غزل اليزيدي

قوات التحالف في اليمن والخروج من عنق القائمة السوداء

تفاعل
تفاعل

الجمعة - 15 يوليو 2016

Fri - 15 Jul 2016

بعد أيام معدودة من الإدراج الخاطئ وغير المدروس، من قبل الأمم المتحدة لقوات التحالف الإسلامي العسكري بقيادة المملكة العربية السعودية في اليمن ضمن ما سمي بـ «القائمة السوداء» بشأن حقوق الأطفال، قامت الأمم المتحدة برفع اسم قوات التحالف من القائمة السوداء المزعومة.

تقرير الأمين العام والذي أدان قوات التحالف، هو تقرير سنوي تعده مساعدته لشؤون الطفولة حول أوضاع الأطفال في مناطق الصراعات، ليقرأه ثم يعلن في نهايته أسماء الجهات التي تم اتهامها بانتهاكات حقوق الأطفال. أي إنه تقرير شخصي يمثل رأي الأمين العام نفسه ولا يمثل رأي الأمم المتحدة كمنظمة مستقلة أو رأي المجتمع الدولي التي تمثله. بمعنى أنه قد يعكس وجهة النظر الخاصة لمن أعده لأسباب ذات ميول سياسية، مهنية أو شخصية. أيضا، لا يخلو الأمر من إملاءات وتوجهات سياسية خارجية أثرت على صناع التقرير ونتج عنه خروجه بالشكل الذي أعلن عنه، فالأمين العام لا يستطيع التحقق بدقة من جميع المعلومات والإحصاءات التي ترد إليه لذا يتم توكيل هذه المهام لمساعديه.

الملاحظ لمن قرأ التقرير أنه يميل إلى الانحياز لبعض الأطراف دون الأخرى في العديد من جوانبه وخلوه من الحيادية المطلوبة، والتي عكست الرأي الذي خرج به وهو أن قوات التحالف في اليمن مسؤولة عن 60% من وفيات وإصابات الأطفال العام الماضي وقتل 510 وإصابة 667 طفلا.

من ضمن النقاط التي ناقشها التقرير مقتل أعداد كبيرة من الأطفال بسبب عمليات القصف العسكري والذي تشنه قوات التحالف في اليمن، وفي نفس الوقت تجاهل التقرير لتقارير الأمم المتحدة سابقا والتي ذكرت استغلال الأطفال من قبل جماعة أنصار الله الحوثية والزج بهم في ساحات القتال كجنود بعد إغرائهم بالمال وإمدادهم بالسلاح، بينما على النقيض تماما فقد ساهمت قوات التحالف بتأهيل الأطفال اليمنيين في برامج وحملات إنسانية عديدة كحملة إعادة الأمل.

من ناحية أخرى، فقد تجاهل التقرير احتلال الحوثيين لمدارس الأطفال والمستشفيات وطردهم منها ليتم استخدمها لأغراض عسكرية. وهذا يوضح عدم المصداقية والانحياز فيه لبعض الأطراف.

وأيضا تجاهل عدد الضربات الجوية التي أعلنت قوات التحالف إلغاءها حفاظا على أرواح المدنيين اليمنيين لأنها تقع في مواقع حيوية ولاحتمال وقوعها قرب تجمعات سكنية.

التقرير ذكر في أحد أجزائه أن عددا كبيرا من الوفيات في الجانب اليمني للمدنيين لم تعرف الجهة المتسببة به، والمفارقة العجيبة أنه في جزء آخر به يتم نسب هذه الوفيات بنسبة 60% لدول التحالف بدون دليل وهكذا يناقض التقرير نفسه.

ورد في التقرير بعض الأخطاء الفنية في استخدام عدد من المصطلحات، فعلى سبيل المثال تم الإشارة لميليشيا علي عبدالله صالح (المعارضة) بمسمى قوات صالح وهذا خطأ لا غبار عليه، لأن كلمة «القوات» تطلق على القوات الشرعية للدولة وهو مسمى يطلق فقط على الجيش النظامي الحكومي التابع للحكومة الشرعية في الدولة وهنا تظهر رداءة كتابة التقرير.

مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يعتبر حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي هي الحكومة الشرعية والجهة الرسمية التي يجب أخذ المعلومات المؤكدة منها وليس من الانقلابين أو أحزاب المعارضة، بينما في التقرير تمت المساواة بين الطرفين.

في التقرير العديد من الاتهامات لميليشيات أخرى منافسة للحوثين كميليشيا الإصلاح، وهنا يتضح أن مصادر المعلومات فيه تستند في معظمها على مصادر الانقلابين وليس من مصادر رسمية.

أيضا، تم تجاهل ذكر الجهود التي قامت بها قوات التحالف لتحرير مناطق كالمكلا وأبين من سيطرة القاعدة والحوثين.

يذكر أنه وعقب صدور القرار الأممي رقم 2216 والذي جرم الحوثيين به فإنه وجب على الأمين العام وخلال فترة لا تتجاوز 15 يوما من صدوره أن يقدم تقريرا لمجلس الأمن يوضح مدى التزام الحوثيين ببنود القرار وهذا ما لم يحدث حتى الآن.

دول التحالف الـ34 سارعت بالاعتراض على هذا القرار عبر ممثليها في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، وكان الأجدر عند إعداد التقرير الاعتماد على مصادر المعلومات من ممثلي هذه الدول.

من ناحية أخرى، فقد أغفل التقرير أن قوات التحالف قد طلبت سابقا من الأمم المتحدة نقل مقر عملها من جيبوتي لعدن لمتابعة الوضع في اليمن مباشرة بعد استقرار الأمن بها، ولكن تم الرفض من قبل الأمم المتحدة. كما أنه لم يتطرق لذكر أي من الدول المشهود لها بممارسة الانتهاكات بحق الأطفال وعلى مرأى من المجتمع الدولي.

أيضا دول التحالف ومن خلال إثبات شرعية عملها وللحفاظ على حقوق المدنين في اليمن تسعى لتنفيذ القوانين الدولية بالإضافة لتعاونها الكامل مع المنظمات الرسمية، كتبرعها لليونيسيف بمبلغ 30 مليون دولار، ولكن تم تجاهل هذا التبرع لصالح الأطفال في مناطق الصراعات وتجاهل ذكر كيف تم استخدام هذه الأموال.

الخروج بهذا التقرير في هذا الوقت بالذات لا يخدم مساعي السلم الجارية الآن بين أطراف النزاع في اليمن وبدعم من المبعوث الدولي إليها الشيخ إسماعيل بن أحمد.

في هذا التقرير تم إدراج اسم التحالف في «القائمة السوداء»... ولكن الحقيقة تقول بأنه لا يوجد في قوانين الأمم المتحدة ما يسمى «قائمة سوداء» وهذا تصرف غير منطقي وينفي مصداقية التقرير ويدعو إلى التساؤل عن ماهية مزاعم الأمم المتحدة من ورائه.

في النهاية، التقرير صيغ بطريقة لا تخلو من المغالطات سواء في طريقة إعداده، أو عدم الدقة لاستقصاء المعلومات من مصادر غير رسمية وموثوقة، وطريقة صياغته من حيث اختيار المصطلحات المناسبة.

أيضا الشكر موصول للسفراء والمسؤولين السياسيين والعسكرين لدول التحالف والتي جاهدت لجلاء الحقيقة عن الادعاءات الظالمة للمساعي العظيمة لهذه الدول لمساعدة الأشقاء في اليمن لزوال الأزمة وعودة الشرعية لليمن الشقيق.