فهد الحازمي

عودة سحر البوكيمون

السبت - 16 يوليو 2016

Sat - 16 Jul 2016

بين ليلة وضحاها أصبحت لعبة «البوكيمون قو» أنجح تطبيق في تاريخ الهواتف الذكية من ناحية سرعة الانتشار والشهرة. فانتشارها الفيروسي أذهل كل المتخصصين حيث تحقق اللعبة أرباحا يومية تقدر بـ 1.6 مليون دولار أمريكي، وبمعدل استخدام يومي يتجاوز تويتر وفيس بوك وسناب شات! علاوة على جنون العالم الذين يهيمون في المنازل والطرقات بجوالاتهم بحثا عن البوكيمونات مما أظهر مصطلح «البوكيمونايا» أو هوس البوكيمون. فانتازيا الانتشار المذهل للبوكيمون قو لا يقل عن فانتازيا عالم البوكيمون نفسه.

الذي يثير التساؤل بين الجميع هو كيف حصل كل هذا التطور بين ليلة وضحاها وكيف انتشرت هذه اللعبة بشكل كبير؟

حفل الانترنت برؤى عديدة تحاول شرح أسباب انتشار اللعبة. فالبعض يؤكد على تأثير اللعبة الحركي والتواصلي حيث يجب على اللاعبين الحركة والتجول هنا وهناك مما يؤدي إلى اكتشاف أماكن جديدة.

كما أن اللعبة تجمع لاعبين مختلفين في ذات المكان لم يلتقوا من قبل. والبعض الآخر يؤكد على الزخم الإعلامي الذي حظيت به اللعبة حيث زاد هذا من انتشارها وتوسعها.

أسباب أخرى ذكرت في هذا السياق تتضمن التغذية الإيجابية المتواصلة إلى غير ذلك من الأسباب.

لكن لو أتينا لكل هؤلاء الذين حللوا انتشار ونجاح اللعبة وسألناهم قبل إطلاق اللعبة بدقيقة واحدة، هل تتوقع أن تحظى هذه اللعبة بالانتشار الكبير؟ لكان رد فعلهم «لا أدري».

وأما الأسباب التي يقدمونها لنجاح اللعبة فكلها أسباب تصف ولا تقدم أي تفسير حقيقي لنجاح اللعبة. فتأثير اللعبة الحركي والتواصلي تشترك فيه مع مجموعة ألعاب أخرى عديدة من ضمنها لعبة سابقة للبوكيمون قو نشرتها ذات الشركة تسمى «انجرس Ingress» والتي لم تحظ بهذا التوسع والانتشار على الإطلاق. وأما الزخم الإعلامي فهو تفسير دائري لذات الأمر، فنحن أيضا نبحث سبب هذا الزخم الإعلامي لانتشار اللعبة، على قول الشاعر «وفسر الماء بعد الجهد بالماء». وبخصوص تصميم اللعبة فقلما تخلو لعبة من مراحل متعددة ومكافآت مختلفة تحفز اللاعبين للمواصلة. فما هو السبب الحقيقي لانتشار اللعبة؟

لا أدري لأن عالم اليوم معقد وقدرتنا على التنبؤ فيه ضعيفة. هناك عدد لا نهائي من الأسباب والظروف التي هيأت ظهور مثل هذه اللعبة وانتشارها الكاسح. الفكرة أننا لا نعرف أيا منها كان السبب. فتصميم اللعبة المتقن إلى فكرتها الإبداعية بدمج الواقع مع الخيال إلى الخلفية المعلوماتية الضخمة التي تتطلبها مثل هذه اللعبة (والتي استفادت منها الشركة من خلال اللعبة سابقة الذكر) إلى توقيت ظهور اللعبة والتغطية المميزة التي حظيت بها في موقع Reddit كلها أسباب ساهمت في نجاح اللعبة وانتشارها. لكن ليس معنى هذا أن كل لعبة تحقق كل هذه الشروط ستحقق ذات النجاح لما ذكرته من قبل أن قدرتنا على فهم العالم والتنبؤ به ضعيفة للغاية.

ما شرحته للتو هو تأثير الشبكة. عالم اليوم متواصل بشكل لم يسبق له مثيل. وهذا التواصل المعلوماتي يؤدي إلى ظواهر مستحدثة جديدة كالانتشار الفيروسي. بالطبع انتشار اللعبة كان يمثل الحالة القصوى لكن ذات القوانين - التي انتشرت بسببها لعبة بوكيمون قو - تحكم انتشار ظواهر أخرى كالفيروسات الوبائية والمقاطع المضحكة والبرودكاستات الواتسابية والهاشتاقات وما سوى ذلك. هذه القوانين لا علاقة لها بالمحتوى من قريب ولا من بعيد، بل بمفاهيم شبكية مثل طريقة اتصالنا مع بعضنا البعض والمواقع المؤثرة في الشبكة ومراكز الشبكة وأطرافها. بالتالي أي حديث عن محتوى اللعبة قد لا يكون وافيا في شرح لماذا انتشرت اللعبة بهذا الشكل.