فاطمة التميمي

قيادة ما بعد الأزمات في المؤسسات التعليمية

الخميس - 24 ديسمبر 2020

Thu - 24 Dec 2020

ثمة أمور في المؤسسات التعليمية لا يمكن التحكم بها، ولا سيما في ظل التطورات والتغيرات الحديثة، والتحول نحو قيم لم تكن معلومة سابقا. وهذه الأمور قد تشكل جزءا مما قد يحدث في المجتمع بأكمله، أو تختص بالسياق التعليمي وما يدور في تلك المؤسسات من تفاعلات، سواء كانت بينية، أو مع أفراد المجتمع الخارجي، التي قد يتمخض عنها بعض الأزمات، الأمر الذي يجعل من العمل الإداري مهمة حساسة للغاية.

وبسبب ما تتركه تلك الأزمات من آثار، تبرز الحاجة إلى ظهور أنماط قيادية متجددة بإمكانها تحديد ما لم يعد صالحا، والتنبؤ بما يجب أن يكون عليه الحال لتحقيق الأهداف التي قامت المؤسسة لأجلها.

إن الإصرار والعزيمة على المواصلة بعد الأزمات ثقافة يجب أن يتبناها القائد التربوي، ويشجع منسوبي مؤسسته عليها ليتمكن من تغيير وضع ما بعد الأزمة إلى وضع موات للواقع الجديد. وهذا يحتم عليه تحفيز مرونتهم العاطفية، والخروج بهم من منطقة القلق والإجهاد، من خلال السعي إلى محاولة ضم ما شتته الأزمات، بإعادة الثقة إلى المنسوبين، وإظهار الأمور المتفق عليها بشكل أكثر من الاختلافات، مما يبني الروابط بشكل متزامن، وبنمط يتناغم فيه القائد مع المنسوبين فيما يعرف بالقيادة المتناغمة أو الرنانة.

تتسم القيادات المتناغمة أو الرنانة (وهي فرع من التحويلية) بالقدرة على التصرف والأداء الجيد حتى في أصعب المواقف وأشد الضغوط، بل تتعدى قدراتها إلى استخدام التناغم في الانتقال إلى وضع جديد بناء على ما تملكه تلك القيادات من ثبات انفعالي وذكاء عاطفي يرسم علاقتها القوية مع المنسوبين، كما يزيد من قدرتها على الاتصال والتواصل الأمر الذي يرفع مستوى الأداء في بيئة العمل.

وفي هذا الجانب يمكن القول بأن القيادات المتناغمة أو الرنانة تستهدف مستقبلا عمليا متجددا ونابضا بالحياة داخل المؤسسة التعليمية، من خلال منح الأمل والمزاج الإيجابي العام والرؤية المشتركة، بدلا من استمرار الإحباط الناتج عن الأزمات.

وقد تولد مفهوم القيادة المتناغمة أو الرنانة من الرنين، الذي يعني تولد شيء غير مرئي في مصدر بسبب مصدر أصلي، يدفعه للقيام بالشيء نفسه الذي يقوم به المصدر الأصلي.

وينظر إلى هذا المفهوم إداريا من زاوية أن القائد جزء من فريق العمل الذي يجب أن ينشر العدوى بالإيجابية، ويمارس القيادة القائمة على اليقظة الذهنية والأمل والتعاطف. فاليقظة الذهنية تعني أعلى درجات الوعي بالذات وبالواقع الاجتماعي والبيئي، أما الأمل فهو الاعتقاد بإمكانية تحقيق الأهداف والتفاؤل بمستقبل أفضل، والتعاطف هو الوعي بمشاعر الآخرين.

تمثل هذه الأبعاد الركائز الأساسية لجعل بيئة العمل في المؤسسة التعليمية ملهمة بالالتزام، بل ربما يتجاوز بعض المنسوبين التوقعات بالارتقاء وإظهار مزيد من القدرات والأعمال الابتكارية والإبداعية، وهذا أفضل ما يمكن أن تصل إليه المؤسسة التعليمية بعد الأزمة.

f.s.m.altamimi@gmail.com