وليد الزامل

«ذا لاين».. مستقبل واعد لتخطيط المدن السعودية

السبت - 16 يناير 2021

Sat - 16 Jan 2021

كنا على موعد الأسبوع الماضي مع مشروع تنموي رائد يضاف إلى جملة المنجزات التنموية في المملكة العربية السعودية.

«ذا لاين» أو مدينة المستقبل التي أعلن عنها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، والتي دشنت عهدا جديدا لمفهوم تخطيط مدن المستقبل، لترسم نموذجا فريدا في الحياة الحضرية.

لقد مر تاريخ التخطيط العمراني وسياسات تطوير الأراضي والبيئة الحضرية للمدن بمراحل ومتغيرات عديدة، وتأثرت أنماط تخطيط المدن والبنية المادية لها بالظروف البيئة، والاقتصادية، والاجتماعية، والأمنية، والتشريعية.

كما لعب التطور التقني، خاصة في أنظمة النقل والمواصلات والبنية التحتية، دورا مؤثرا في تشكيل البيئة المادية للمدينة.

بنيت المدن القديمة قريبة من مصادر المياه والأنهار، وهو ما سهل من عمليات التنقل والتخلص من مياه الصرف الصحي، وقسمت المدينة إلى مناطق سكنية يتوسطها مركز رئيس يمثل قلب المدينة ومركز الحكم.

كما شيدت الأسوار لتحيط بالمدينة وتحميها من الغزاة، وأصبح النسيج العمراني متضاما، انسجاما مع الظروف المناخية القاسية. ومع بداية الثورة الصناعية، شيدت المصانع على نطاق واسع في أواسط المدن، وتم ربطها بخطوط سكك الحديد وعلى مقربة من مساكن العمال، التي تحولت فيما بعد إلى مناطق يعيش فيها البؤساء، في حين عاش الأغنياء في الضواحي بعيدا عن مناطق التلوث والضوضاء.

ومع تطور أنظمة النقل والمواصلات أصبحت الشوارع في كثير من مدن العالم واسعة وتميل لخدمة المركبات، فشيدت الجسور والأنفاق والطرق السريعة على حساب مسارات النقل العام والدراجات والمشاة.

حققت هذه المدن عوائد اقتصادية، لكنها أثرت سلبيا على البيئة والمجتمع والصحة العامة.

وفي القرن الحالي، توسعت المدن وأصبحت الإدارات الحضرية غير قادرة على تلبية متطلبات المعيشة والنمو العمراني المتسارع.

عندئذ أدرك المخططون أهمية الاستغلال الأمثل للموارد الطبيعية لتكون متماشية مع أنماط التخطيط والنمو المتوازن وبما يخدم الأجيال القادمة، فظهرت أطروحات عديدة حول المدن المستدامة، وأنسنه المدن، والمدن الذكية، والنمو الذكي، وجودة الحياة في البيئات السكنية.

وفي المجمل، سعت هذه الرؤى نحو مواءمة البيئة الحضرية بمتطلبات المعيشة لتحقيق أقصى درجات الرفاهية للإنسان.

اليوم ترتسم في الأفق رؤية واعدة في تخطيط وتصميم المدن في القرن الحادي والعشرين، تتناغم فيها البيئة الطبيعية مع البنية المادية ضمن إطار اقتصاد قائم على المعرفة.

صممت «ذا لاين» لخدمة الإنسان، ويعد المشي الوسيلة الرئيسية للتنقل فيها.

تمتد المدينة بطول 170 كلم من ساحل نيوم، ويعيش فيها أكثر من مليون شخص من جميع أنحاء العالم ضمن تجمعات سكنية توفر كل متطلبات المعيشة والرفاهية.

وبتحليل الملامح العامة للمدينة، يمكن القول إنها تتكون من ثلاثة مستويات، المستوى الأول يمثل المدينة الإنسانية، في حين يمثل المستوى الثاني أنماط المعيشة التي تتكون من الخدمات المتكاملة والبنى التحتية المتقدمة، أما المستوى الثالث فيمثل البعد التكنولوجي، حيث يحتوي على أنظمة نقل مخصص للشحن فائق السرعة ومدعوم بأنظمة الذكاء الاصطناعي.

وهكذا فمدينة «ذا لاين» توظف النمط التخطيطي المستدام لتحقيق الاتصالية بين مكونات المدينة وتعمل على تعزيز علاقة الإنسان بالبيئة الطبيعية.

وهي في الوقت نفسه، توفر بنية تحتية قائمة على تقنيات المستقبل.

باختصار «ذا لاين» تذهب بنا إلى آفاق أبعد من أنها مجرد مدينة إنسانية، صديقة للبيئة، ذكية، ومستدامة.

بل هي نموذج تنموي شمولي لتفعيل المكان في خدمة الإنسان.

@waleed_zm