طلال الحربي

هؤلاء المارقون من الدين

السبت - 16 يوليو 2016

Sat - 16 Jul 2016

غطت محاولة الانقلاب في تركيا على الجريمة الحقيرة التي اقترفها عنصر من تنظيم الدولة اللا-إسلامية- في مدينة نيس الفرنسية في نهاية الأسبوع. هؤلاء الظلاميون اقتحموا حياتنا وأحلامنا وشوهوا ديننا. هؤلاء لم يسمعوا بما أمر به الله «ولا تعتدوا...» و«لا تقتلوا النفس التي حرم الله ...» وحتى «ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله...»، ولم يسمعوا بأخلاق الحرب والقتال في وصية رسوله «لا تغدروا، ولا تغلوا، ولا تقتلوا وليدا، أو امرأة، ولا كبيرا فانيا، ولا معتصما بصومعة، ولا تقربوا نخلا، ولا تقطعوا شجرا، ولا تهدموا بناء..».

هؤلاء هم الذين قال عنهم نبينا «يخرج فيكم قوم تحقرون صلاتكم مع صلاتهم وصيامكم مع صيامهم وعملكم مع عملهم ويقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية...».

هؤلاء أعطوا لأنفسهم حق الوصاية على الإسلام وقتلوا وذبحوا ومثلوا باسمه وأحلوا للمسلم قتل المسلم وحتى أقرب الأقربين إليه.

هؤلاء يحتكمون إلى مرجعيات مشبوهة تنتقي نصوصا دينية على هواها «فإن لم يستجيبوا لك فاعلم أنما يتبعون أهواءهم ومن أضل ممن اتبع هواه بغير هدى من الله إن الله لا يهدي القوم الظالمين». وهم الذين غسلوا أدمغة كثير من الشباب المضلل المستعد لقتل نفسه وقتل غيره من المسلمين وغير المسلمين بعد أن وعدوهم بمفاتيح الجنة، وهم في الحقيقة يرسلونهم إلى جهنم من أوسع أبوابها.

هؤلاء شياطين وليسوا من الإسلام في شيء ويجب اجتثاثهم بجميع الوسائل ولا نفهم ولا نتفهم كيف أفتوا بشرعية قتل المدنيين المسالمين في عقر دارهم هذا إن كانوا حقا يدافعون عن الإسلام ورفع رايته.

في أوروبا، يعيش الملايين من المسلمين من أصول غربية وغيرها، تقبلتهم مجتمعات تلك الدول وأصبحوا جزءا من نسيجها الاجتماعي والسياسي والاقتصادي ويتمتعون بنفس المزايا التي يتمتع بها المواطن الأصلي. هؤلاء يجب أن يكونوا شاكرين لتلك الدول التي استضافتهم وقبلتهم بعدما هربوا من مجتمعاتهم الأصلية. هؤلاء لم يذهبوا إلى تلك الدول لنشر الإسلام، وإنما بحثا عن وظيفة وعيش كريم، ولا نزال نرى الآلاف يركبون البحر مخاطرين بحياتهم من أجل الوصول إلى بلاد الأحلام.

هؤلاء الذين اختاروا العيش في تلك الدول يجب أن يحترموا ثقافتها لا أن يكونوا عناصر تخريب ودمار وقتل. القاتل الذي نفذ جريمة نيس يقال إنه من أصول تونسية. هذا القاتل له تاريخ في الجريمة المنظمة وتجارة المخدرات، لكنه أصبح فجأة «مجاهدا» يمتطي شاحنته ليقتل الناس الآمنين باسم الإسلام.

نحن من المدافعين دوما عن حرية الإنسان وكرامته وحقه في الحياة والفكر الذي يعتنقه، كما يأمر الإسلام بذلك، ولكن من يقنع غير المسلمين بأن ما يقوم به هؤلاء المارقون ليس من الإسلام في شيء؟ وهل ننكر على حكومات تلك الدول لو قامت بترحيل آلاف العرب والمسلمين وإعادتهم إلى ديارهم؟

وهل سيفرح هذا أتباع «الخليفة» البغدادي الذي قال في كتاب حديث صدر في إيطاليا إنه من أقطاب الحركة الماسونية؟