الديمقراطية في منشن صحفي عربي
السبت - 16 يوليو 2016
Sat - 16 Jul 2016
هناك مسافة كبيرة بين نقد الآخر لأجل رفع مستوى الوعي بالواقع، والأحداث في الغرب أو الشرق وكل الثقافات، وبين النقد الذي يستخدم كمادة استهلاكية لستر واقع عربي رديء، وتزييف الوعي بظواهر ومفاهيم غيرت العالم كالديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التعبير.. وأن التعامل مع هذه القضايا مع كل حدث وخبر بشيء من الاستخفاف والاستعباط، وكأن التقدم الغربي في هذه المجالات على مستوى أنظمتهم مجرد خدعة وتمثيل وليس له مضمون بالواقع في داخل مجتمعاتهم جعلهم أكثر تقدما واستقرارا وقوة وهيمنة عالمية.
تبرز مواقع التواصل لبعض النخب هذا النوع من النقد للحالة الغربية، مع كل حدث جنائي أو شغب سياسي وتجاوزات الشرطة، ويجد هذا النقد له شعبية تعززها حالة الكراهية الشعبية بسبب خليط منوع من الأسباب الواقعية في هذه المرحلة، وأخرى تاريخية وفكرية. هذه الكراهية ليست مشكلة إذا كانت مشروعة إلا عندما يتم توظيفها لتشويه الوعي الجمعي بحقيقة العالم وتزيين تخلفنا العربي.
فبعد كل حدث تظهر هذه الكتابات المتناثرة التي تكشف نوعية هذا النقد للآخر، الذي تمثله هذه الذهنية في نفعيتها اللحظية، عبر بضع كلمات تعرف طريقها ومكاسبها. مع مقتل رجلين أسودين ومظاهرة دالاس الاحتجاجية ومقتل أفراد من الشرطة برصاص قناصين وإصابة آخرين، ظهرت الكثير من التعليقات التي تتضمن حقنة تجهيل متنوعة، مختلطة مع شيء من التميلح ضد أفكار نقدية لمواجهة واقعنا، فيكتب كثيرون مثل هذه العبارة: لا بد من تغيير المناهج.. التي جعلت الشرطة الأمريكية هدفا للنيران، ويكتب آخر: «حلقات تحفيظ الإنجيل هي من هدمت الشباب والمناهج المسيحية كذلك»، مثل هذه الفكرة تتكرر كثيرا بصيغ متعددة، كتبت ذات يوم تويتري بصيغة مزاح لكنها تطورت لاستعمال جدي، يعني أننا ننتقدهم مثل ما ينتقدوننا.
صحفي آخر يشير إلى سهولة أن تعطي دروسا في الحريات وحقوق الإنسان وما أصعب أن تطبقها على أرض الواقع تعليقا على الحدث، وكأن ديمقراطية الغرب بكل نماذجها مجرد تنظير وليست حقيقة واقعة أنجزت عملا استطاعت به أن تتجاوز ما عجزت عنه حضارات سابقة في مجال السياسة وبناء الدول. تأتي بعدها التعليقات التي تتميلح مع مثل هذه الأحداث والتغريدة: نناشد الشرطة الأمريكية بضبط النفس ولغة الحوار.. وآخر يستبشر بسقوط الغرب، وربيع أمريكي، وثالث يخاطب المنبطحين والمنبهرين بالغرب .. أن يزيحوا عن أعينهم خرافة حقوق الإنسان والديمقراطية. وفي سياق الحديث عن العنصرية الغربية يأتي آخرون بوضع صورة بنجلاديشي يصلي إماما بمجموعة عندنا، مع أنه يعلم جيدا ما هي رؤية الآخرين له.. بمجرد الخروج من الصلاة، وأن كل مشكلاتنا التعاملية في مكان آخر.
تستطيع بسهولة متابعة هذا الوعي بكلمات متناثرة تقوده في حالات كثيرة نخب تعرف الغرب جيدا، لكنها تمارس لعبة التجهيل والمغالطة بمثل هذه المقارنات.
من العبث أن تدخل في أي نقاش أثناء هذه الحفلات الابتهاجية المعبرة عن بؤس واقعنا وبؤس هذه النخب التي تتكسب كلاميا من أي حدث ليس من أجل نقده كما هو، ووضعه في إطاره كأحد مظاهر الخلل السياسي في التجربة الغربية، وأن البشرية ما زال الطريق أمامها طويلا لتحقيق العدالة الإنسانية حيث تحدث مثل هذه المظالم حتى في أقوى النماذج الديمقراطية. هذا النقد ضروري ومطلوب ومفيد للوعي لرفع القدرات التحليلية في عالم السياسة ومشكلة القوانين، وكيف يتم حلها في كل مرة حيث يتطور التطبيق والتنظير والرؤية بعد كل حدث.
مشكلتنا مع هذا النوع من الخطاب العربي عميقة، وهو موجود عند عدة اتجاهات تلتقي في دائرة واحدة.. مهما اختلفت أيدولوجيتهم، فهناك الهارب من حكاية عقدة الانبهار بالغرب ويريد أن يثبت للآخرين أنه غير ذلك، ويلتقي هنا أيضا الذين لديهم بقايا حماس نضالي.. بعدة روائح إسلامية أو عروبية أو يسارية أو غيرها، ويجتمع معهم الحكومي العربي الذي يفرح بأي مشكلة من هذا النوع هناك ليحقن فكرة «ما فيش حد أحسن من حد».
أثناء هذه الحفلة جاءت حكاية كراتين كاميرون وصورة عائلته وهي تغادر المنصب لتشوش على هذه الحفلة الموقتة، فيأتي آخر ليؤكد أن صورة الكراتين من 2007، فشكل نقل الكرتون وطريقة نقل العفش مؤثران وسيغيران نظرته للغرب وتجربته السياسية! في هذه المغادرة كان أجمل تعليق اجتماعي وليس سياسيا على صورة العائلة وهي تغادر مع أطفالها.. لمغردة كتبت «وبدون فلبينية تمسك البنت أو شغالات وسواقين ..».
alkhedr.a@makkahnp.com
تبرز مواقع التواصل لبعض النخب هذا النوع من النقد للحالة الغربية، مع كل حدث جنائي أو شغب سياسي وتجاوزات الشرطة، ويجد هذا النقد له شعبية تعززها حالة الكراهية الشعبية بسبب خليط منوع من الأسباب الواقعية في هذه المرحلة، وأخرى تاريخية وفكرية. هذه الكراهية ليست مشكلة إذا كانت مشروعة إلا عندما يتم توظيفها لتشويه الوعي الجمعي بحقيقة العالم وتزيين تخلفنا العربي.
فبعد كل حدث تظهر هذه الكتابات المتناثرة التي تكشف نوعية هذا النقد للآخر، الذي تمثله هذه الذهنية في نفعيتها اللحظية، عبر بضع كلمات تعرف طريقها ومكاسبها. مع مقتل رجلين أسودين ومظاهرة دالاس الاحتجاجية ومقتل أفراد من الشرطة برصاص قناصين وإصابة آخرين، ظهرت الكثير من التعليقات التي تتضمن حقنة تجهيل متنوعة، مختلطة مع شيء من التميلح ضد أفكار نقدية لمواجهة واقعنا، فيكتب كثيرون مثل هذه العبارة: لا بد من تغيير المناهج.. التي جعلت الشرطة الأمريكية هدفا للنيران، ويكتب آخر: «حلقات تحفيظ الإنجيل هي من هدمت الشباب والمناهج المسيحية كذلك»، مثل هذه الفكرة تتكرر كثيرا بصيغ متعددة، كتبت ذات يوم تويتري بصيغة مزاح لكنها تطورت لاستعمال جدي، يعني أننا ننتقدهم مثل ما ينتقدوننا.
صحفي آخر يشير إلى سهولة أن تعطي دروسا في الحريات وحقوق الإنسان وما أصعب أن تطبقها على أرض الواقع تعليقا على الحدث، وكأن ديمقراطية الغرب بكل نماذجها مجرد تنظير وليست حقيقة واقعة أنجزت عملا استطاعت به أن تتجاوز ما عجزت عنه حضارات سابقة في مجال السياسة وبناء الدول. تأتي بعدها التعليقات التي تتميلح مع مثل هذه الأحداث والتغريدة: نناشد الشرطة الأمريكية بضبط النفس ولغة الحوار.. وآخر يستبشر بسقوط الغرب، وربيع أمريكي، وثالث يخاطب المنبطحين والمنبهرين بالغرب .. أن يزيحوا عن أعينهم خرافة حقوق الإنسان والديمقراطية. وفي سياق الحديث عن العنصرية الغربية يأتي آخرون بوضع صورة بنجلاديشي يصلي إماما بمجموعة عندنا، مع أنه يعلم جيدا ما هي رؤية الآخرين له.. بمجرد الخروج من الصلاة، وأن كل مشكلاتنا التعاملية في مكان آخر.
تستطيع بسهولة متابعة هذا الوعي بكلمات متناثرة تقوده في حالات كثيرة نخب تعرف الغرب جيدا، لكنها تمارس لعبة التجهيل والمغالطة بمثل هذه المقارنات.
من العبث أن تدخل في أي نقاش أثناء هذه الحفلات الابتهاجية المعبرة عن بؤس واقعنا وبؤس هذه النخب التي تتكسب كلاميا من أي حدث ليس من أجل نقده كما هو، ووضعه في إطاره كأحد مظاهر الخلل السياسي في التجربة الغربية، وأن البشرية ما زال الطريق أمامها طويلا لتحقيق العدالة الإنسانية حيث تحدث مثل هذه المظالم حتى في أقوى النماذج الديمقراطية. هذا النقد ضروري ومطلوب ومفيد للوعي لرفع القدرات التحليلية في عالم السياسة ومشكلة القوانين، وكيف يتم حلها في كل مرة حيث يتطور التطبيق والتنظير والرؤية بعد كل حدث.
مشكلتنا مع هذا النوع من الخطاب العربي عميقة، وهو موجود عند عدة اتجاهات تلتقي في دائرة واحدة.. مهما اختلفت أيدولوجيتهم، فهناك الهارب من حكاية عقدة الانبهار بالغرب ويريد أن يثبت للآخرين أنه غير ذلك، ويلتقي هنا أيضا الذين لديهم بقايا حماس نضالي.. بعدة روائح إسلامية أو عروبية أو يسارية أو غيرها، ويجتمع معهم الحكومي العربي الذي يفرح بأي مشكلة من هذا النوع هناك ليحقن فكرة «ما فيش حد أحسن من حد».
أثناء هذه الحفلة جاءت حكاية كراتين كاميرون وصورة عائلته وهي تغادر المنصب لتشوش على هذه الحفلة الموقتة، فيأتي آخر ليؤكد أن صورة الكراتين من 2007، فشكل نقل الكرتون وطريقة نقل العفش مؤثران وسيغيران نظرته للغرب وتجربته السياسية! في هذه المغادرة كان أجمل تعليق اجتماعي وليس سياسيا على صورة العائلة وهي تغادر مع أطفالها.. لمغردة كتبت «وبدون فلبينية تمسك البنت أو شغالات وسواقين ..».
alkhedr.a@makkahnp.com