عسير وفرص النماء الواعدة

في الدورة الرابعة لمبادرة مستقبل الاستثمار، كان لولي العهد الأمير محمد بن سلمان حضور مؤثر ومختلف، جسد ذلك حديثه الاستشرافي والمقنع عن مستقبل المدن في السعودية، وتلك المبادرات الاستثمارية المنتظرة في مناطقنا الحبيبة، التي ستغير مفهوم الاستثمار وتأخذه إلى فضاءات أرحب من الإنتاجية والفاعلية والشراكة الاقتصادية بين الإنسان ومدينته.

ولأنني مفتون بأبها لأنها مدينتي ومركز منطقة عسير، وجزء أصيل من خارطة هذا الوطن العظيم، فقد تخيلت هذه المدينة وهي مقبلة على حراك استثماري كبير، فهي بكل المقاييس مدينة عريقة، يشهد بذلك تاريخها المديد وإنسانها الخلاق الذي صنع شكلا مميزا من أشكال الحضارات الإنسانية الخالدة شواهدها الأصيلة ما زالت ماثلة في المكان ومخطوطة في ذاكرة الزمان وتاريخه.

أبها تعد تحفة مكانية في غاية الجمال، فمناخها يميل إلى الاعتدال في جذوة الصيف اللاهبة قياسا بالمناطق المجاورة وما جاورها، وشتاؤها قصة مختلفة ومخالفة، مختلفة كونها تثري الجمال وتضفي عليه شيئا من بهائها ورونقها، أما المخالفة فتكمن في الصعوبة التي يجدها خبراء الطقس وهم يحاولون اللحاق والتنبؤ بحالات التغير في أجوائها على مدار الساعة صيفا وشتاء.

سعدت كثيرا عندما بشر أميرنا بعسير لتكون وجهة استثمارية استراتيجية قادمة كونها تملك مقومات الاستثمار، فالأرض واعدة وإنسانها متحفز عبر تاريخه المديد، لتلك النقلات الحضارية الفاعلة التي تعيد دوزنة الحياة وفق مبشرات اقتصادية قادمة وخطط استثمارية واعدة تأخذ المنطقة إلى فصول جديدة من الرخاء والنماء.

أعجبني كذلك تسارع وتحور مفاهيم الاستثمار في السعودية لتصبح استثمارات في المدن، وأبها وعسير قادرتان على تجسيد هذا المفهوم ليرفدا اقتصادنا الوطني بكثير من الفرص الجيدة، شريطة أن تستمر وتيرة تحسين البنية التحتية لأبها ولباقي مدن المنطقة حتى تصل إلى مستوى الرياض، حتى يتواءم ذلك مع المفاهيم والإجراءات التي أطلقها وبشر بها ولي العهد.

أبها حالة فريدة في موقعها الجغرافي، فهي قمة بين قمم جبال السراة، تبز قريناتها بالأقدمية وعراقة الحضور، كونها المركز الذي يخدم باقي مدن المنطقة وهجرها، لها إطلالة على الساحل التهامي وتتصل به من خلال شرايين طرق رئيسة تحتاج إلى شيء من العناية والتعديل والتجديد، وهذا سيمكن إنسان المنطقة من التفاعل مع المفاهيم الجديدة للاستثمار والتماهي معها، فطريقا ضلع وشعار كانا وما زالا علامة فارقة في خططنا التنموية السابقة، بأصالتهما وقدرتهما على جعل أبها ومنطقة عسير بمجملها مرتبطة ببيئة مختلفة تتمثل في المناطق التهامية وطقسها المعتدل شتاء، مما يشكل نافذة لإنسان أبها وعموم جبال السراة في التنقل بسلاسة وسرعة كبيرة بين مكان ومكان، بل بين حالتين مختلفتين في الطقس والمناخ، هذا شكل خصوصية لعسير ومدنها وهجرها لأن رحلة التغيير هذه لا تقتضي سوى أجزاء بسيطة من الساعة لتكون في مكان آخر بطقس مختلف وجغرافيا جديدة.

أبها وإنسانها وعسير وأبناؤها قادرون على احتواء أحلام ولي العهد، لأن في المنطقة من المحفزات ما يجعلها وجهة تنموية مهمة تشكل عمليا مفهوم المدن الاقتصادية الجادة والجاذبة للعمل، والقادرة على صنع اقتصاديات مختلفة تتماهى ورؤية المملكة 2030 التي تتمحور في الأساس حول خلق مجتمعات حيوية، باقتصاديات مزدهرة، في السعودية وطن العز والشموخ وطننا العظيم والطموح.

@alaseery2