عبدالله علي بانخر

قراءة تحليلية وصفية للإنفاق الإعلاني بالصحف اليومية الخليجية بمناسبة الاحتفالات بالأيام الوطنية خلال 3 سنوات مضت

الاثنين - 11 يناير 2021

Mon - 11 Jan 2021

انعقدت القمة الخليجية الـ41 في محافظة العلا بالمملكة العربية السعودية في 5 يناير الحالي، وقد تمخضت عنها نتائج إيجابية أهمها التوقيع على المصالحة الخليجية وعودة الأجواء الإيجابية.

وتشهد دول مجلس التعاون الخليجي كثيرا من مظاهر التشابه فيما بينها أكثر بكثير من أي اختلاف. ولعل من أبرز مظاهر التشابه التي تبدو جلية هي شدة ولاء وارتباط شعوب المنطقة مع قياداتها وحكوماتها بشكل متميز.وكثيرا ما يبرز هذا الولاء بشكل واضح في الاحتفالات بالأيام الوطنية لكل دولة على حدة، وشهدت السنوات الأخيرة مزيدا من التآزر والإخاء في تبادل التهاني المشتركة بين الدول الخليجية فيما بينها، ليس في برقيات التهاني الرسمية فحسب، ولكن في الإعلانات وغيرها من الوسائل الأخرى.

فعلى سبيل المثال لا الحصر شاهدنا إعلانات التهاني بشعارات وعلامات مشتركة بين المملكة ودولة الإمارات العربية المتحدة، وبين المملكة ومملكة البحرين في احتفالات الأيام الوطنية السنوية مؤخرا.

وتشهد هذه المناسبات السنوية في كل عام مزيدا من المظاهر الاحتفالية التي تتغنى بحب الوطن وإبراز الولاء له ولقياداته عاما بعد عام. ولا مانع أيضا من الاستفادة في تقديم العروض التجارية والتخفيضات الترويجية لمواكبة هذا الحدث ودعما لاقتصاديات السوق في كل بلد من كل عام. لذا يبرز اليوم الوطني كأحد مواسم الرواج العامة في إظهار الحب والولاء للوطن والقيادة الرشيدة، إضافة للعروض والتخفيضات احتفاء بهذه المناسبة العزيزة على الجميع.

وعادة ما تكون هذه الأيام الوطنية عطلة رسمية في كل دولة على حدة، وإن اختلفت الأيام الوطنية والاحتفالات، وكثيرا ما ارتبطت هذه المناسبات بالعطل الأسبوعية لتمتد أكثر من يوم واحد في العام.

ولعل الصحف اليومية من أبرز الوسائل الإعلامية التي تذخر بمزيد من الإعلانات في هذه المناسبات الغالية لدول مجلس التعاون الخليجي.

وقد تبدأ مظاهر الاحتفالات قبلها بأيام أو تستمر بعد مناسبة اليوم الوطني بأيام، اعتمادا على ارتباط العطلة الرسمية بالعطل الأسبوعية، وزيادة الأنشطة والفعاليات في كل دولة بشكل ملحوظ.

وهكذا أصبحت إعلانات الصحف اليومية بهذه المناسبة سمة من سمات هذه الاحتفالات لتبرز في صور ملاحق تحريرية وإعلانية متميزة عاما بعد عام، ويكون لها نصيب الأسد من إعلانات هذه الاحتفالات.

وربما حظيت وسائل إعلانية أخرى كإعلانات الطرق على وجه التحديد بالإعلانات أيضا، إلا أن الصحف اليومية هي الأبرز في هذه المناسبة على وجه التحديد وشاهد شاخص للعيان.

كما غدا اليوم الوطني يمثل أسبوعا كاملا من الإنفاق الإعلاني السنوي لهذه الصحف في كل عام، وفقا لتقديرات الخبراء والمهنيين في مجال الإعلان.

وقد أصدرت شركة إبسوس تقريرا مفصلا مؤخرا حول الإنفاق الإعلاني في الصحف اليومية في دول مجلس التعاون الخليجي الست خلال الثلاثة الأعوام الماضية (2018، 2019، 2020). وقد خصني إيلى عون مدير عام إبسوس في المملكة ودول الخليج بنسخة منه مشكورا.

ونحاول من خلال هذا العرض الوقوف على أبرز ملامح أو أهم مؤشرات هذا التقرير فيما يلي:

أولا:

قدر مجموع ما أنفق إعلانيا في الصحف اليومية للأيام الوطنية لدول مجلس التعاون الخليجي الستة خلال 3 سنوات ماضية بحدود 3665 صفحة إعلانية، بقيمة إجماليه تقدر بحدود 34.4 مليون دولار.

وقد كان عام 2018 الأعلى نسبيا بعدد صفحات يصل إلى 1305 صفحات إعلانية وقيمة إجماليه تصل لحدود 11.3 مليون دولار.

وكان عام 2019 الأعلى قيمة إعلانية بلغت 11.7 مليون دولار ولكن بعدد صفحات يصل إلى 1230 صفحة إعلانية، أي عدد إعلانات أقل بقيمة أعلى.

وقد أتى عام 2020 الأقل في عدد الصفحات الإعلانية بحدود 1131 صفحة إعلانية ولكن بقيمة إجمالية بلغت 11.4 مليون دولار.

وقد يعزى انخفاض عدد الصفحات مع ارتفاع قيمة إجمالي الإعلانات إما إلى زيادة أسعار الإعلانات في كل عام أو تخفيض العوائد التي يستفيد منها المعلن أو الوكالة، علاوة بالطبع على تغير حجم الرواج التجاري والإعلاني بشكل عام في كل عام عن الآخر.

وقد كان بالطبع لتأثير وباء كورونا وانخفاض أسعار النفط والغاز آثارهما على الإنفاق في الخليج العربي عامة.

ثانيا:

برزت الصحف السعودية بالإنفاق الأكبر على إعلانات الصحف في اليوم الوطني في دول مجلس التعاون الخليجي في الثلاث السنوات الماضية بعدد صفحات يصل إلى 939 صفحة إعلانية (الثانية خليجيا في عدد الصفحات)، وإجمالي إنفاق يصل على حدود 14.8 مليون دولار (الأولى خليجيا بنسبة 43.3 %)، وقد بلغ عدد الصفحات الإعلانية 299 صفحة، وإجمالي إنفاق 4.4 ملايين دولار في عام 2018.

ثم زاد عدد الصفحات الإعلانية لليوم الوطني إلى 333 صفحة وإجمالي إنفاق يصل إلى 5.2 ملايين دولار عام 2019.

ثم انخفض عدد الصفحات الإعلانية قليلا بواقع عدد 307 صفحات ولكن زاد قليلا إجمالي الإنفاق الإعلاني إلى 5.3 ملايين دولار عام 2020.

وعلى الرغم من أن الإنفاق السعودي للإعلان في الوسائل المحلية يأتي عادة بعد دولة الإمارات العربية المتحدة، خاصة إذا ما تم استثناء ما يمثله السوق السعودي وحده بما يزيد على 90% تقريبا من الإعلانات عبر الوسائل العربية، إلا أن المملكة تصدرت المشهد الإعلاني الخليجي في مناسبات اليوم الوطني خلال الأعوام الثلاثة الماضية بفارق ملحوظ.

وقد بلغت السعودية وحدها ما نسبته 46% من الإنفاق الإعلاني الخليجي عام 2020 وحده، متخطية بذلك بقية الدول الخليجية بفارق كبير وملحوظ. ولعل تلك هي المفاجأة الأولى في هذا التقرير.

ثالثا:

تأتي سلطنة عمان بشكل مفاجئ أيضا في المرتبة الثانية للإنفاق الإعلاني الخليجي في الصحف اليومية خلال احتفالات اليوم الوطني بعد المملكة العربية السعودية، متقدمة نسبيا بشكل طفيف عن كل من قطر والإمارات العربية المتحدة. فقد بلغ في سلطنة عمان (الأولى خليجيا في عدد صفحات الإعلانية) عدد الصفحات الإعلانية 1113 صفحة إعلانية، بإجمالي إنفاق بلغ 6.2 ملايين دولار خلال السنوات الثلاث.

وقد بلغ عدد الصفحات الإعلانية في اليوم الوطني العماني 416 صفحة إعلانية بقيمة إجمالية تقدر بحدود 2.2 مليون دولار عام 2018.

ثم انخفضت عدد الصفحات الإعلانية إلى 343 والقيمة الإجمالية بحدود مليوني دولار أمريكي عام 2019. ثم ارتفع عدد الصفحات الإعلانية قليلا إلى 354 صفحة إعلانية بقيمة إجمالية قدرت بحدود 2.1 مليون دولار عام 2020.

وقد يقدر ارتفاع الإنفاق الإعلاني في الصحف العمانية اليومية بمناسبة اليوم الوطني إلى حفاظ الصحف على قدر ملحوظ عن بقية الوسائل الإعلانية، علاوة على التطورات السياسية والاقتصادية لسلطنة عمان وتأثرها ربما الأقل ضررا بوباء كورونا.

رابعا:

أتت قطر في المرتبة الثالثة في عدد الصفحات الإعلانية بواقع 557 صفحة إعلانية، بإجمالي يصل إلى 4.9 ملايين دولار في السنوات الثلاث الماضية. ويعد هذا الإجمالي بمرتبة الثالث مكرر مع الإمارات، التي تساوت مع قطر والإمارات في القيمة الإجمالية لهذا الإنفاق الإعلاني خلال الثلاث السنوات الماضية.

وقد حققت قطر عدد 219 صفحة إعلانية في الصحف اليومية بواقع إجمالي يصل إلى حدود 1.8 مليون دولار خلال اليوم الوطني لعام 2018.

وبالرغم من نقص عدد الصفحات الإعلانية قليلا ليصل إلى 210 صفحات إعلانية، ولكن بإجمالي يزيد قليلا أيضا ليصل إلى 1.9 مليون دولار عام 2019. ثم انخفض عدد الصفحات الإعلانية بهذه المناسبة إلى 128 صفحة إعلانية وبإنفاق منخفض أيضا ليصل على 1.2 مليون دولار عام 2020.

وقد يعود ذلك الانخفاض الملحوظ إلى تغييرات الظروف الاقتصادية من جراء آثار وباء كورونا.

خامسا:

آتت الإمارات العربية المتحدة في المرتبة الرابعة من حيث عدد الصفحات الإعلانية وإن تساوت مع قطر في إجمالي حجم الإنفاق في المرتبة الثالثة مكرر مع قطر.

ومن الجدير بالذكر أن الإمارات تعد الدولة الأولى خليجيا بالنسبة للإنفاق الإعلاني الإجمالي السنوي بصفة عامة في كافة الوسائل الإعلانية طوال الأعوام الثلاثة الماضية، خاصة كما ذكرنا سابقا إذا تم استثناء ما تمثله السعودية وحدها من نسبة كبيرة فيما يسمى بالوسائل عبر الدول العربية.

وقد بلغ عدد الصفحات الإعلانية في الصحف الإماراتية اليومية 468 صفحة إعلانية (الرابعة خليجيا بعد السعودية وعمان وقطر). وبإجمالي إنفاق إعلاني يصل إلى 4.9 ملايين دولار (الثالثة مكرر خليجيا بعد السعودية وعمان وبالتساوي مع قطر) خلال الثلاث السنوات الماضية.

وقد بلغ عدد الصفحات الإعلانية في الصحف الإماراتية اليومية بمناسبة اليوم الوطني 197 صفحة إعلانية بقيمة إجمالية تصل إلى مليوني دولار عام 2018.

ثم انخفض الإنفاق الإعلاني لهذه المناسبة بالصحف اليومية إلى 138 صفحة إعلانية بقيمة إجمالية في حدود 1.4 مليون دولار عام 2019.

وإن واصل الانخفاض في عدد الصفحات الإعلانية بهذه المناسبة إلى عدد 133 صفحة إعلانية، إلا أن القيمة الإجمالية حافظت على تغير طفيف بالزيادة إلى 1.5 مليون دولار.

ولعل التغييرات الاقتصادية من جراء الوباء كانت العامل الأساسي وراء هذا الانخفاض، علاوة على تميز وسائل إعلانية أخرى مثل الإعلانات الخارجية تحديدا على الصحف اليومية.

سادسا:

أتت البحرين في المرتبة الخامسة في الإنفاق الإعلاني في الصحف الخليجية خلال الأعوام الثلاثة الماضية. فقد بلغ عدد الصفحات الإعلانية خلال تلك الفترة 458 صفحة إعلانية (قريبة جدا من عدد الصفحات الإعلانية في الإمارات بواقع أقل بـ10 صفحات إعلانية فقط) ولكن بقيمة إجمالية تصل إلى 2.2 مليون دولار.

وقد حققت البحرين عدد صفحات إعلانية في حدود 152 صفحة وبإجمالي يصل إلى 0.7 مليون دولار عام 2018. ثم انخفض عدد الصفحات الإعلانية إلى 143 صفحة إعلانية وحافظت على إجمالي قيمة الإنفاق في حدود 0.7 مليون دولار عام 2019.

ثم زاد عدد الصفحات نسبيا إلى 163 صفحة إعلانية بزيادة طفيفة في إجمالي قيمة هذا الإنفاق ليصل إلى 0.8 مليون دولار عام 2020.

ولا يبدو لوباء كورونا أي أثر سلبي على السوق الإعلاني البحريني لهذه المناسبة، خاصة بعد ما لمسناه من زيادة طفيفة نسبيا وليس الانخفاض كما في بعض الدول الخليجية.

سابعا:

بشكل ملحوظ وربما مستغرب أتت الكويت في المرتبة السادسة والأخيرة لدول مجلس التعاون الخليجي في الإنفاق إعلانيا في الصحف اليومية احتفاء باليوم الوطني طوال الثلاث السنوات الماضية، إذ بلغ مجموع عدد الصفحات الإعلانية في الصحف اليومية بهذه المناسبة خلال السنوات الثلاث الماضية حدود 130 صفحة إعلانية، بقيمة إجمالية تصل إلى حدود 1.2 مليون دولار.

وفي عام 2018 بلغ مجموع الصفحات الإعلانية 21 صفحة إعلانية بإجمالي يقدر بـ0.2 مليون دولار.

أما في عام 2019 فبلغ عدد الصفحات الإعلانية 63 صفحة إعلانية أي بزيادة 3 أضعاف، وإن زاد إجمالي الإنفاق إلى 0.5 مليون دولار أي بزيادة 2.5 ضعف.

أما في عام 2020 فقد انخفض عدد الصفحات الإعلانية إلى الثلثين تقريبا بواقع 46 صفحة إعلانية وبإجمالي إنفاق مساو في القيمة مع العام السابق، أي بنحو 0.5 مليون دولار.

وقد نعزو تلك الزيادة في القيمة إلى ارتفاع أسعار الإعلانات في تلك الصفحات على قلتها.

ويبقى الوضع الإعلاني في الصحف اليومية احتفالا باليوم الوطني أمرا محيرا يثير التساؤل ربما لوضعية الصحف اليومية في الكويت ومدى رواج إعلانات المناسبة فيها.

خلاصة القول بعد هذا العرض الموجز، ربما تبرز نقطة مهمة وجلية، وهي عدم تلاشي دور الصحف اليومية في معظم الدول الخليجية بشكل عام، خاصة في الاحتفال بالمناسبات العامة مثل اليوم الوطني لكل دولة على وجه التحديد.

علاوة على مدى ارتباط هذه المناسبات برواج وطني واقتصادي وتجاري بشكل كبير يتناسب مع اقتصاديات الأسواق الخليجية. وتظل وتبقى وتستمر- بإذن الله - الأيام الوطنية في جميع الدول الخليجية مثارا للفخر والاعتزاز، سواء زادت الصحف اليومية إعلانيا أم نقصت. وما تلك الملاحظات إلا مؤشرات نحاول أن نهتدي بها لأوضاع الوسائل الإعلانية خاصة الصحف اليومية من النواحي الإعلانية.

أدام الله على دول مجلس التعاون الخليجي تلاحمها وتآزرها وتعاونها فيما بينها ومع شعوبها على مر الأجيال والعصور. كل عام وخليجنا العربي بكل الخير وفي نعمة ورخاء واستقرار على كافة المجالات والأصعدة، ونستبشر بمزيد من الخير في السنوات المقبلة، والقادم – بإذن الله – أروع وأجمل وأحلى.

@aabankhar