فارس محمد عمر

قلعتنا

الجمعة - 15 يوليو 2016

Fri - 15 Jul 2016

رفيقة حياتي. حرصت على صداقتنا ومصالحنا، وفرحت بما أفرحك أكثر من فرحي لنفسي. كفايتك وابتسامتك وطمأنينتك كانوا همي. ثم أضفت بسمات حبيبة زادتني عناية بكم. دراساتي وشهاداتي وأعمالي وعلاقاتي، كلها خارج قلعتنا، فكانت تليكم، لا آتها إلا بعد تحقيق هناء معيشتكم. ما سرنا وأفادنا وحفظ ودنا ألغيت وأجلت من أجله كل شغل، عدا الطارئ القليل من نواميس الحياة. ثم دبت ظلمات وتسرب علقم واهتزت القلعة.

كان حسن ظني بنفسي واجب الاجتناب! أعترف اليوم

يا عزيزتي أني سبب ما تبدل. صرت كما ترينني، أنزع للخلوة والبحث لأستظهر ما فاتني. قارنت الأحوال والسنين والمواقف. فكرت وتدبرت وراجعت، وإذا بمصراع الباب الذي دفعته إلى الخارج عقودا ينفتح إلى داخلي، يريني ذاتي وحصيلتي، فانتبهت. استحضرت لهفتي لإبعاد نقد وجلب رضا. وقعت في عنت الشرك الأصغر الذي لا منعة منه دون أخرى، أفرض اقتناعي فرضا بأني أحسن صنعا، فأي أحمق كنته!

كلمة حق ولدتها أطلال وعبر، هزتني آمادا حتى وأدتها. ثم فوجئت مرة بجبل شامخ يهمس بها همسا ما عرفته منه قبلها. كلمة طابقت ما في نفسي، هي مفتاح أمري «الإبداع والنور والمستقبل أن تبقى فيما أنت فيه». ارتحت أن وافقني حكيم عالم قاطع الرأي مثل أبي رحمه الله، وقد ظننتني منفردا بخيار ليس بعده إلا قرار. لكنني لم أبق، فخضت بكم متخبطا في سنواتنا العجاف.

سامحيني يا قلعتي، يا زوجتي الغالية وأبنائي وعمري، وسامحني يا أيها الهامس الراحل الباقي، ورب همسة تجلو ما بين القمم والقيعان. وسامحيني يا إرادتي، لكننا يا أحبتي ما زلنا نتنفس ونعقل، فهيا بنا!