أحمد سعد الزهراني

حساسية الطعام.. المُتهم البريء

الخميس - 31 ديسمبر 2020

Thu - 31 Dec 2020

يعاني كثير من الأشخاص من ظهور أعراض متعددة بعد تناولهم الطعام. هذه الأعراض قد تكون مصدر قلق وإزعاج، خاصة في حال تكررها مع عدة أطعمة، فيلوم كثيرون حساسية الطعام كسبب لهذه الأعراض، بينما هي بريئة تماما من ذلك، لذا فمن الضروري معرفة الفرق بين حساسية الطعام بمفهومها العلمي وعدم تقبل الطعام، وذلك بسبب الفرق الكبير بينهما من حيث التشخيص وطريقة العلاج.

حساسية الطعام تحدث نتيجة خلل في الجهاز المناعي، مما يؤدي لتكوين خلايا أو أجسام مضادة تهاجم الطعام وتفرز عدة مواد تسبب أعراض حساسية الطعام. في المقابل عدم تقبل الطعام قد يحدث بسبب بعض خواص الطعام نفسه، أو بسبب مشكلة عضوية أو بسبب نقص في الإنزيمات التي تساعد على هضم ذلك الطعام، وأشهر مثال على ذلك هو عدم تقبل اللاكتوز، الذي يكون بسبب نقص الإنزيم الهاضم للاكتوز، فعند تناول الحليب تظهر أعراض معينة بسبب عدم هضم اللاكتوز بشكل جيد. في هذه الحالة لا يوجد أي أجسام مضادة تجاه الحليب كما الحال في حساسية الحليب السريعة.

طبيعة الأعراض وتوقيتها من الأمور الجوهرية في التفريق بين حساسية الطعام وعدم تقبله. فعلى سبيل المثال، في حال حساسية الطعام السريعة تظهر الأعراض خلال ثوان من تناول الطعام وبحد أقصى خلال ساعتين، حيث تظهر الأعراض غالبا على شكل طفح جلدي كأكثر علامة حدوثا، وقد يصاحبه أعراض أخرى كانتفاخات الوجه والشِفاه وقد يمتد الأمر لضيق التنفس، وأعراض الجهاز الهضمي، أو الإغماء لا سمح الله.

ومما يزيد الاتهامات الباطلة لحساسية الطعام توفر فحوصات الحساسية بشكل موسع، حيث تجري الدعاية لها على أنها تحدد - وبشكل سحري - مسببات الحساسية، بينما في الواقع يعرف عنها عدم دقتها، فبحسب كثير من الدراسات فإن عدد الأشخاص الذين يكون لديهم فحص الحساسية إيجابيا لأحد الأطعمة وليست لديهم حساسية طعام حقيقية يفوق من يكون فحصهم إيجابيا ولديهم حساسية حقيقية، فينتج عن ذلك وصم كثيرين بتشخيص حساسية الطعام بناء على نتيجة الفحص فقط، وحرمانهم كثيرا من الأطعمة دون وجه حق.

والأسوأ من ذلك القيام بأحد الفحوصات التي يروج لها على أنها فحص لعدم تقبل الطعام أو ما يسميه البعض: حساسية الطعام المتأخرة، ولكن حتى هذا الفحص أثبت عدم مصداقيته، لدرجة أن الجمعيات العلمية للحساسية في العالم، ومنها الجمعية السعودية للحساسية والربو والمناعة، أصدرت بيانا تحذر فيه من هذا الفحص وتنبه على عدم دقته ومصداقيته.

لذا أسدِ لنفسك معروفا، ولا تعمل هذه الفحوصات دون التواصل مع الطبيب المختص، الذي سيساعدك في تقييم الحالة وعمل الفحوصات المناسبة إن دعت الحاجة لذلك، وبذلك تحمي نفسك من الحرمان غير المبرر بسبب فحص قد يكون خطؤه أكثر من صوابه في كثير من الأحيان.

Ahmad_Al_Ghazi@