مزنة أحمد الشامان

قرار إداري

السبت - 06 فبراير 2021

Sat - 06 Feb 2021

تخرج من مكتبك لتحضر قهوتك كعادتك، تجد الأنظار متوجهة إليك محدقة بك، تلتقي عيناك بعيونهم، ولكنهم مباشرة يشيحون بنظراتهم ويجعلونها هائمة في الأرجاء. تعود إلى مكتبك، وتبدأ بالرد على بعض الرسائل الالكترونية الواردة. تجد من بين الرسائل رسالة واردة بعنوان: قرار إداري.

تفتح الرسالة وعيناك تتطايران يمنة ويسرة لمعرفة الأمر، تتسابق دقات قلبك قائلة «يا رب ما يكون أنا»، تقع عيناك على اسمك، تقرؤه مرات وكأنك لا تعرفه، ثم تقرأ القرار وتعيد قراءة اسمك مرات أخرى مصدوما منه مذهولا من الخبر. لا تعلم ما السبب، كيف لهذا الأمر أن يكون، لماذا أنا؟ لماذا الآن؟ كيف يحدث هذا؟ وتبدأ في تفسير تلك النظرات التي كانت تلاحقك؛ الموظفون جميعهم يعرفون بخبر انتقالك إلا أنت، ذاع الخبر وانتشر. وتبدأ أعصابك في حالة من العصيان لك، لا تستطيع تمالكها؛ لماذا لم يخبروني من قبل، لماذا أفاجأ بهذا القرار وأنا المعني به، لماذا.. ولماذا.. وتنتهي ساعات العمل وفي عقلك زخم من التساؤلات. تذهب إلى بيتك ويذهب أثرُ ذلك القرار معك، تجلس مع نفسك والآخرين مهموما حزينا حيران ناقما، لا تعرف ما الذي ينتظرك غدا، كيف ستتصرف؟ مع من ستكون؟ وكيف سيكون؟ تُركت للمجهول.

في حياتنا، نكون مسؤولين عن عدة قرارات، سواء كانت خاصة بأنفسنا أو بمن نعول أو نرأس. إن أحدثنا ضررا في اتخاذها على أنفسنا فهي ملك لنا نتحمل مسؤوليتها ونعيش تبعاتها، وإن أخطأنا في اتخاذها على من نعول قد نتصافى مع الأيام أو قد لا تمر أحداثها بسلام. أما إذا أوقعنا الضرر في قراراتنا على من نرأسهم، فأثر ذلك سيلاحقنا ما حيينا. وقع تلك القرارات سيكون كبيرا جدا على النفس وقد تبقى كدماته مدى الحياة، وقعها يتعدى من وقع عليه الضرر ليلامس البشر من حوله.

تُصدِر الإدارة أثناء ممارستها سلطتها قرارات إدارية مختلفة، تجلب بعض هذه القرارات معها تغييرا يمس وظيفة الموظف، لذلك يجب إدارة هذا التغيير لتتحقق المصلحة العامة بأقل الخسائر المادية والجسدية والنفسية.

من الجميل التنبؤ بردات الفعل الناجمة عن القرارات الإدارية، والتخطيط للتصرف حيالها مسبقا قبل وقوعها، فالتغييرات المفاجئة التي تحملها بعض القرارات الإدارية قد لا تأتي بخير. اختيار الوقت المناسب لإشاعة القرار أمر ينبغي أن يؤخذ بعين الاعتبار، بالإضافة إلى عدم توحيد توقيت تعميمها لاختلاف أنواعها.

من المهم جدا التمهيد للقرارات الإدارية قبل تعميمها ومشاركتها مع المعنيين بها، وتوضيح أسبابها والمكاسب التي ستعود عليهم، وغير ذلك من الأمور التي تساعدهم في قبول التغيير والتخفيف من وطأته على نفوسهم.

ستصعب الإجابة عن التساؤلات الناجمة عن القرارات الإدارية إذا كانت الأسباب الشخصية هي المحرك لها، حينها ستكون تلك القرارات مجرد بلاهات إدارية ستحسب على من أقرها، وتقلل من حجم إدارته وتجعله صغيرا في عيون المرؤوسين.

ولكيلا تتكرر السيناريوهات المؤلمة مع تعميم بعض القرارات، ينبغي الاستفادة من التجارب السابقة، ووضع منهجية تنتهجها الجهة في إصدار قراراتها.

في القرارات بدايات جديدة فلا تتركوا موظفيكم تحت وطأة الخوف منها ولا تطمسوا معالم جمالها بأسلوب إقرارها.

@miznahalshaman