عبدالله محمد الشهراني

أسر منتجة لكن فنية

الأربعاء - 03 فبراير 2021

Wed - 03 Feb 2021

في أحد المؤتمرات المتعلقة بصيانة قطع الطائرات تفاجأت بوجود أب وابنته يديران شركة صيانة لمجموعة محددة من قطع الطائرات، وهي القطع الخاصة بنظام التكييف في الطائرة، وفي ركن آخر أب وابنه يديران شركة أخرى متخصصة في صيانة كوابح عجلات الطائرات. ثم بعد السؤال والتقصي، اكتشفت أن ثقافة الشركات العائلية منتشرة في أمريكا، وفي ولاية فلوريدا بالتحديد، بسبب ما تقدمه الولاية من تسهيلات إدارية وأسعار رمزية من ناحية الضرائب، الأمر الذي يشجع العائلات على تحويل كراج البيت إلى ورشة صيانة مرخصة تعمل وفق أنظمة صارمة، العاملون فيها - وهم الأبناء بطبيعة الحال - حاصلون على دبلومات من جهات رسمية، ومواقع العمل يتم التدقيق عليها من خلال زيارات تفتيشية دورية.

السؤال: لماذا قطع الطائرات؟

لسببين: الأول هو ما أشرنا إليه في المقال السابق تحت عنوان «قطع غيار الطائرات.. التوريد قبل التصنيع»، حيث إن الموردين هم في الأغلب شركات تشتري القطع المستعملة ثم تقوم بصيانتها وبيعها بعد ذلك، وتفضل هذه الشركات عدم البيع، بل مبادلة المستفيد بإعطائه القطعة الجيدة وأخذ (العطلانة) مع احتساب الفرق، وبذلك تقوم الشركات بتدوير القطعة عدة مرات. وتشتري شركات أخرى من الموردين طائرة تعرضت لحادث ما (شغل تشليح)، ثم تبدأ بتفكيك قطعها وعمل اختبارات عليها، حيث توضع القطع التي تجتاز الاختبار على الرف، بينما تخضع القطع الأخرى للصيانة. كلتا العمليتين المربحتين - الاختبارات أو الصيانة - تتمان في الورش. أما السبب الثاني لنجاح هذه التجارة فهو سعر الإصلاح، الذي يحقق مبالغ جيدة ودخلا أفضل مقارنة بأي وظيفة مهنية.

وبالانتقال إلى مفهوم «الأسر المنتجة» في المملكة الذي ارتبط ذهنيا بالمأكولات والحرف اليدوية، فإنني أعتبر هذا الارتباط - بكل أمانة - نجاحا، وقد جاء هذا النجاح من خلال دعم رسمي تمثل في قرار مجلس الوزراء رقم 92 بتاريخ 7 / 2 / 1440هـ الذي تضمن اللائحة التنظيمية لعمل الأسر المنتجة، إضافة إلى توفير الأنظمة الالكترونية التي تساعد تلك الأسر، أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: نظام «معروف» الذي يعطي التأكيد للمستفيد بأن البائع شخصية معروفة ومضمونة.

حتى ننتقل إلى مرحلة جديدة متقدمة في مفهوم الأسر المنتجة، ونتجه إلى الجانب الفني، أعتقد أنه من الضروري أن تؤمن الجهات الرسمية ذات العلاقة بالفكرة وتتبناها، وأن تطرحها بشكل بسيط وسهل أمام أفراد المجتمع، وبأسلوب تجاري محفز يوضح المردود والمتطلبات، وأن تضع تلك الجهات لهذه الفكرة الأطر النظامية والتشريعية، إضافة إلى التسهيلات المادية.

الأسر المنتجة يمكن أن تتحول إلى شركات صناعية عالمية.

@ALSHAHRANI_1400