حجارة مسومة للمثقفين.. وخوف بليغ!
الجمعة - 15 يوليو 2016
Fri - 15 Jul 2016
المثقف في اللغة هو الحذق النبيه، والرمح الخالي من الاعوجاج، وفي الاصطلاح «ناقد اجتماعي، همه التجديد، والتحليل والعمل على تجاوز العوائق التي تقف أمام بلوغ نظام اجتماعي أفضل، وأكثر إنسانية، وعقلانية». وهذه المعاني تبدو جميلة بما تحمله من صفات محمودة، لكنها فرغت من حمولاتها الدلالية الأصيلة اليوم عند وصف شخص ما بالمثقف، فقد انحسر المعنى حتى صار مقابلا (للمتأسلمين)، هذا الانحسار قاد إلى الاستخفاف بالثقافة والفكر وأثر على مصطلح (مثقف) حتى فرغه من الدلالات الإيجابية، فنجح قوم في ملء الفراغ الناتج بدلالات سلبية (حسب منظورهم)، ليصبح المثقف (ليبراليا/ علمانيا) بتعريفهم الخاص للمصطلحين، ويصير (أعوج/ عميلا/ زائر سفارات/ منفذ أجندة خارجية/ ذيلا/ رويبضة/ تابع هوى/ عدوا للدين والوطن والأمة/ وكل نقيصة يمكن تخيلها).
كل هذه الدلالات السلبية وغيرها صارت حجارة يرجم بها كل صوت ينادي بمراجعة المقولات والتراث والحقب الماضية، (خاصة حقبة الصحوة وعبثية الوعاظ)، للوقوف على أي خلل يطفو على سطح المجتمع والوطن الآن، فقادت تلك الهجومات إلى إنتاج صنوف من المثقفين متباينة، تجتمع كلها (ربما) تحت مظلة (الثقافة) لكنها تختلف في ردة الفعل على تلك الحجارة المسومة للمثقفين، فنشاهد اليوم مثقفين متطرفين ينوشون أغصان المجتمع بمقولات صادمة قفزوا إليها ردا على استفزاز الآخر، وصنفا متعقلا طويل النفس يحاول (تنوير المجتمع) لكن صوتهم منخفض يغيبه الهدوء تحت صخب الصنف الأول، أما الصنف الثالث فصنف جبان إلى درجة التماهي مع كل المقولات، فتجده عند (المتأسلمين) أشد بأسا على المثقفين لأنه محسوب عليهم، على عكس حاله في أوساط المثقفين، وحسابه على الثقافة عبء عليها، وعلى الإنسانية حتى.
إني لأعجب من حال مثقفين يجتمعون في دوائر مغلقة في «قروبات الواتس اب» ومجموعات (الفيس بوك) أو حساباتهم محدودة المتابعة في ردهات (تويتر)، ويفندون ويحللون مقولات الآخر، فيكتفون باستنكارها فيما بينهم، ويتفرقون في الصمت، وكأن غايتهم لا تعدو شجب واستنكار (الدول العربية) أو قلق (بان كي مون)، لكن الفعل الحقيقي متروك لفئة قليلة من الناشطين، باتوا (مشيطنين) في عرف المجتمع، شوههم الآخر فبنى جدارا بينهم وبين الوعي الاجتماعي، ويزداد العجب حين ينكفئ المثقفون والمبدعون على ذواتهم ولا يوجهون نتاجاتهم الفنية والإبداعية والفكرية إلى المجتمع، ثم يتباكون على قلة القراء، وبؤس التقدير.
لا يكفي أن يذم المثقفون (الصحوة)، أو يتهمونها بما تعانيه أجيال اليوم، بل يجب أن يصنعوا خطابا مضادا جريئا يقتلع الأفكار المشوهة التي أوصلت كثيرا من أبناء المجتمع إلى (الدروشة) أو (العنف)، وهذا الخطاب هو ما يحتاجه المجتمع أكثر من أي مرحلة مضت، راجيا ألا تتهم مقالتي (بالتعبوية أو التحريضية)؛ فالتهمتان تأتيان في سياقات الدفع بالناس إلى غير واجباتهم، ومقالتي تنسرب في مجرى (التذكرة) لأصحاب واجبات تراخوا عنها وتراجعوا من أجل مصالح وظيفية أو اجتماعية، ليس لأحد الحق في التعرض لها دون سند عدلي، ونحن ولله الحمد في دولة العدل والقانون.
لو عدنا بالذاكرة إلى الرمز (غازي القصيبي) يرحمه الله، القائم بمهام ومسؤوليات جسام؛ سنجده لم يتوان في مواجهة الأفكار الظلامية، فأدى واجباته الوطنية ومسؤولياته الحكومية ولم يغفل عن دوره التنويري لمجتمعه، لكن ضعف دور المثقفين اليوم جعل أطولهم باعا لا يتجاوز صوته المئة ألف، مقابل مليونيات لأدمغة (فارغة) لا تقدم للناس حقيقة حياتهم وعالمهم ومستقبلهم وما يجب أن يكونوا عليه، في عالم لا يعترف بالدعة، ولا ينتظر البكائين بين فكي (الموت) من صرخة الميلاد حتى حشرجة الروح. فماذا تنتظرون؟!
كل هذه الدلالات السلبية وغيرها صارت حجارة يرجم بها كل صوت ينادي بمراجعة المقولات والتراث والحقب الماضية، (خاصة حقبة الصحوة وعبثية الوعاظ)، للوقوف على أي خلل يطفو على سطح المجتمع والوطن الآن، فقادت تلك الهجومات إلى إنتاج صنوف من المثقفين متباينة، تجتمع كلها (ربما) تحت مظلة (الثقافة) لكنها تختلف في ردة الفعل على تلك الحجارة المسومة للمثقفين، فنشاهد اليوم مثقفين متطرفين ينوشون أغصان المجتمع بمقولات صادمة قفزوا إليها ردا على استفزاز الآخر، وصنفا متعقلا طويل النفس يحاول (تنوير المجتمع) لكن صوتهم منخفض يغيبه الهدوء تحت صخب الصنف الأول، أما الصنف الثالث فصنف جبان إلى درجة التماهي مع كل المقولات، فتجده عند (المتأسلمين) أشد بأسا على المثقفين لأنه محسوب عليهم، على عكس حاله في أوساط المثقفين، وحسابه على الثقافة عبء عليها، وعلى الإنسانية حتى.
إني لأعجب من حال مثقفين يجتمعون في دوائر مغلقة في «قروبات الواتس اب» ومجموعات (الفيس بوك) أو حساباتهم محدودة المتابعة في ردهات (تويتر)، ويفندون ويحللون مقولات الآخر، فيكتفون باستنكارها فيما بينهم، ويتفرقون في الصمت، وكأن غايتهم لا تعدو شجب واستنكار (الدول العربية) أو قلق (بان كي مون)، لكن الفعل الحقيقي متروك لفئة قليلة من الناشطين، باتوا (مشيطنين) في عرف المجتمع، شوههم الآخر فبنى جدارا بينهم وبين الوعي الاجتماعي، ويزداد العجب حين ينكفئ المثقفون والمبدعون على ذواتهم ولا يوجهون نتاجاتهم الفنية والإبداعية والفكرية إلى المجتمع، ثم يتباكون على قلة القراء، وبؤس التقدير.
لا يكفي أن يذم المثقفون (الصحوة)، أو يتهمونها بما تعانيه أجيال اليوم، بل يجب أن يصنعوا خطابا مضادا جريئا يقتلع الأفكار المشوهة التي أوصلت كثيرا من أبناء المجتمع إلى (الدروشة) أو (العنف)، وهذا الخطاب هو ما يحتاجه المجتمع أكثر من أي مرحلة مضت، راجيا ألا تتهم مقالتي (بالتعبوية أو التحريضية)؛ فالتهمتان تأتيان في سياقات الدفع بالناس إلى غير واجباتهم، ومقالتي تنسرب في مجرى (التذكرة) لأصحاب واجبات تراخوا عنها وتراجعوا من أجل مصالح وظيفية أو اجتماعية، ليس لأحد الحق في التعرض لها دون سند عدلي، ونحن ولله الحمد في دولة العدل والقانون.
لو عدنا بالذاكرة إلى الرمز (غازي القصيبي) يرحمه الله، القائم بمهام ومسؤوليات جسام؛ سنجده لم يتوان في مواجهة الأفكار الظلامية، فأدى واجباته الوطنية ومسؤولياته الحكومية ولم يغفل عن دوره التنويري لمجتمعه، لكن ضعف دور المثقفين اليوم جعل أطولهم باعا لا يتجاوز صوته المئة ألف، مقابل مليونيات لأدمغة (فارغة) لا تقدم للناس حقيقة حياتهم وعالمهم ومستقبلهم وما يجب أن يكونوا عليه، في عالم لا يعترف بالدعة، ولا ينتظر البكائين بين فكي (الموت) من صرخة الميلاد حتى حشرجة الروح. فماذا تنتظرون؟!