للملابس والثياب الرجالية الجاهزة بنسبة 94%.

بلغ عدد رخص محال الخياطة الرجالية خلال النصف الأول من العام الماضي نحو عشرة آلاف رخصة، وبذلك سجلت الرخص ارتفاعا بنسبة 1035%، مقارنة بالفترة نفسها من العام الذي قبله، والبالغة 881 رخصة، بحسب ما كشفته وزارة الشؤون البلدية والقروية في تصريح لصحيفة الاقتصادية بتاريخ 15 أغسطس 2019م.

ببساطة، هذه الأرقام والأعداد لا تتفق إجمالا مع حجم الإقبال والاستهلاك، فهل يمكننا القول بأن هذا النشاط لدينا يعد أحد أبواب التستر التجاري واللعب بأنشطة مشبوهة وغسيل أموال من خلال ثقب الإبرة ولفات الخيط؟ وكيف يمكن لمعظم محلات الخياطة الرجالية التي تكون بأربع أو ست فتحات أن تدفع إيجارا يتجاوز 300 ألف سنويا في المعدل، بينما قد تكون المبيعات السنوية لا تتجاوز ربع إيجار المحل؟ ولماذا معظم محلات الخياطة الرجالية لا تزال تعمل في ظل غياب الزبائن؟ وهل يمكن تصور محلات خياطة رجالية في أحياء غير قائمة وبلا سكان؟!

فوضوية انتشار هذا النشاط تحديدا واحتكار إحدى الجنسيات له على مستوى السعودية يثيران الشك والتساؤل، ويدعوان إلى البحث والتدقيق والحذر، لأنها قد تكون جبهة دعم لخطر داخلي وخارجي قريب أو بعيد المدى.

ما نحتاجه حاليا من الجهات ذات العلاقة والمعنية، سواء وزارة الشؤون البلدية ووزارة التجارة، هو إعادة النظر في منح رخص هذا النشاط، والحد من توسعها وانتشارها بحسب حجم الحاجة والاستهلاك، من خلال وضع آلية جديدة أكثر قوة ورقابة ومتابعة لمحلات الخياطة الرجالية، إضافة إلى دور وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية والاستفادة من برامج تدريب وتأهيل المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بفرض توظيف السعوديات في الخياطة والحياكة، وفق ضوابط وشروط تضمن حقوقهن، وفي الوقت نفسه الاستفادة من مهارات وقدرات مهدرة متخصصة في الخياطة والتفصيل.

أخيرا، تذكرت وأنا أكتب مقالي هذا أحد التقارير الاستخباراتية لإحدى أقوى دول جنوب شرق آسيا، والتي عانت في العشر السنوات الماضية من الإرهاب، والذي أكد أن محلات الخياطة تحديدا كانت أحد أكبر مصادر عمليات غسيل الأموال وتمويل الإرهاب، وقال كاتب التقرير «أدهشتنا الإبرة والخيط وهي تفصل ثياب إرهاب وتغطي إرهابيين ونحن كنا مشغولين بالبحث عن السلاح والقنبلة».

same123qahtan@