بندر الزهراني

طموحات في محل غيرها

السبت - 13 فبراير 2021

Sat - 13 Feb 2021

على العكس مما يحدث في كل جامعات العالم، يتنافس عدد كبير من أعضاء هيئة التدريس المحليين على العمل الإداري أكثر من التدريس والبحث العلمي، فكثرة الوظائف الإدارية المختلفة والمصطنعة في الجامعات ومقدار الدعم المالي والصرف عليها بما يشبه البذخ يجعل كثيرا من هؤلاء يحث الخطى نحوها، غير آبه بما تؤول إليه الأمور.

الطبيعي ألا تكون كل اهتمامات الأكاديمي منصبّة نحو الوصول للمراكز والمناصب القيادية في المؤسسة التعليمية التي ينتمي لها، وإن كان هذا أمرا مشروعا ولا بأس به، إلا أن عمل الأكاديمي ونشاطه العلمي يتمحور حول تخصصه، فيتطور بشكل مطرد في التدريس وفي البحث والتأليف، حتى إذا أكرمه الله وفتح على قلبه بلغ القمة ونال ما يستحقه من الفضل، فإذا بلغ مراده من العلم أدرك أن الله قد اختصه بما علّمه إياه، وعندئذ يزهد عن المناصب الإدارية يقينا لا تظاهرا أو تحسبا لشيء ما قد يأتيه، وإن تولى منصبا كان أخوف الناس وأحرصهم وأكثرهم ورعا وتحوّطا.

نحن في المجتمع الأكاديمي بحاجة لتصحيح رؤانا وأهدافنا أولا ومن ثم التحرك بشكل سليم نحو تحقيقها، لأن الضبابية التي نعيشها في المجالات الأكاديمية عملا وإدارة، ونشكو من آثارها، وإن كنا لسنا وحدنا سببها ولكننا نظل جزءا من المشكلة؛ هي من يعوق حركتنا ويخرجنا عن دورنا الحقيقي بل حتى عن طورنا وسلوكنا، وما هذه المشاكل التي تواجهنا في أعمالنا بين الفينة والفينة إلا إشكالات يعاني منها الوسط الأكاديمي بأكمله، وهي في الواقع معوقات عن العمل الجاد.

في جامعاتنا المحلية لا يلام الأكاديمي على طموحه أو بالأحرى طمعه المتزايد نحو المراكز الإدارية، حتى لو كانت هذه الطموحات دون مستواه العلمي، وإنما اللوم يقع كله أو أكثره على فهم الإدارات الجامعية للنظام الإداري، ذلك الفهم المشوش بكثير من العلل الشخصية والمؤسسية، وهذا - من وجهة نظري- أساس التخلف الأكاديمي والتراجع العلمي الذي يمكن أن تقع فيه أي إدارة متواضعة ذهنيا، ولو نظرنا بعين فاحصة لأداء بعض الإدارات العليا في الجامعات المحلية لوجدنا أنها تخالف في كثير من قراراتها وتنظيماتها الإدارية توجه الدولة في ترشيد الإنفاق وتعظيم الجودة في الأداء.

على سبيل المثال: قبل أسبوع تقريبا طالعتنا الأخبار بتعيين أستاذ من حملة شهادة الدكتوراه مديرا لمكتب رئيس إحدى الجامعات، أي رؤية إدارية يتمتع بها رئيس هذه الجامعة! ربما لو عيّن مستشارا له لهان وقع الخبر، ولكن أن يجعله مدير مكتب فهذه إحدى الكُبر الإدارية، ثم كيف لمن يفترض فيه أن يكون فيلسوفا وقد صرفت عليه الدولة من المال الكثير والكثير وانتظرته من الوقت الطويل والطويل يرضى بعد عودته أن يعمل مديرا لمكتب! ظلمات بعضها فوق بعض تعيش في دياجيرها هذه الجامعات المترفة وإداراتها المخملية.

قد تكون إدارة هذه الجامعة أو تلك دون المستوى والثقة التي منحت لها، وهذا قد يحدث لسبب أو لآخر، وقد يكون عضو هيئة التدريس المتطلع لمثل هذه الوظائف الهامشية لا يعرف معنى وقيمة الدرجة العلمية التي نالها وخوّلته ممارسة ومزاولة البحث العلمي، وكثيرون هؤلاء، ولكن ما هو دور الوزارة؟ ولماذا في مثل هذه الحالات لا نجدها إلا مختبئة خلف الأستار؟ وكيف يجب أن تتصرف؟ في الأسبوع القادم بمشيئة الله أجيبكم عن كل هذه التساؤلات.

drbmaz@