سالم العنزي

الديكتاتورية الرقمية.. ترمب معزولا

السبت - 16 يناير 2021

Sat - 16 Jan 2021

بين ليلة وضحاها أصبح الرئيس الرسمي والمنتخب في الولايات المتحدة الأمريكية محظورا من دخول أغلب الشبكات الاجتماعية.

فجأة ودون مقدمات أصبح ترمب غير قادر عن التعبير عن رأيه أو مخاطبة متابعيه عبر حساباته في الشبكات الاجتماعية، مثل: تويتر وسنابشات وفيس بوك وانستقرام ويوتوب وغيرها، حيث أعلن أغلب مواقع التواصل الاجتماعي حظر الحسابات الشخصية للرئيس الأمريكي ترمب والحسابات التابعة له والحسابات الخاصة بحملاته الانتخابية أو أي حسابات مرتبطة به شخصيا.

مثل هذا التحرك يفتح المجال لعدد من الأسئلة عن تعريف وتصنيف مواقع التواصل الاجتماعي والشبكات الاجتماعية، بينما تعرف هذه الشبكات (الشركات) نفسها بأنها منصات تقنية بحتة، إلا أن إيقاف حساب ترمب كان قرارا تحريريا صادرا من شركات نشر تراقب وتحرر ما ينشر، وليس صادرا من منصة تقنية توفر خدمة نشر المحتوى فقط. يرى وزير الثقافة البريطاني السابق توم هانكوك أن العذر الذي قدمته تويتر (استعمال ترمب لكلمات تدل على تأييده لمقتحمي الكونجرس) دليل واضح على أن تويتر قد قامت بدور تحريري واضح، لذلك لا بد أن يشملها ما يشمل دور النشر لا الشركات التقنية.

بينما يرى كثيرون وجوب قيام مواقع التواصل الاجتماعي بدور أساسي في مراقبة المحتوى المنشور، ومنع المحتوى الذي يهدد الأمن أو يحرض على الكراهية والعنف، إلا أن انفراد مواقع التواصل (بالتحكم) و(بالتحكيم) في نوعية المحتوى المنشور على هذه المنصات، وتحديد ما هو مناسب للنشر وما هو غير مناسب للنشر؛ أمر يدعو للقلق، حيث قال مفوض الاتحاد الأوروبي بريتون إن منع المدير التنفيذي لشركة ما الرئيس الأمريكي عن التعبير عن رأيه دون أي ضوابط وتوازنات أمر محير.

بصرف النظر عما إذا كان إسكات وحظر ترمب صحيحا أم لا، إلا أن الأسئلة الأكبر هي: هل ينبغي أن يكون هذا القرار في يد شركات تقنية لها أجندتها وأهدافها الخاصة؟ هل ما زال بإمكان هذه المنصات أن تجادل بأنه ليس لها رأي فيما ينشره مستخدموها؟ هل ستعرف هذه المنصات ما هو صحيح وما هو خاطئ؟ هل يمكننا الوقوف مكتوفي الأيدي والاعتماد على حسن نية هذه المنصات فقط؟ ما هي السياسة التحريرية التي تمنع ترمب وتسمح لحركة بابوا الحرة، وهي حركة انفصالية مسلحة ومحظورة من قبل الحكومة الإندونيسية؟ ولماذا يمنع ترمب، بينما لا تزال مئات من الحسابات الالكترونية تسوق وتدعم داعش وتنشر محتواه باللغة العربية حتى الآن؟

المشكلة الحقيقة اليوم هي أن هذه المنصات هي التي تحدد ما يمكنك أن تراه أو تسمعه، هي التي تحدد ما هو الخبر الذي سوف يظهر على شاشة جهازك الذكي وما هو الخبر الذي لن تراه ولن تعلم بوقوعه، وما هو المصدر الموثوق وغير الموثوق. هذه المنصات تقوم اليوم بدور أكبر من دور الشركات التقنية أو منصات النشر، هذه المنصات تحدد ما هو الصحيح وما هو الخاطئ في كل أمر من أمور الحياة.