ياسر عمر سندي

العاشرة وعشر دقائق بالتوقيت العالمي

الخميس - 04 فبراير 2021

Thu - 04 Feb 2021

مع توارد الأفكار وتزامنها في الوقت نفسه بتساقط الأخبار المحلية والعالمية المتنوعة وفي مقدمتها الأخبار الصحية واستهلاك الوقت في ترقب ما سيحدث تجاه أزمة كورونا المتحور، التي نعيشها في سباق ماراثوني إعلامي للقنوات المسموعة والمرئية والمقروءة، وغيرها من وسائل التواصل الاجتماعي المتنوعة، أصبح من الطبيعي أن يعتري النفس البشرية كثير من التأرجح بين الارتياح النسبي من عدمه، ويتصدر انفعال الخوف الساحة حاليا بدرجاته البدائية، كسقطات من الحذر العرضي، وصولا إلى أقصى مؤشراته كالوسواس المرضي، ويعتمد ذلك بطبيعة الحال على درجة الهشاشة النفسية أو قوتها، والثقافة الشخصية من انعدامها، وجميع ذلك يشكل لدى الفرد إما الحاجز النفسي الصلب أو القلق والاضطراب.

ربما صادف توقيت فكرة كتابة هذا المقال خبرا أثلج صدري وطمأنني باتصال وردني من أحد المقربين، الذي وافق العاشرة وعشر دقائق، وقادني ذلك بالنظر إلى ساعة يدي بعقاربها المنفرجة التي ارتسمت على شكل ابتسامة عريضة، وكأنما الخبر الذي استشرفته بالإيجابية سلفا استقبلته بالخير واقعا، وهذه منهجية سلوكية أتبعها في تعاملاتي الحياتية، ولله الحمد، بعمل دمج متزامن بين وقتي المستهلك وإيماني المستدرك، وأسائل نفسي التي اعتدت أن أعاتبها بين الفينة والأخرى عتاب المحب لمحبوبته كي أعيدها إلى جادة صوابها الفكري والإيماني: لماذا الهدر في الوقت بالضيق والانغلاق مع إمكانية الاستثمار فيه بالإيجابية والانطلاق؟

إذن ما الداعي لتحميل الموقف أكبر من حجمه، فالقدر بيد الإله والقدير رزقني إياه، وكل شيء رسمه الخالق لنا نمضي فيه كخارطة طريق وسيناريو مسبق ننفذه في حياتنا الدنيا، وألهمنا العقول لنختار ولا نحتار، وندرك بوعي متفائل وإيمان كامل بأن الوقت بركة وسعادة يجب استشعارها وربطها بالأحداث في الأيام التي نقضيها ونعيشها، لأن المتصرف المبدع هو المخطط لهذا الملكوت في دقته ومعياريته وسريانه وجريانه.

عندما توصل العالم الفيزيائي الكندي الأصل الأمريكي المنشأ «وارن ماريسون» إلى اختراع أدق آلة قياس زمنية حديثة آنذاك وهي ساعة الكوارتز بآلية التشغيل الميكانيكية بالعقارب عام 1927، كان سعيدا بإنجازه وتعامله مع قيمة وفلسفة الوقت وتفاصيله الدقيقة، وحرصا منه على تعزيز منتجه وإعادة إنعاش وبناء المجتمعات الأوروبية بعد خروجها من الحرب العالمية الأولى والتي استمرت بين عامي 1914 و1918 وحصدت الملايين من البشر وخلفت آثارا سلبية تسببت في تدني الروح المعنوية لسنوات؛ أبدع صانعو الساعات للتفكير الاستراتيجي في دمج الدقة في الوقت مع السعادة والمتعة في التعايش مع الأحداث اليومية بطريقة تؤدي إلى تغيير الصورة الذهنية الحزينة، وتوصلوا إلى إشارة العاشرة وعشر دقائق للإعلان الذي كان آنذاك صيحة للسعادة وأيقونة للتفاؤل، لترتبط الإيجابية بالوقت والرمزية في شكل علامة الصح بالتقاء عقرب الدقائق مع عقرب الساعات أيضا وكأنما ينعكس على المشاهد صحة توقيت السعادة اللحظية التي تشاركها ماركات الساعات مع النفسيات.

من وجهة نظري في تفسير نمط الشخصية لصناع الساعات، أرى أنهم أكثر هدوءا وسكونا ورضا وسعادة من أي شخصية أخرى، ويرجع ذلك إلى المهارات والجدارات المطلوبة، والاستعداد والشغف اللازمين، ودقة التركيز والانضباط المهني، لينعكس ذلك على عملهم وإتقانهم الميكانيكي في استكمال إبداعهم الإنتاجي الذي قد يأخذ أياما وقد يتجاوز ذلك الشهر لإنتاج بعض الساعات الفخمة المرصعة بالألماس أو الأحجار الثمينة أو المصنعة خصيصا بإعداد حصري وإصدارات معينة لشخصيات متميزة بحسب الطلب.

الشاهد في الأمر أن قصة انتشار العاشرة وعشر دقائق للساعات الميكانيكية كانت في الأساس عملية إعلان للسعادة باتفاق ضمني وإجماع تسويقي لماركات الساعات في قمة مواجهة الأزمات.

فالابتسامة لغة إيحائية بسيطة تعكس إيجابية عظيمة في وقت نمضيه وننتعش فيه.

Yos123Omar@