سالم العنزي

لقاح كورونا سيحولكم إلى تماسيح

السبت - 26 ديسمبر 2020

Sat - 26 Dec 2020

«لقاح فايزر يمكن أن ينبت للمرأة لحية، وأن يحول الرجال إلى تمساح»، هذا التصريح لم يصدر من شخص عادي، بل صدر من قبل الرئيس البرازيلي جايير بولسونارو.

ويأتي هذا التصريح امتدادا لحملات مقاطعة لقاح الكورونا التي انتشرت حول العالم، التي بدأت منذ ظهور الوباء نفسه.

وفي أغلب دول العالم ساد نقاش توزع بين مشكك في اللقاح وطاعن في الجائحة برمتها، من منظور أن جائحة كورونا لم تكن إلا مؤامرة. بل روج بعضهم إلى أن اللقاح سيؤدي إلى العجز الجنسي، أو العقم أو الخرف وذهب آخرون إلى أن اللقاح ليس إلا عملية منظمة لحقن البشر بجزيئات الكترونية متطورة هدفها السيطرة على دماغك وتتبع حركاتك.

الشك والريبة شعور طبيعي وإنساني مفهوم في النفس البشرية، ومن حق كل إنسان أن يتأكد من فاعلية استخدام اللقاح والتطعيم، وليس في الأمر من مشكلة، ويجب أن نتعامل مع الموضوع من هذا المنطلق، فالتساؤلات حول الجهات الممولة للأبحاث والجهات المستفيدة من توفر اللقاح لاحقا، هي أسئلة منطقية، بل ومتوقعة، خاصة في ظل النظرة التاريخية إلى شركات الأدوية العالمية بصفتها ممثلة وفية للنظام الرأسمالي، الذي فيه كل صفات الشر في نظر معظم سكان الكوكب.

بينما يدين العالم بالشكر للدكتور إدوارد جينر الذي أنقذ حياة الملايين من الأشخاص، حيث كان أول من اكتشف لقاحا لمرض الجدري وأسس علم المناعة، فإنه ينظر نظرة مختلفة للدكتور أندرو ويكفيلد الذي نشر مقالا في مجلة لانسيت (الطبية المتخصصة) عام 1998، زعم فيه وجود صلة بين التطعيمات واضطراب التوحد، وبسبب مزاعم ويكفيلد (التي كانت تحت الغطاء العلمي)، بدأت موجة مناهضة للتطعيم انتشرت في العالم أجمع. ما لا يعرفه كثيرون أنه في عام 2004 اكتشف تضارب مصالح مالية بالدراسة موضع البحث، مما تسبب في سحب الدراسة لاحقا، وكذلك سحب الترخيص الطبي للدكتور ويكفيلد بعد أن حكمت عليه المحكمة بثلاث عشرة تهمة، منها أربع تهم تتعلق بخيانة الأمانة.

نظرية المؤامرة لا تحتاج أكثر من دكتور له أهداف شخصية أو رئيس دولة على خلاف تعاقدي مع شركات تصنيع الأدوية، لكي تبدأ النظرية بالتطور والانتشار كاانار في الهشيم، خاصة في وضع غير طبيعي وفي وجود جائحة غير عادية، حيث المطارات أغلقت والوجوه تقنعت والشوارع خلت من البشر وجوامع ومساجد أوصدت ومؤسسات وشركات أفلست. ومع كل هذه الأحداث التي لم يمر على البشرية في العهد الحديث مثلها، يميل الناس إلى نظرية المؤامرة، حيث إنها أسهل تصديقا وأيسر تفسيرا.

ومما زاد من حدة نظرية المؤامرة إصدار فيلم «وباء»، وهو فيلم يدعم نظرية المؤامرة، مدته 26 دقيقة، صدر في مايو 2020 عن طريق شركة متخصصة في أفلام نظريات المؤامرة، مع أن أغلب المنصات حذفت الفيلم بسبب محتواه المضلل وترويجه معلومات كاذبة، إلا أنه ما زال يلقى رواجا وانتشارا بين عشاق نظرية المؤامرة.

أخيرا، إذا كنت تشكك أو تتساءل عن فاعلية التطعيمات واللقاحات أو عن استراتيجية وزارة الصحة السعودية في إطلاق اللقاحات. كل ما عليك فعله هو النظر إلى الندبة الصغيرة التي لا يزال أثرها على كتفك الأيسر، التي تؤكد أنك حصلت على لقاح الدرن في يوم ما، وبسبب هذا اللقاح الذي لم يبق منه إلا ندبة صغيرة قد تغيب عن ذهن كثيرين، تعد السعوديةاليوم من أقل الدول في العالم من حيث معدل انتشار الدرن.

@SMAlanzi