قيمة الأخلاق

الجمعة - 15 يوليو 2016

Fri - 15 Jul 2016

يقول أحد الفلاسفة في الأخلاق إنها هي التي تقرر القوانين التي ينبغي للإنسان أن يسير عليها في سلوكه، بمعنى أنها هي التي تبحث في أعمال الناس فتحكم عليها بالخير أو الشر، ومما لا شك فيه أن الأخلاق هي الأساس الذي يشيد عليه تاريخ الثقافات وكل أهل حضارة، وهي التي ترتفع عليها أمجاد الناس وتجعلهم حاضرين في ذهنية الزمان عبر العصور.

الأخلاق تتجاوز العقل والفكر لأنهما مجرد أدوات بسيطة في سماء روح الإنسان الفسيحة، وهي ارتفاع الشخص وسموه بذاته على الحياة التي تتسم بأمورها المعقدة. يعرف الإمام الغزالي الخلق الحسن بأنه إصلاح لقوة التفكير وقوة الشهوة وقوة الغضب فأمهات الفضائل في نظره أربع: الحكمة والشجاعة والعفة والعدل، ولكل فضيلة فروع لها خصائص مختلفة. ولعدم الإطالة أود أن أستعرض أبرز ثلاثة اتجاهات تناولت مفهوم الأخلاق من زوايا مختلفة:

الاتجاه الأول وهو اتجاه الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام، حيث يرون أن الأخلاق هي ما بني على الرحمة والرفق والمحبة. أما الاتجاه الثاني والذي أتى به كل من مكيافيلي ونيتشه هو أن الأخلاق ما بني على تحكيم القوة والتفوق والقتال. وأما الاتجاه الأخير وهو الذي أتى به الفلاسفة أمثال سقراط وأفلاطون وأرسطو، حيث قدموا «العقل المثقف» على الرحمة والقوة، لأنهم يرون أن العقل هو الميزان الذي يحكم إذا ساد الحب أو تحكمت القوة.

وقد استخلص الفيلسوف الهولندي باروخ سبينوزا من هذه الاتجاهات الثلاثة نظاما أخلاقيا عده البعض من أرفع ما سما إليه الفكر البشري الحديث، حيث يقول: إن غرض الأخلاق هو «السعادة» بمعنى وجود اللذة وانعدام الألم في حياة الإنسان، ومن جانب آخر هو لا يرى أن قيمة التواضع قيمة أخلاقية لأنه يعتقد أن التواضع من جانب القوي خداع ومن جانب الضعيف خجل.

أخيرا أقول إن أقوى ما يدفع الإنسان إلى أن يكون ساميا وأخلاقيا هو «الحب»، لأنه أساس أسمى الفضائل، فالحب هو العلاج الفعال لأمراض الحقد والحسد والبغضاء التي تعد من الأوبئة التي تعاني منها المجتمعات والنفوس، فالحب هو الذي يجعل من الشخص إنسانا.