علي المطوع

فايزر الأول وكوفيد التاسع عشر

الاحد - 27 ديسمبر 2020

Sun - 27 Dec 2020

في سباق ضد الهلع على وقع أثر وفتك الأمراض والأوبئة على الخارطة الجينية للبشرية وأجزائها الدقيقة، تتسابق شركات الأدوية العملاقة ومن ورائها تلك الدول النافذة للحصول على ثقة البشر في الوصول إلى لقاح فعال ضد المدعو كوفيد التاسع عشر.

هذه السلالة الفيروسية التي يبدو أنها ليست عريقة في تاريخ حضورها، وإن كان هلعها قبل فتكها أكد علو كعبها في أن تكون السلالة الأكثر جرأة وجسارة في قتل بني البشر اليوم.

من الصين بدأت الحكاية لهذا الفيروس الذي زحف شرقا وغربا كأنه جحافل التتار والمغول في العصور الوسطى، تهيأت الأمم لهذا الغزو الجديد بالحظر والمنع والمقاومة، لكن هذا الفيروس شل المطارات والمواصلات وأعاد العالم إلى عزلته وتباعده فحوله من تلك القرية الصغيرة ليصبح أجزاء متناثرة متباعدة هنا وهناك.

أمريكا وعلى لسان رئيسها ترمب اتهمت الصين بابتداع هذا الفيروس في مخابرها الخاصة، وطبيب صيني يدعى وينليانغ كان أول من حذر الناس منه في ولاية ووهان الصينية، وكانت نهايته كالعادة كنهايات من يعرف أكثر من ما يجب معرفته في الأنظمة الشمولية التي تحكم شعوبها بالحديد والنار، علما أن الصينيين في بداية الجائحة تنصلوا من الفيروس نسبا ونشأة كعادة سياساتهم الغامضة المحافظة والمتحفظة!

الغرب والشرق في صراع نفوذ جديد ومعركة سلاحها الدواء الاستباقي لفيروس هز عروش إمبراطوريات الشرق والغرب، الأمريكيون طرحوا فايزر سلاحا أوليا لمقاومة هذا الفيروس، تبعتهم بريطانيا ممثلة في أكسفورد بلقاح يؤمل منه أن يثبط هذا الفيروس ويخر عزائمه ويؤخر فاعليته بحصره في طفرة جينية أولية قبل حصار أثره وتأثيره.

الروس أعلنوا عن لقاحهم مبكرا، ممثلا في سبوتنيك، ليكون المعني بوأد كوفيد التاسع عشر وتعطيله قدر الإمكان، سبوتنيك في معناها الروسي تعني الرفيق أو التابع، وهذه بوادر لا تبشر بخير للقاحهم الجديد الذي يُراد له التعقب ليمحو وليس المصاحبة أو التبعية لذلك الفيروس اللعين.

الصينيون انضموا إلى السباق الدوائي الجديد بمنتجهم المسمى سينوفاك الذي يراه البعض الأكثر جرأة والأمثل تجربة للتعاطي مع هذا الفيروس، لأن الصينيين متهمون بابتداعه وتكثيره في معاملهم البيولوجية الخاصة.

العالم اليوم أمام صراع نفوذ جديد يتمحور حول هذا الفيروس الخطير، ومراد الكبار استغلال هذا الظرف وتسويق منتجات عائداتها المالية يُراد لها أن تساوي عائدات بيع طائرات الميغ الروسية والشبح الأمريكية والتورنيدو الإنجليزية، سباق تسلح جديد وغير رشيد يبدأ من المعامل ويستهدف أجساد البشر في أخص ما تختص به، وهي المادة الوراثية كما يزعم ويروج المؤمنون بنظرية المؤامرة أثرا ومذهبا وتفسيرا.

كوفيد التاسع عشر دشن في بعض دول أوروبا إصداره الجديد، سلالته الثانية المكينة والمتمكنة التي تعود إلى سلالات تاجية أصيلة ليست غريبة على التنفذ وطرائق النفاذ، هذه السلالة الجديدة ستمكن أباطرة صناع الدواء من احتكار وبيع لقاحات جديدة تناسب السلالات الجادة والمستجدة من هذا الفيروس المقيت، الذي استأثر اليوم بالحضور على الساحة العالمية، وصار متن أحاديث البشر ومصدر فزعهم لأنه المرض العضال الذي أعاد العالم إلى الوراء كيانات معزولة ترتجي البعد والانكفاء لتنجو وترى في القرب والتداخل موتا وخرابا.

@alaseery2