أحمد محمد الألمعي

أثر كوفيد-19 على الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة

الاثنين - 08 فبراير 2021

Mon - 08 Feb 2021

لقد تسببت جائحة كوفيد-19 (COVID-19) في عديد من التغييرات في التعليم بمراحله المختلفة من رياض الأطفال حتى التعليم الثانوي، بعض تلك التغيرات كان لها أثر كبير، خاصة على التعلم عن بُعد، وبعضها الآخر كان أثره بسيطا، مثل جلوس التلاميذ والطلبة بعيدا عن بعضهم والحفاظ على التباعد الاجتماعي في حافلة المدرسة. في حين أن معظم الطلاب قد توقف روتينهم اليومي فجأة، ربما يكون الأطفال الأكثر تضررا من هذا الاضطراب هم طلاب التربية الخاصة أو التعليم الخاص لذوي الاحتياجات الخاصة «Special Education».

وقد وفرت المملكة بدعم من القيادة الحكيمة عددا كبيرا من مراكز الدعم والعلاج لأطفال التوحد وذوي الاحتياجات الخاصة، والدعم المادي للأطفال لرسوم المراكز الخاصة حتى لا يكون العبء المادي عائقا في سبيل حصولهم على الخدمات المطلوبة. وتنتشر مراكز الدعم وخدمات ذوي الاحتياجات الخاصة بأعداد كبيرة حول المملكة، وتكون ركنا أساسيا من رؤية 2030 للخدمات الصحية.

ولشرح تأثير جائحة كورونا، أشارت المحاضرة لياندرا إليون Leandra Elion بقسم دراسات الطفل والتنمية البشرية بجامعة إليوت بيرسون في الولايات المتحدة الأمريكية إلى أنه «بشكل عام، في التربية الخاصة، تعد إحدى الاستراتيجيات التي تحقق أفضل النتائج هي الروتين المنظم - وقد انتهى هذا الأمر». يجب على الآباء الآن إنشاء هذا الروتين «ولا توجد وصفة معينة لما يبدو عليه الأمر في عالم COVID-19».

وأردفت بقولها: نتيجة لذلك، فقد عانى أولياء أمور الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة من خلال عملية التعلم عن طريق التجربة والخطأ (نظرية التعلم عن طريق المحاولة والخطأ لثروندايك) للعثور على ما يصلح - وما لا يصلح - لتشجيع أطفالهم على الانخراط في التعليم الافتراضي أو التعليم الشخصي الذي يبدو مختلفا كثيرا عما كان عليه قبل جائحة COVID-19.

وقالت إليون «إنها قبعة أخرى يرتديها الآباء. لقد أصبحوا في أداء أدوار المدرسة، والمعلمين، ومراقبي الغداء، وممرضة المدرسة، ومراقب الاستراحة، والآن أصبحوا أيضا باحثين أثناء تجربتهم لروتين مختلف». «أعتقد أن الاضطرار إلى لعب هذه الأدوار العديدة المختلفة كان مرهقا للغاية للآباء».

وتشير ميليندا ماتشت جرينبيرج Melinda Macht-Greenberg (أخصائية نفسية إكلينيكية وتنموية ومدرسية ومحاضرة في جامعة إليوت بيرسون تقوم بتدريس دورات حول إجراء تقييمات للصحة العقلية للأطفال والاحتياجات التعليمية) إلى أن السؤال الأكثر شيوعا الذي يطرحه الآباء يتمثل في كيفية الوصول إلى الخدمات المختلفة التي يحق لأطفالهم الحصول عليها.

قالت ماشت جرينبيرج Macht-Greenberg: «كثير من الأسئلة التي يطرحها الآباء والأوصياء في التربية الخاصة هي: كيف أحصل لطفلي على ما يحتاج إليه؟ وما الذي يحق لي الحصول عليه؟ وما الذي يُسمح لي بطرحه؟ لقد كان آباء الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة مرتبكين بشكل مستمر وكامل. بالنسبة للآباء العاملين، فإن التوفيق بين المدرسة من المنزل والعمل من المنزل كان أمرا صعبا للغاية».

يغطي التعليم الخاص مجموعة من الاحتياجات، من الأطفال الذين يمكنهم استخدام القليل من المساعدة في القراءة للأطفال الذين يعانون من إعاقات بصرية أو سمعية، إلى الأطفال ذوي الإعاقات المتعددة. لدى طلاب التربية الخاصة خطط تعليم فردية، أو IEPs برنامج التعليم المنفرد (Individualized Education Program)، وهي تحدد أهدافا للطفل وتحدد خدمات التعليم الخاص التي سيتم تقديمها.

عندما أغلقت المدارس في الصيف بسبب COVID-19، أعلنت الحكومة الفيدرالية بالولايات المتحدة الأمريكية أنه لن يكون هناك إعفاءات للتعليم الخاص، مما يعني أن «كل شيء في قانون تعليم الأفراد ذوي الإعاقة (IDEA: Individuals with Disabilities Education Act) - جميع الجداول الزمنية والخدمات واللوائح - أصبح ألزاميا. لكن ماشت جرينبيرج قالت «كان هذا صعبا للغاية بالنسبة للمدارس للتنفيذ».

قالت إدارة التعليم الابتدائي والثانوي بولاية ماساتشوستس (وزارة التعليم سابقا) إن المدارس يمكنها تقديم تعديل على برنامج التعليم الفردي في شكل برنامج التعلم عن بعد، والذي كان من المقرر تقديمه كتابيا إلى العائلات. ومع ذلك، على عكس «IEP» (برنامج التعليم المنفرد)، لم تتطلب خطة التعلم عن بعد أي نوع من موافقة الوالدين ومشاركتهم، وأدى ذلك إلى كثير من المشاكل. فلم يعرف بعض أولياء الأمور أن الجداول الزمنية للتقييمات والاجتماعات الخاصة بالتعليم الخاص ما زالت سارية ومستمرة، ومع ذلك كانت المدارس تؤجلها».

إذا كان الطفل لديه برنامج التعليم المنفرد IEP: (Individualized Education Program)، فإنه بموجب القانون تتم إعادة كتابته كل عام، ويجب إعادة تقييم الطفل كل ثلاث سنوات لتحديد ما إذا كان لا يزال مؤهلا للحصول على تعليم خاص. أيضا، إذا كان الطالب جديدا في نظام التعليم الخاص، يجب على المدرسة تقييم الطفل في غضون 30 يوما دراسيا، وبعد 15 يوما أخرى يجري عمل مقابلة لعائلة الطفل. قالت ماشت جرينبيرج إنه خلال الحجر الصحي لـ COVID-19 في الربيع، لم تقم المدارس بكثير من الاختبارات أو لم تفعل ذلك على الإطلاق.

قالت إليون إنها تدرك أن المدارس غارقة في التأقلم مع التعلم الافتراضي وتعزيز تدابير السلامة داخل المباني المدرسية للامتثال لإرشادات COVID-19. لكنها قالت إن هذا ليس عذرا لإنكار حق الطفل في التعليم العام المجاني والمناسب. إنها تشكل الركيزة والدعامة الجوهرية لجميع قوانين التعليم الخاص في الولايات المتحدة، و»بالنسبة للطفل ذي الاحتياجات الخاصة على وجه الخصوص، فإنه يتعين على فريق IEP (برنامج التعليم المنفرد)، الذي يتضمن منطقة المدرسة وأولياء الأمور، تحديد التعليم المناسب.

الأثر على مقدمي الرعاية

ليس من عادة الأطفال قراءة كتيبات إرشادية. حتى لو فعلوا ذلك، فسوف يحتاجون جميعا إلى دليل خاص بهم، وأن يكون مفصلا عليهم كالثياب التي يرتدونها. هذا هو السبب في أن تقديم الرعاية يمكن أن يكون مجزيا، فضلا عن كونه محيرا ويحتاج بذل جهد، خاصة لمقدمي الرعاية الأسرية للأطفال ذوي الإعاقة.

فعلى الرغم من أن مقدمي الرعاية غالبا ما يذكرون أن الدور يمنحهم إحساسا بالهدف، إلا أنه يأتي عادة مع ضغوط جسدية وعاطفية ومالية. أضاف COVID-19 عقبات كبيرة أمام الوصول إلى خدمات التعليم الخاص وتقديمها وتقييمها.

تم تشخيص واحد من كل ستة أطفال في الولايات المتحدة بإعاقة في النمو، مثل نقص الانتباه وفرط النشاط أو التوحد أو الإعاقة الذهنية أو الشلل الدماغي. هؤلاء الأطفال لديهم مجموعة معقدة من احتياجات تقديم الرعاية تشمل صحتهم وحياتهم اليومية وأنشطتهم التعليمية.

وتتم دراسة تجارب مقدمي الرعاية الأسريين خلال COVID-19 من خلال الاستطلاعات والمقابلات مع مقدمي الرعاية للأطفال ذوي الإعاقة وغير المعاقين في الولايات المتحدة الأمريكية.

ولكن وفقا للنتائج التي تم التوصل إليها، فإن مقدمي الرعاية للأطفال الذين يعانون من إعاقات متوسطة إلى شديدة - مثل التوحد أو اضطراب نقص الانتباه مع فرط النشاط (ADHD) - يواجهون مزيدا من التوتر والاكتئاب والقلق وازديادا في العبء على مقدم الرعاية من الأهل والعاملين.

ذكر أحد الوالدين لطفل يعاني من إعاقات متوسطة «كان طفلي يعاني بالفعل من التعلم الشخصي،العودة إلى المنزل والاضطرار إلى القيام بكل شيء بشكل مستقل، على الرغم من أنهم تلقوا دروسا عبر الإنترنت ومقاطع فيديو يمكنه مشاهدتها، جعل ذلك مستوى إجهاده مرتفعا للغاية، مما جعل مستوى توتري كمقدم للرعاية مرتفع للغاية».

هذه الأمور مثيرة للقلق، بالنظر إلى أن الأبحاث تشير إلى أن إجهاد الوالدين يمكن أن يؤثر على تقدم وتطور الأطفال ذوي الإعاقة.

يأتي جزء من هذا الضغط من اضطرار الوالدين إلى ملء أدوار عديد من المهنيين بتدريب متخصص، مثل المعالجين المهنيين والمعالجين الفيزيائيين ومعالجي النطق والأخصائيين النفسيين. قال أحد الوالدين المشاركين «أنا نوعا ما أضع احتياجاتي في المرتبة الأخيرة، في انتظار أن تتحسن الأمور لكنني مررت بأزمة واحدة تلو الأخرى، ثم أتى الوباء».

ويضيف الباحثون «نحن نؤمن بأن تقديم خدمات تعليمية عالية الجودة للأطفال ذوي الإعاقة يبدأ بدعم مقدمي الرعاية الأسرية. باستخدام كلماتهم الخاصة، قمنا بتجميع بعض الأفكار حول كيفية دعم المدارس لمقدمي الرعاية الأسرية، خاصة خلال هذا الوقت الذي يزداد فيه عبء تقديم الرعاية».

القلق الرئيس بين مقدمي الرعاية يتمثل في الشعور بالوحدة. وجد أحد المشاركين فائدة كبيرة في الخط الساخن للدعم الذي يعمل به الأخصائيون الاجتماعيون، وشدد آخر على الحاجة إلى زيادة التعاطف والتشجيع لمقدمي الرعاية الأسرية.

ويمكن للمدارس التواصل مع العائلات، والتأكد من تلقيهم المعلومات وإحساسهم بالتواصل. يعتمد المعلمون على العائلات لتقديم الإرشادات والعلاجات المهمة للطلاب ذوي الإعاقة، هذا يعني أن مقدمي الرعاية الأسريين بحاجة إلى الشعور بالراحة عند طلب مساعدة محددة منهم. قامت بعض المدارس بعمل ذلك عن طريق بناء شراكات قوية بين المنزل والمدرسة أثناء الوباء.

يمكن للمعلمين تنظيم اجتماعات متكررة مع مقدمي الرعاية من الأسرة لمراجعة خطط التعلم وتعديلها، كما يمكن أن تكون مدروسة في مشاركة الموارد التي يتوقع من العائلات استخدامها. كما ذكر أحد الآباء «أعتقد أنه سيكون من المنطقي أن تقوم المدرسة بهذه الأشياء بدلا من مجرد إعطائنا مليون شيء لتنزيله.. يجب أن أتحدث إلى معلم التربية الخاصة بقدر الاحتياج، فالجودة تهم أكثر من الكمية».

العافية الشخصية أمر بالغ الأهمية لتكون قادرا على مساعدة الآخرين. ويمكن للمدارس دعم مقدمي الرعاية الأسرية من خلال تقديم نصائح حول كيفية اتخاذ خطوات صغيرة تعزز الإجراءات الروتينية التي يمكن التنبؤ بها، والعلاقات الإيجابية والمشاركة الممتعة. قد تكون الخطوة بسيطة مثل أخذ دقيقتين إضافيتين للراحة والاستمتاع بالهدوء.

تمنياتي لجميع أطفالنا وأسرهم بالسلامة والعافية، وقانا الله وإياكم من كل شر.

AlmaiAhmad@