العلل الأكاديمية!
الأحد - 03 يناير 2021
Sun - 03 Jan 2021
«الأكاديميا» كلمة مهيبة ترجع أصولها بما تحويه من المعرفة والفلسفة والحكمة والرزانة في بعض التقديرات إلى العهد الأفلاطوني، بعد أن أنشأ لها أفلاطون حديقة قرب أثينا وأسماها «أكاديموس»، وكتب على مدخلها «من لم يكن مهندسا فلا يدخل علينا»!
رحل أفلاطون وبقيت أكاديموس تصارع التغيرات التاريخية إلى أن وصلت الأكاديميا إلينا بشكلها الحديث، فأصبح كل من ينتمي إلى التعليم ما بعد الثانوي في العرف العام يطلق عليه (أكاديمي).
ولأن غذاء الأكاديمي ووقوده هما المعرفة والحكمة، فإن حضور هذا المفهوم أي (المعرفة الحكيمة) واعتبارها (نقطة مرجعية) لأي نقاش حول الأكاديميا يعد أمرا غاية في الأهمية.
المعرفة الحكيمة قوة كما نعلم، والقوة قد تكون وسيلة نفع أو صفع، لذلك فإن التحرك المحسوب داخل إطار مفهوم المعرفة الحكيمة يحدد نفع ذلك الأكاديمي من عدمه.
اليوم نتحدث عن عضو هيئة التدريس على أنه المقصود بلفظة (الأكاديمي)، ومع هذا الاقتران تتعاظم مسؤولية هذا الشخص، حتى ارتبط الأكاديمي اليوم بالعلم الغزير، والحكمة البالغة، والمسؤولية المتقدمة، والرأي الراشد والموثوق وكثير منهم قطعا حفيون بهذا المقام.
الإشكالية تبرز حينما يشب بعض الأكاديميين عن هذا الإطار الجميل، في ممارسات تتعارض مع المعرفة والحكمة، فتكون النتيجة عللا أكاديمية يتناقلها الناس وتلوكها الألسن، فتشوه تلك الصورة وتخدش ذلك الجمال.
التنمر الأكاديمي إحدى تلك العلل، ويقصد به الاستقواء الذي يظهره بعض الأكاديميين ضد زملائهم أو طلابهم نتيجة ما يرونه تفوقا معرفيا لصالحهم. المتنمرون أكاديميا ينتقصون درجات زملائهم العلمية، ويعطلون الترقي العلمي لمن يرونهم خصوما لهم، ويهمشون أبحاث الأقران، ويحملون عصا الدرجات ضد الطلاب، وينتظمون فيما يشبه لوبيات فكرية لا تقبل حرية الرأي الرصين ولا تتعاطى مع الأفكار الجديدة والمفيدة!
علة أكاديمية ثانية هي الزهو الأكاديمي، وهذه العلة مزعجة لأنها ترتبط بالمبالغة المقيتة للإنجازات المعتادة.
أهل الزهو الأكاديمي أبحاثهم هي الأولى من نوعها على الدوام ولا تقبل الزيادة ولا النقصان، يفحمون ممتحنيهم أثناء مناقشة رسائلهم العلمية، ولا يمكن أن يتحدثوا كزائرين أو مقيمين سوى في أمهات جامعات الدنيا الخمس التي تستدعيهم وتلح في طلبهم، هم أيضا ممن يعتد دوليا برأيهم وتضبط الأمور على شوكة ميزانهم!
العلة الثالثة يمكن وصفها بالانغلاق الأكاديمي، وأبرز أعراض هذه العلة أن تجد الأكاديمي وطلابه والحاضرين له ومعه يفكرون من خلال عقل واحد، بمعنى أن المنغلقين أكاديميا أصحاب أحادية فكرية لا تقبل الإشراك بها مهما بدا الرأي الآخر جميلا وواعيا ومفيدا وناضجا. أصحاب هذه العلة يحذرون دوما من خطر العقل المتفتح، أبحاثهم تحوم حول ذات المضامين، ومصادرهم نفس العناوين، ومحاضراتهم تلك هي لم تتغير قبل عام أو ثلاثين!
علة أخيرة هي الحصانة الأكاديمية، هذه العلة تبرز غالبا خارج أسوار الأكاديميا، أبرز أعراضها أن تسمع أحدهم يقول لأحدهم (حتعلم الدكتور يعني!)، فترى المتحدث حينها ينكمش وينحسر وكيف له ألا يفعل في ظل هذه المناعة الشديدة التي خلقت للأكاديمي درعا حصينا ضد النقاش والاستفسار والمناظرة والحوار!
علل الأكاديميا - مهما قل المصابون بها - تحتاج للاستشفاء فورا في دور رعاية طبية متخصصة يقوم عليها أطباء وهبتهم الحياة أروع ما فيها من: علم نافع، عمل مخلص، رأي مثمر، فكر قيادي مستنير، نفع للبشرية، تجرد عن المكاسب الذاتية، انتماء وولاء للأوطان، خدمة للإنسان أينما كان، وعندها سيزول عن تلك الأكاديميا البأس وستعود مهرولة إلى الحياة بأجمل لباس!
رحل أفلاطون وبقيت أكاديموس تصارع التغيرات التاريخية إلى أن وصلت الأكاديميا إلينا بشكلها الحديث، فأصبح كل من ينتمي إلى التعليم ما بعد الثانوي في العرف العام يطلق عليه (أكاديمي).
ولأن غذاء الأكاديمي ووقوده هما المعرفة والحكمة، فإن حضور هذا المفهوم أي (المعرفة الحكيمة) واعتبارها (نقطة مرجعية) لأي نقاش حول الأكاديميا يعد أمرا غاية في الأهمية.
المعرفة الحكيمة قوة كما نعلم، والقوة قد تكون وسيلة نفع أو صفع، لذلك فإن التحرك المحسوب داخل إطار مفهوم المعرفة الحكيمة يحدد نفع ذلك الأكاديمي من عدمه.
اليوم نتحدث عن عضو هيئة التدريس على أنه المقصود بلفظة (الأكاديمي)، ومع هذا الاقتران تتعاظم مسؤولية هذا الشخص، حتى ارتبط الأكاديمي اليوم بالعلم الغزير، والحكمة البالغة، والمسؤولية المتقدمة، والرأي الراشد والموثوق وكثير منهم قطعا حفيون بهذا المقام.
الإشكالية تبرز حينما يشب بعض الأكاديميين عن هذا الإطار الجميل، في ممارسات تتعارض مع المعرفة والحكمة، فتكون النتيجة عللا أكاديمية يتناقلها الناس وتلوكها الألسن، فتشوه تلك الصورة وتخدش ذلك الجمال.
التنمر الأكاديمي إحدى تلك العلل، ويقصد به الاستقواء الذي يظهره بعض الأكاديميين ضد زملائهم أو طلابهم نتيجة ما يرونه تفوقا معرفيا لصالحهم. المتنمرون أكاديميا ينتقصون درجات زملائهم العلمية، ويعطلون الترقي العلمي لمن يرونهم خصوما لهم، ويهمشون أبحاث الأقران، ويحملون عصا الدرجات ضد الطلاب، وينتظمون فيما يشبه لوبيات فكرية لا تقبل حرية الرأي الرصين ولا تتعاطى مع الأفكار الجديدة والمفيدة!
علة أكاديمية ثانية هي الزهو الأكاديمي، وهذه العلة مزعجة لأنها ترتبط بالمبالغة المقيتة للإنجازات المعتادة.
أهل الزهو الأكاديمي أبحاثهم هي الأولى من نوعها على الدوام ولا تقبل الزيادة ولا النقصان، يفحمون ممتحنيهم أثناء مناقشة رسائلهم العلمية، ولا يمكن أن يتحدثوا كزائرين أو مقيمين سوى في أمهات جامعات الدنيا الخمس التي تستدعيهم وتلح في طلبهم، هم أيضا ممن يعتد دوليا برأيهم وتضبط الأمور على شوكة ميزانهم!
العلة الثالثة يمكن وصفها بالانغلاق الأكاديمي، وأبرز أعراض هذه العلة أن تجد الأكاديمي وطلابه والحاضرين له ومعه يفكرون من خلال عقل واحد، بمعنى أن المنغلقين أكاديميا أصحاب أحادية فكرية لا تقبل الإشراك بها مهما بدا الرأي الآخر جميلا وواعيا ومفيدا وناضجا. أصحاب هذه العلة يحذرون دوما من خطر العقل المتفتح، أبحاثهم تحوم حول ذات المضامين، ومصادرهم نفس العناوين، ومحاضراتهم تلك هي لم تتغير قبل عام أو ثلاثين!
علة أخيرة هي الحصانة الأكاديمية، هذه العلة تبرز غالبا خارج أسوار الأكاديميا، أبرز أعراضها أن تسمع أحدهم يقول لأحدهم (حتعلم الدكتور يعني!)، فترى المتحدث حينها ينكمش وينحسر وكيف له ألا يفعل في ظل هذه المناعة الشديدة التي خلقت للأكاديمي درعا حصينا ضد النقاش والاستفسار والمناظرة والحوار!
علل الأكاديميا - مهما قل المصابون بها - تحتاج للاستشفاء فورا في دور رعاية طبية متخصصة يقوم عليها أطباء وهبتهم الحياة أروع ما فيها من: علم نافع، عمل مخلص، رأي مثمر، فكر قيادي مستنير، نفع للبشرية، تجرد عن المكاسب الذاتية، انتماء وولاء للأوطان، خدمة للإنسان أينما كان، وعندها سيزول عن تلك الأكاديميا البأس وستعود مهرولة إلى الحياة بأجمل لباس!