عبدالله العولقي

حول التعليم والوظائف والإبداع الإنساني

الأربعاء - 10 فبراير 2021

Wed - 10 Feb 2021

إحدى الإشكالات المقلقة لدى التنمويين معضلة البطالة لدى أجيال المستقبل، فالتوجه العالمي يتسارع نحو آليات التقنية الحديثة كفكرة الذكاء الإصطناعي والآلة البديلة عن الإنسان، وبهذا تتحجم الوظائف البشرية وتتضاءل الحاجة إلى العامل البشري، وهناك حديث تنبؤي حول انقراض مجموعة معينة من الوظائف التقليدية وفي المقابل هناك توليد لوظائف مبتكرة تتواءم مع عمليات التعليم الإبداعي، بينما ستظل الوظائف المرتبطة بالقيمة الفنية والمهارة الإبداعية كالرياضة والكتابة والفنون هي التحدي الأكبر الذي تعجز الآلة عن أدائه ومحاكاة البشر في الإتيان به على الأقل في المستقبل القريب.

الظاهرة الإبداعية لا تتعلق بطبيعة الشهادة التعليمية، فلقد عرف العالم منذ وقت مبكر ظاهرة الأطباء الأدباء، وهي ظاهرة إبداعية تستحق التفكر والتأمل، فعلى الرغم من أن هؤلاء الأطباء الذين قضوا سنين طويلة في الدراسة التي تعد الأطول تعليميا إلا أنهم هربوا إلى فضاءات الإبداع الأدبي على الرغم مما توفره شهادتها الجامعية من الوجاهة الاجتماعية، ففي بيئتنا العربية نجد أن رائد القصة القصيرة هو الطبيب يوسف إدريس، ورائدا الشعر الرومانسي هما الطبيبان أحمد زكي أبوشادي وإبراهيم ناجي، ورائد أدب الخيال العلمي هو الطبيب نبيل فاروق، وغيرهم كثير، وقبل أيام رحل عنا أحدهم وهو الطبيب الأديب المبدع عبدالله مناع، رحمه الله.

لا شك أن الإبداع في العملية التعليمية قد ساهم في تقديم المشاريع التنموية الحديثة كمدن المستقبل المتطورة، فمشروع ذا لاين العظيم وهو إحدى ثمرات الرؤية الوطنية 2030، يرتكز على منظومة التعليم الإبداعي كالذكاء الإصطناعي وانترنت الأشياء.

أخيرا، أصبحت الشركات التقنية الكبرى كأمازون وتسيلا وقوقل لا تهتم في عمليات التوظيف باستقطاب ذوي الشهادات المرموقة فحسب، بل بإمكان أي شخص مبدع ولديه قدرات تقنية استثنائية أن يقدم سيرته الذاتية بسطر واحد يتضمن رابط قناته الإعلامية على إحدى المنصات التفاعلية كيوتيوب، فمحتوى القنوات التفاعلية قد يجلب لصاحبها وظيفة مرموقة وراتبا ضخما لا يتقاضاه إلا كبار مديري الشركات العالمية.

albakry1814@