176 قتيلا في رقبة الحرس الثوري الإيراني

عائلات الطائرة الأوكرانية المنكوبة تبحث عن العدالة الغائبة من نظام طهران ملاحقات قانونية في أمريكا وكندا والدعوة لاعتباره حادثا إرهابيا إجراميا تفاصيل غامضة تحيط بالحادث، وأسئلة كثيرة تطارد حكومة روحاني شكوى جماعية للمحكمة الجنائية تتهم طهران بالإهمال والتخلي عن المسؤولية مكالمة هاتفية تكشف تورط الحرس في قتل المدنيين دون الاكتراث للعواقب تحويل الركاب إلى دروع بشرية انتهاك لقانون النزاع وجريمة حرب
عائلات الطائرة الأوكرانية المنكوبة تبحث عن العدالة الغائبة من نظام طهران ملاحقات قانونية في أمريكا وكندا والدعوة لاعتباره حادثا إرهابيا إجراميا تفاصيل غامضة تحيط بالحادث، وأسئلة كثيرة تطارد حكومة روحاني شكوى جماعية للمحكمة الجنائية تتهم طهران بالإهمال والتخلي عن المسؤولية مكالمة هاتفية تكشف تورط الحرس في قتل المدنيين دون الاكتراث للعواقب تحويل الركاب إلى دروع بشرية انتهاك لقانون النزاع وجريمة حرب

الأحد - 17 يناير 2021

Sun - 17 Jan 2021

رغم مرور عام على سقوط طائرة ركاب مدنية أوكرانية في المجال الجوي الإيراني ومقتل 176 شخصا كانوا على متنها، لا تزال هناك أسئلة كثيرة بلا إجابة، أهمها على الإطلاق: هل ستجد عائلات ضحايا الطائرة العدالة بعدما أصبح القتلى أشبه بالخنجر المغروس في رقبة الحرس الثوري الإيراني؟

مرت ذكرى سقوط رحلة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية 752 (PS752)، التي كان بين ضحاياها 138 مواطنا أو مقيما أو مرتبطا بكندا، بالإضافة إلى ضحايا من إيران وأوكرانيا والسويد وأفغانستان والمملكة المتحدة، وتجرع أهالي الضحايا الألم والحسرة على ذويهم الذين فقدوهم بسبب خطأ إيراني.

عائلة ماتت بأكملها في حادث الطائرة  (مكة)
عائلة ماتت بأكملها في حادث الطائرة (مكة)



تساءل تقرير حديث صادر عن المجلس الأطلسي: لماذا لم تغلق السلطات الإيرانية المجال الجوي أمام الطائرات المدنية في وقت كانت الضربة العسكرية الأمريكية محتملة؟

ولماذا اختارت السلطات الإيرانية تأخير نشر المعلومات بأن الحرس الثوري الإيراني أسقط الطائرة PS752 لمدة ثلاثة أيام؟

ولماذا تعرضت أسر الضحايا للترهيب والمضايقة من قبل وكلاء طهران لمجرد الحصول على إجابات حول ما حدث لذويهم؟ وغيرها من الأسئلة؟

محاكمة دولية

ينص القانون الدولي على أنه من حق عائلات الضحايا الحصول على الحقيقة والعدالة والتعويضات، ويشكل ذلك الجهود المبذولة نيابة عن المتضررين الجهود الدبلوماسية والتحكيم والتقاضي المدني وإمكانية إجراء تحقيقات جنائية.

أطلقت رابطة عائلات ضحايا الرحلة المنكوبة، وهي مجموعة من أفراد عائلات الذين ماتوا على متن الطائرة، حملة تمويل جماعي في الأسبوع الذي يسبق الذكرى السنوية الأولى للإسقاط لجمع الأموال القانونية اللازمة لتقديم الجناة من قبل محكمة دولية.

عروسان قضيا في الطائرة المنكوبة  (مكة)
عروسان قضيا في الطائرة المنكوبة (مكة)



تجاوزت حملة التمويل الجماعي هدفها النقدي البالغ 100 ألف دولار في يوم واحد فقط، بعد الإعلان عن الحملة، حيث شارك أكثر من 2000 شخص قبل كتابة هذا التقرير، وهي واحدة من أكثر مبادرات جمع التبرعات إثارة للإعجاب من قبل مجتمع الشتات الإيراني حتى الآن، في حين أن أي قضية عن الطائرة المنكتوبة لم ترفع بعد أمام المحكمة الدولة، وهناك عدد من جهود التقاضي معلق حاليا أو في طور الإعداد.

ملاحقات قانونية

احتفظ بعض أفراد أسر ضحايا الطائرة المنكوبة بمكاتب محاماة في كندا لرفع دعاوى ضد الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية وشركات التأمين، وتمتلك معظم شركات الطيران تأمينا ضد المسؤولية، يمكنه دفع تعويضات للعائلات في حالة وفاة أحد الركاب أو إصابته، بما في ذلك الوفاة والإصابة نتيجة إطلاق نار عسكري.

تم الإبلاغ عن شركة Tokio Marine Kiln باعتبارها شركة التأمين الرئيسية على بوليصة التأمين ضد الحرب لشركة الخطوط الجوية الدولية الأوكرانية، بينما تقود شركة Global Aerospace سياسة جميع مخاطر الطيران الخاصة بشركة الطيران.

يعد التعويض نقطة شائكة خاصة لأنه من غير الواضح ما إذا كانت إيران ستعوض عائلات الضحايا أم لا، بما يتوافق مع التزاماتها بموجب القانون الدولي، علما بأن مجلس الوزراء الإيراني خصص مبلغ 150 ألف دولار لعائلات كل ضحية من ضحايا الطائرة المنكوبة في ديسمبر الماضي.

تفاصيل غامضة

يرى التقرير أن المبلغ قد يتماشى مع الحد الأعلى لمبلغ مسؤولية الناقل عن وفاة أو إصابة الركاب المنصوص عليه في المادة 21 من اتفاقية مونتريال 1999 (MC99)، حيث تحدد المعاهدة مسؤولية شركات الطيران في حالة وفاة أو إصابة الركاب، وكذلك في حالات التأخير أو التلف أو فقدان الأمتعة والبضائع.

  (مكة) دموع أهالي الضحايا لم تجف
(مكة) دموع أهالي الضحايا لم تجف



وتتناول الاتفاقية التعويض المستحق على شركات الطيران للمسافرين، ولكنها لا تغطي الأفعال غير المشروعة للدولة ومسؤوليتها الدولية أو التعويض المستحق للركاب المتضررين، ولم تصدق إيران على الاتفاقية لكن أوكرانيا وكندا صدقتا عليها.

وبالنظر إلى التفاصيل الغامضة المحيطة بطبيعة إسقاط الطائرة، فإن المناقشة حول شركة التأمين التي ستحتاج إلى تحمل التكلفة يمكن أن تطول، كما ستتأثر المناقشة بالالتزامات التي تقع على عاتق الدولة فيما يتعلق بالتعويضات، والتي تعتمد على طبيعة مسؤوليتها.

مقاضاة الإرهابيين

اتبعت عائلات ضحايا الطائرة المنكوبة طريقا بديلا للتعويض، من خلال السعي للحصول على تعويضات كجزء من الدعاوى القضائية المتعلقة بالإرهاب في كندا والولايات المتحدة، وتعد الدولتان فريدتين في العالم من حيث وضع استثناء لحصانة الدولة لأعمال الإرهاب، ويعني هذا أنه يمكن للمدعين الخاصين رفع دعوى ضد دولة أجنبية تم تصنيفها كدولة راعية للإرهاب بسبب أعمال إرهابية، وقد تم إدراج إيران على أنها دولة راعية للإرهاب من قبل حكومتي كندا والولايات المتحدة، لذلك يمكن لعائلات الطائرة المنكوبة استخدام السلطات القانونية لرفع دعوى ضد إيران بسبب أفعال الحرس الثوري الإيراني.

وتؤكد إحدى الدعاوى المرفوعة في المحاكم الكندية أن الطائرة المنكوبة أسقطت كعمل إرهابي متعمد، أو أن إيران تصرفت بطريقة طائشة ووحشية واستبدادية ترقى إلى مستوى العمل الإرهابي، وتعتمد الدعوى على قانون العدالة لضحايا الإرهاب (JVTA)، الذي ينص على أن المواطنين الكنديين والمقيمين الدائمين في كندا من ضحايا الإرهاب، وغيرهم إذا كان للإجراء علاقة حقيقية وجوهرية بكندا، يمكنهم طلب الإنصاف، من خلال دعوى مدنية بسبب أعمال إرهابية ارتكبت في أي مكان في العالم في 1 يناير 1985 أو بعده.

دعويان جديدتان

وبالنظر إلى أن إيران لم تكن شفافة بشأن بعض الأسئلة الرئيسية المتعلقة بمسؤولية الحرس الثوري الإيراني عن إطلاق النار والحالة الذهنية والدوافع، فقد يكون من الصعب الوفاء بمعيار JVTA، الخاص بالشفافية في مثل هذه الحوادث، وبالإضافة إلى الدعوى الأساسية، رفعت شركة كندية أخرى دعوى جماعية ضد إيران بدعوى وجود نظرية إهمال والتخلي عن المسؤولية، وخدمت الحكومة الفيدرالية الكندية الجمهورية الإيرانية بكلتا الدعويين في سبتمبر 2020.

دموع أهالي الضحايا لم تجف  (مكة)
دموع أهالي الضحايا لم تجف (مكة)



وبعد مأساة 8 يناير2020، طالبت العديد من الدعوات الأولية للعدالة كندا أو دولة أخرى بتقديم إيران إلى محكمة العدل الدولية، وكانت هناك طلبات لتتقديم مرتكبي الحرس الثوري الإيراني للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية.

وتستند الدعوى على أن إيران ملزمة بعدد من المعاهدات الدولية التي تحكم الطيران المدني، بما في ذلك اتفاقية الطيران المدني الدولي (اتفاقية شيكاغو)، واتفاقية قمع الأعمال غير المشروعة ضد سلامة الطيران المدني (اتفاقية مونتريال 1971).

معاقبة الجناة

وتشمل الالتزامات بموجب هذه الاتفاقيات عدم استخدام الأسلحة ضد الطائرات المدنية أثناء الطيران وواجب حظر ومنع ومعاقبة الجناة الذين قاموا بتدمير طائرة في الخدمة، ويجب أولا حل أي خرق لهذه الالتزامات من خلال المفاوضات بين الدول.

وفي حالة خرق اتفاقية شيكاغو، إذا لم تكن المفاوضات لحل النزاعات مثمرة، فوفقا للمادة 84 من الاتفاقية، يجوز عرض النزاع على مجلس منظمة الطيران المدني الدولي (إيكاو)، وهي وكالة متخصصة تابعة للأمم المتحدة، التي تعمل بالتعاون مع الدول الأعضاء البالغ عددها 193 دولة لتمكين وصيانة النقل الجوي المدني العالمي.

ويمكن بعد ذلك استئناف أي قرار صادر عن مجلس منظمة الطيران المدني الدولي أمام محكمة العدل الدولية، وفقا للمادة 14 من اتفاقية مونتريال لعام 1971، وتجب على الدول محاولة حل أي نزاعات من خلال التفاوض أولا ثم التحكيم قبل إحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية.

مكالمة هاتفية

ويمكن أن يكون هناك مسار آخر متاح بشأن المطالبات الأخرى المتعلقة بالتزامات إيران بموجب القانون الإنساني الدولي والقانون الجنائي الدولي، في حالة ظهور مزيد من المعلومات، وفي تقرير صدر خلال ديسمبر 2020 من قبل الأونورابل رالف جودال، المستشار الخاص لرئيس الوزراء جاستن ترودو، بشأن رد كندا على إسقاط الطائرة المنكوبة، أشار إلى أنه «ردا على واقع حرب إطلاق النار في المنطقة، أصدرت إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية إشعارا رسميا، يأمر الطائرات المدنية الأمريكية بتجنب منطقة من البحر الأبيض المتوسط ​​تقريبا إلى خليج عمان، بما في ذلك إيران».

وأشار جودال في تقريره إلى تسجيل صوتي حصلت عليه وسائل الإعلام الكندية لمكالمة هاتفية من مسؤول إيراني كبير إلى أحد أفراد عائلة ضحية الطائرة المنكوبة في كندا يكشف تورط طهران، وأشار المسؤول إلى أن المجال الجوي الإيراني ظل مفتوحا طوال الفترة ذات الصلة لتجنب تعطيل حركة المرور المجدولة أو إبلاغ الأمريكيين بالنشاط العسكري الإيراني.

دروع بشرية

ويدعم التسجيل الصوتي تأكيدات سابقة مباشرة عقب إطلاق النار أن السلطات الإيرانية أبقت المجال الجوي مفتوحا لردع هجوم أمريكي على المطار، أو قاعدة عسكرية قريبة، اعتقادا منها أن القوات الأمريكية ستتردد في الضرب وسط وجود طائرات ركاب مدنية، وإذا كان هذا صحيحا، فإن هذا يعني أن السلطات الإيرانية حولت طائرات الركاب إلى دروع بشرية عن طريق الإغفال، منتهكة بذلك قانون النزاع المسلح وربما ارتكاب جرائم حرب.

كما أثيرت مسألة ما إذا كانت هناك مزاعم أكثر خطورة بشأن سلوك إيران في مقابلة إعلامية مع وزير الخارجية الكندي، فرانسوا فيليب شامبين، بعد إصدار تقرير جودال، ففي تلك المقابلة قال شامبين إنه لا يعتقد أن «الخطأ البشري» هو سبب الإسقاط، وأشار إلى أن السلطات الإيرانية فشلت في معالجة الأسئلة الرئيسية المتعلقة بتسلسل القيادة والقرارات العسكرية في ذلك اليوم.

وسيكشف الوقت ما إذا كانت المزيد من المعلومات وشيكة أو إذا كانت الدول في مأزق للمعلومات، إذا فشلت السلطات الإيرانية في الامتثال الكامل لاستفسارات التحقيق، فقد ترى نفسها قريبا في محكمة دولية.