محمد النفاعي

الإدارة الرقمية

الأربعاء - 27 يناير 2021

Wed - 27 Jan 2021

أصدرت مؤسسة مبادرة مستقبل الاستثمار، وهي مؤسسة عالمية غير ربحية تتولى تنظيم المؤتمر السنوي لمبادرة مستقبل الاستثمار، دراسة جديدة حول الوضع العالمي لقطاع الرعاية الصحية.

وقد كشفت الدراسة أن الاستعانة بتطبيقات الذكاء الاصطناعي وعلوم الروبوتات في أنظمة الرعاية الصحية الحالية قد تؤدي إلى زيادة كفاءة الاستثمار في هذا القطاع بنسبة 20%، هذا التقرير حفز ذهني وأثار تساؤلاتي عن مدى تأثير الذكاء الصناعي والبيانات الضخمة وإنترنت الأشياء مثلا على رفع مستوى كفاءة الإدارة وهل سيكون هناك توجه إلى ما نستطيع أن نسميه مفهوم الإدارة الرقمية . Digital Management. نحن لا نتكلم عن الإدارة الالكترونية e-management التي تعتمد على الأتمتة والنظم المعلوماتية والاتصالات في تحسين إدارة الأعمال بين الإدارات لرفع كفاءة الإنتاج وتسريع تنفيذ الاستراتيجيات المؤسسية.

من المعلوم أن العالم الآن يعيش في مرحلة الثورة الصناعية الرابعة والتي من أهم ركائزها هو التحول الرقمي .Digital Transformation. هذا التحول الرقمي يقود المؤسسات والمشاريع إلى العمل عن بعد (حتى بعد انقضاء الجائحة إن شاء الله كما أعتقد)، والاعتماد على البيانات الضخمة وتحليلها لاتخاذ القرار، والتوجه لاستخدام آليات رقمية مثل سلسلة الكتل (البلوك شين) للتعامل مع العملاء لتقديم الخدمات. وأيضا التوجه إلى تطوير آليات المؤتمرات والاجتماعات والمرونة في إدارة الأعمال وتنفيذ العمل والتركيز أكثر على الإنتاجية.

هنا نطرح كيف يكون تحول نموذجين إداريين كلاسيكيين حسب خبرتي العملية، ليلعبا دورا كبيرا في المضي قدما للانتقال إلى الإدارة الرقمية. هذان النموذجان هما كالتالي:

أولا: الإدارة بالأهداف Management By Objective (MBO)

هذا النموذج الإداري ليس جديدا، فقد صاغه بيتر دراكر في الخمسينات من القرن الماضي، وهو يعتمد على إدارة العلاقة بين المنظومة والموظف للتأكد من تحقيق الأهداف الاستراتيجية للمنظومة. لذلك استخدم دراكر الاختصار SMART (Specific, Measurable, Acceptable, Realistic, Time-bound) أي (محدد، قابل للقياس، مقبول، واقعي، محدد زمنيا) للتعبير عن المفهوم وتبسيطه. ما أعتقده شخصيا أن الإدارة الرقمية لن تتطلب (قابل للقياس ومحدد زمنيا) نظرا لعدم الحاجة لهما بسبب العمل عن بعد والمرونة في تنفيذ الأعمال والأهم من ذلك كله التركيز على الإنتاجية وتحقيق الأهداف.

إذن المدير في الإدارة الرقمية سيكون تركيزه على استخدام الآليات الرقمية لتحديد الأهداف المؤسسية للمتابعة والتقييم. أما الموظف سيكون هدفه تحقيق الإنتاجية بطريقته ووقته الخاص. في النهاية النتيجة النهائية هي التي ستحدد العلاقة بين الإدارة والموظف مع اختصار كثير من المهمات الإدارية الكلاسيكية عن طريق توظيف التحول الرقمي.

ثانيا: الإدارة بالاستثناء Management By Exception (MBE)

هو نموذج إداري قديم جدا، يمكن المديرين والتنفيذيين من التركيز على الأمور المهمة أو الحاسمة والتي تطرأ بشكل استثنائي فقط ومن ثم اتخاذ قرارات مهمة حيالها. نموذج يمنح الموظفين المسؤولية في اتخاذ القرارات وتنفيذ أعمالهم أو مشاريعهم الروتينية بدون تدخل المديرين ما أمكن. أي أن هناك تفويضا أكبر داخل المؤسسة. الإدارة الرقمية ستتبنى هذا الأسلوب بشكل سلس، نظرا للتطور الهائل في تصنيف وتحليل البيانات الضخمة مع تطور خوارزميات الذكاء الصناعي بشكل عام. هنا القرارات ستكون استباقية ودقيقة بدل أن تكون ردة فعل بسبب وفرة المعلومات في الوقت المناسب.

ختاما نقول إن مفهوم وأساسيات الإدارة بشكل عام لن تتغير، حيث إننا لن نفعل أشياء مختلفة عن الإدارة الكلاسيكية، بل سنفعل نفس الأشياء، ولكن بشكل مختلف في الإدارة الرقمية. فيوما بعد يوم ستتطور النماذج الأخرى، مواكبة للتحول الرقمي للتمكن من التعايش مع مستجدات وتأثيرات الثورة الصناعية الرابعة على مرتكزات المؤسسات الثلاثة (الناس والأعمال والتقنية) بشكل عام.

@msnabq