ياسر عمر سندي

إمبراطورية «س»

الأربعاء - 27 يناير 2021

Wed - 27 Jan 2021

من الموضوعات المهمة التي تشغل العامة هو كيفية الوصول لمنطقة الراحة والتي أعتبرها بمثابة المساحة التي تشكل المحمية للعقل والفكر والجسد ضد الصيد الجائر من مخترقي خصوصيات الشخصيات، والعابثين بالنفسيات والذين يمارسون التجاوزات العشوائية للمحمية بأساليبهم وطرقهم وسلوكياتهم السلبية، والتي تسبب الانزعاج وعدم الاتزان للباحثين عن المرحلة الإمبراطورية.

جميعنا بلا شك يسعى إلى بناء إمبراطوريته الخاصة والتي يود أن ينعم بها وحده، وربما يعطي قدرا من الانفتاح لمن شاء من المقربين منه بالتطفل النسبي المسموح للاستمتاع معه والتنقل بين جنباتها بكل اطمئنان وأمان، حيث يجتهد إمبراطور المحمية لضرب سياج مانع حول مرحلته ضد هؤلاء المتجاوزين خصوصا في هذه الفترة التي تتطلب الكثير من التحكم والضبط بالوعي والمعرفة والصبر والتفاؤل والمرونة.

إمبراطورية «س» والتي أحببت أن أسميها مجازا بهذا المصطلح بسبب الاحتياج الذي يستجديه الفرد لمحطة معينة بحياته للوصول للنقاء والارتقاء بمجموعة من المراحل تبدأ بحرف الـ «س» تضمن له المحافظة على وجوده بمنطقة الراحة منذ بدايات نضوجه العاطفي والفكري والعمري وفي رأيي أنها عشر مراحل تشبع الاحتياج النفسي من التبعثر والتبخر:

1 - السمو: وهي القدرة على التغافل والتجاهل والتكامل بتفنيد الأفكار وانتقاء الإيجابية منها من صندوق الذكريات وكذلك الأشخاص والمواقف واستشراف الصورة اللائقة التي تناسب الشخصية والدراسة والهواية المفضلة للتربع على عرش الرُقي.

2 - السكوت: بعدم استهلاك جهازنا اللفظي الرئيس وهو اللسان فتعطيل عمله إراديا أي بعدم الخوض في الغث والسمين وانتقائيا لأفضل الكلمات والعبارات يرفع من آلية الأذن وهي الإنصات الإيجابي البناء.

3 - السلام: إتقان المرحلتين السابقتين يجعلنا نصل لمرحلة الاستقرار والسلام، وهو القيمة العليا من التصالح النفسي بالتآزر السلوكي الذي يمثل بداية الهدوء الإمبراطوري الفعلي في التطبيق بما لدينا من خبرات وثقافات وتصورات تجعلنا نتقن هذه المهمة بكل اقتدار وإصرار.

4 - السيولة: وأعني بها تقمص ولعب دور الماء في انسيابيته لنليق بكل حاوية ننزل بها بما يتوافق مع معياري الشرع والعرف الديني والمجتمعي، فالتحجر سمة التعثر، وهي عكس خاصية الماء الجاري الذي ينحت مساراته ويرسم تفريعاته.

5 - السهولة: وهي وسطية التعامل في دوائر الحياة الخمس والتي تبدأ بالأسرة والعائلة والعمل والأصدقاء والمجتمع عموما فتعقيد الأمور ينعكس سلبا في تعقيد مكونات الإمبراطورية، فأمور الحياة كالمرآة تعكس ما تراه.

6 - السببية: وهي الربط المنطقي بإشعال العقل التحليلي والذي يجعلنا نعيد التفكير بعدة تساؤلات لماذا؟ وكيف؟ وماذا؟ وأين؟ ومتى؟ وهي خماسية الفهم والإدراك في التأمل والتفكر والتدبر والتي تجعل من الكائن البشري منشغلا بذاته أكثر من غيره.

7 - السلامة: وأعني بها انتقاء ونقاء السلوكيات الثلاث اللفظية والفعلية والإيمائية في التعامل مع الذات قبل الآخرين والتي توصلنا إلى السلامة من الاصطدام مع الغير.

8 - السفر: له عدة فوائد عظيمة كما قيل وأهمها الاسترخاء لإعادة تشغيل الجهاز المركزي العصبي والفكري للإنسان وتجعله يطرد الفتور والروتين ويتقرب أكثر من أفكاره ليفهم ذاته ويفهم المقربين في دوائره.

9 - السرور: منهجية يتحكم بها الإنسان الناضج وأقصد بالناضج أي المتحكم أكثر في ذكائه العاطفي بوعيه الذاتي وانضباطه الشعوري وتحفيزه النفسي وفهمه المجتمعي ومعالجته لعلاقاته بالآخرين تجعله يعيش حالة من الابتهاج العام والرضا المستدام.

10 - السكون: وهو المقر الرئيس لهذه الإمبراطورية والموقع الرسمي لإعادة التشكيل النفسي والعاطفي للجسد والعقل، حيث تبدأ بالبعد عن المثيرات العشوائية السمعية والبصرية واللفظية، فمن المفترض ألا يعير الفرد انتباهه إلا لما يثري عقله ويغذي فكره، وإن اضطر فلا يلقي لها كل البال ويعود لمقره وموقعه الرسمي، وهو حالة تتسق أكثر مع العظماء لتصل بهم إلى الراحة والاتكاء في انتظار طيب البشارات واستقبال الخيرات.

هذه المراحل العشر أجدها تبني إمبراطوريات سينية خاصة نحتاجها لنعيش ونتعايش بوعي واحترام.

@Yos123Omar