عبدالله الأعرج

ممشاي.. مقترح لوزارة التعليم

الاحد - 31 يناير 2021

Sun - 31 Jan 2021

من المهم جدا ونحن في هذا الزمن المتقدم علميا وفكريا والمنفتح على المعارف بشراسة، أن تعيد أجهزة التعليم المختلفة النظر في تطوير أدائها بحيث يكون لها تأثير أكبر في تحقيق تنمية شاملة تؤثر في عدد كبير من المستفيدين من خدماتها.

ووزارة التعليم المعنية بتسليح الإنسان بالعلوم والأفكار والمعارف يمكن لها أن تواصل تقديم خدماتها بطرق جديدة ومختلفة ومبتكرة، لتحقيق أهداف غير تعليمية من خلال فكر تعليمي.

لذلك فإن فكرة (ممشاي) أو ما يسمى School Walkway تعد بتقديري إحدى أهم الأفكار التي يجدر بوزارة التعليم تبنيها بقوة ومناقشتها مع أجهزة الدولة الأخرى ذات العلاقة، لما يترتب عليها من فوائد متعددة.

ممشاي باختصار عبارة عن طريق (ممشى) يربط البيوت بالمدارس في الأحياء المكتظة بالسكان في المدن، يسير فيه الطلاب والطالبات قبل بدء المدرسة وبعد انتهائها مقابل مبلغ رمزي، ويكون بمثابة رحلة جسدية وغذاء فكري يومي تتحقق من خلاله منافع كثيرة لهذه الفئة المهمة جدا في تركيبة المجتمع.

فكرة ممشاي تقوم على أن يكون هنالك طريق مرصوف بشكل ممتاز، ومؤمن بالكامل بأجهزة مراقبة وشبكات واي فاي يمتد مسافة 2-4 كلم، وفيه بوابات دخول متعددة من الأحياء المكتظة، ويتصل بعدد من مدارس البنين والبنات، بحيث يرتاده الطلبة الراغبون بذلك يوميا، ويكون رحلة تتجدد بالأفكار يوميا من خلال ما يتم في هذا الممشى من زرع للمعارف والقيم والتنوير الحضاري وإيصال رسالة التربية والتعليم وغيرها بأذكى وأجمل ممارسات.

عندما يأتي الطالب أو الطالبة لمدخل الممشى فإنه يفترض أن يكون لديه تطبيق الكتروني أو كارد ممغنط أو نظام باركود يتيح له فتح البوابة أتوماتيكيا ليبدأ رحلته إلى مدرسته.ومن المقترح في هذه الرحلة أن يكون هناك أفكار تتجدد يوميا على جانبي الممشى، منها: شاشات تطلع الطلبة بآخر مستجدات العلوم، وأركان للاطلاع على طرق التعلم الذاتي self-learning، وبانرات الكترونية وما شابهها تندب مرتادي الممشى إلى قيم وفضائل تعزز المواطنة وتؤصل للقيم السامية وتحث على التعايش مع الآخرين وبناء الأرض ونفع الإنسان، ومساحات مختلفة لممارسة شيء من الترفيه البسيط الموجه حسب جنس الطالب ومرحلته العمرية، ومتاحف الكترونية على شكل أنبوبي تستعرض تاريخ الوطن وتنوع مناطقه الجغرافية وتستعرض دور المملكة إقليميا ودوليا وموقعها في خارطة إنجازات العالم، وطبيب وطبيبة يحضران دوريا في الممشى لتقديم مشورة ونصائح حول الصحة العامة، ومعلمين ومعلمات خبراء يحضرون دوريا بالممشى لتقديم نصائح للتعلم الحديث وسلوكيات الفهم والإدراك، واستضافة شخصيات مؤثرة من وقت لآخر لإثراء رحلة الطلاب الصباحية، وتقديم مشروبات ومأكولات من صنع أسر منتجة أو من مشاريع ريادية أو ناشئة startups، وتقديم عروض وتخفيضات مدرسية وتعليمية وغيرها كثير.

هذه الأفكار في ذلك الممشى الصباحي ستحقق عدة مكاسب سريعة quick wins، وستخلق من رحلة الذهاب والعودة المدرسية تجارب وتعليما لا ينسى، وذلك لطبيعتها الديناميكية وتجددها الدائم.

من هذه المكاسب الكبيرة تعزيز رياضة المشي الطويل، وهي أهم من تمارين الاصطفاف الصباحي، وستعمل على الحد من السمنة المفرطة (وهي أسوأ من زيادة الوزن) التي بلغت في الإحصاءات الأخيرة بالسعودية 59.4% يمثل الطلبة فيها قبل سن المدرسة وخلالها نسبة كبيرة جديرة بالانتباه قبل أن تتحول لمشاكل صحية يصعب علاجها ويكون مكلفا حين يتحقق، كذلك فإن ريع الاشتراك الفصلي في ممشاي من قبل الطلبة سيكون للمدرسة المشاركة، وبهذا سوف يكون هذا المال رافدا جديدا لتحقيق متطلباتها وتخفيف الاعتماد على السلف التي تصلها من الوزارة.

ممشاي يحقق أيضا نمو جيل جديد يؤمن بالتقنية ويعزز دورها في حياته، فالممشى الكتروني وتطبيقاته في التعلم الكترونية وأفكاره الصباحية مواكبة لكل حديث وعصري، ممشاي طريق آمن ومراقب وبعيد عن ازدحام السيارات ومخاطر الطرق، ممشاي كذلك فرصة لتنمية عقل الطفولة وتعزيز الإبداع والموهبة، وهو فرصة لحوارات الشباب وتبادل الطموحات وتعزيز العمل الجماعي المفيد والنافع.

ممشاي سيكون أكبر من مجرد طريق للمدرسة، فهو طريق للأفهام والعقول النيرة والمواكبة والمتحضرة، وسيكون مؤملا عليه الكثير من التغيير الإيجابي لشباب وشابات الوطن بما يتوافق والأحلام الكبيرة التي سيصنعها الجيل الجديد، منطلقين من المضمار الأول والكلمة الأولى في كل زمان وأي مكان، وهي «العلم والتعليم»، والسلام.

dralaaraj@