مرزوق بن تنباك

أنت واحد من هؤلاء

الثلاثاء - 09 فبراير 2021

Tue - 09 Feb 2021

سترى كثيرا من الأشياء التي قد يكون لك رأي فيها أو تظن ذلك، وستسمع من الأقوال والأفعال ما يلفت النظر وينال اهتمامك لأنك جزء من المجتمع الذي يصنع كل ما رأيت وسمعت من الأحداث، ولا بد أن تحاول المشاركة سلبا أو إيجابا في الحركة الاجتماعية وأمامك عدد من أنواع التعامل الذي يقوم به كل فرد ضمن دائرته التي يعيش فيها بدءا بمجتمع القبيلة وتطورا وارتقاء إلى مجتمع الأمة والدولة:

النوع الأول:

الانطباع الشخصي والصمت عن نقد ما سمعت أو رأيت، وتقول: دع الأمر يمر فأنا فرد لا أستطيع تغيير شيء أراه يستحق التغيير، وتقلل من دورك تواضعا منك على حد قول من يقول رحم الله امرءا عرف قدر نفسه، والرأي عندك السلامة والصمت وعدم التعرض للمشاكل مع الناس والاهتمام بشأنك الخاص والسلامة أولى، هذا موقف يراه بعض الناس مناسبا لحاله ويأخذ به، ويقول ما كلف الله نفسا إلا وسعها، وما أكثر من هذا حاله وموقفه رغم أنه موقف سلبي على كل حال.

أما النوع الثاني:

الاعتقاد أن دور الفرد محدود في الشأن العام، وأن النقد غير مهم، وأن هناك من هو أولى منك في ممارسة دور أكثر وأكبر، وأن المسؤولين الرسميين المكلفين في معالجة شؤون المجتمع وحاجاته هم القادرون على التعامل السليم الذي يمكن أن يضبط سلوك المجتمع ويحدد نشاطه، وهذا في ظنك كفيل بوضع الأمر موضعه ورفع العبء عنك وعن غيرك من عامة الناس، وإعطاء القوس باريها، وهذا تعليل مقبول وتهرب من المسؤولية الفردية وتخل عن المشاركة الواجب القيام بها في مجتمع التكامل الطبيعي بين الفرد ومحيطه.

أما النوع الثالث:

فهو شعورك أنك جزء من المجتمع، وأنك عضو عامل فيه ولك رأي فيما يحدث أمامك من أحداث، وتستطيع أن تقول وأن تعمل شيئا نافعا ولو قليلا مهما كان موضعك في المجتمع، ومهما كانت قدرتك على المشاركة الفاعلة، هنا ستضع نفسك في دائرة الحراك الاجتماعي والنقد البناء وستصبح شئت أم أبيت صاحب رأي وموقف وناقدا لما تسمع وترى، وأن تميز بين ما تستطيع أن تقوم به وما يجب عليك فعله، لكن قبل أن نتجاوز كلمة ناقد لا بد من توضيح ما تعنيه حقيقة، وليس ما نفهمه منها في كثير من الحالات، حتى يزول اللبس الذي قد يمنع الفرد من مشاركة المجتمع همومه.

كلمة النقد هنا لا تعني البحث عن الأخطاء وتجسيمها والنظر إلى السلبيات وتضخيمها، وإن كان هذا هو ما يتبادر إلى الذهن أو هو ما اختزنته الذاكرة الثقافية حين تسمع كلمة نقد فتتجه إلى العيب للعمل أو القول، وقلما يخطر بالبال غير هذا المعنى السلبي.

لكن النقد في حقيقته هو الإصلاح للقول أو العمل وهو التقويم لما يراه الناقد من استقامة معنى الكلام وبيانه وأداؤه للغرض الذي قيل فيه، وهو توضيح لسلامة العمل من النقص والعيوب المخلة التي تعتريه وإبراز المحاسن وتوضيح صحتها والإشادة بها، والثناء على عاملها وقائلها وشكره على صواب ما قال أو عمل، هذا هو النقد البناء.

والمشكلات الاجتماعية كثيرة ومتشعبة، تواجهك في السوق وفي العمل ومع الجيران والأقرباء، وحتى وأنت تسير في الشارع لا بد أن ترى ما تحب وما تكره من الأعمال والأقوال، وإذا لم يقم كل منا بدوره الذي يحسن أداءه فهو يتخلى عن واجبه ويبتعد عن محيطه الذي يربطه بالآخرين ويختار السلبية التي تقتل إبداع الفرد، وتضمحل معها الشخصية الفاعلة ولا أحد يريد لنفسه أن يكون ذلك الفرد السلبي في مجتمعه.

Mtenback@