برجس حمود البرجس

مجالس تويتر

الثلاثاء - 22 ديسمبر 2020

Tue - 22 Dec 2020

رغم تداخل وتوافق كثير من برامج التواصل الاجتماعي، إلا أن كلا منها له هوية ثابتة يتميز بها عن البرامج الأخرى، ففيسبوك تميز برواية الأحداث والسرد الطويل نسبيا، بينما الانستقرام يوثق بالصور ومقاطع الفيديو، وتميز السناب شات بالتصوير لحدث ما وسواليف وأشياء غريبة، أما التيك توك فهو للمقاطع القصيرة كالأمطار والطبخ السريع والضحك والمقالب، ولكل منها جماهير ومتابعون، ولو لم يكونوا سعيدين لما تابعوا ولما كان هناك إقبال وتفاعل.

مجلس العم تويتر، الذي يفترض أن يكون مكانا لطرح الرأي والمعلومة والخبر بصور مختصرة، ومن ثم نقاشها لإثراء موضوعها واستعراض ذلك أمام الجميع، أصبح مكانا نشهد فيه كثيرا من الجدل حول موضوع ما بدلا من نقاش ثري بالمعلومات، وبدلا من أن يكون تويتر مكانا للنقد البناء يستفاد منه للتصحيح أصبح مكانا لتصيد الأخطاء وما يعتقد أنها أخطاء، وبدلا من أن يكون مكانا لنشر العلم والمعرفة، أصبح مكانا لنشر المعلومة الخاطئة وترويجها بشكل جيد قبل نقلها للوتس اب للتأكد من إدخالها في قروبات الأصدقاء والعوائل.

الغريب في الأمر أن البعض ممن ينشرون المعلومات الخاطئة وينشرون الجهل بين الناس تجدهم حريصين على نشرها كل يوم وكل ساعة، حتى انطبقت عليهم مقولة «سبب انتشار الجهل أن حامليه حريصون جدا على نشره»، وربما هذا هو أصعب شيء نورّثه للناس والأجيال، ورغم ذلك تجدنا نتساءل «ما بال التعليم لا يطور عقول الأجيال»، والجواب لأننا نغذيها بجرعات في الاتجاه المعاكس عندما نكتب معلومات خاطئة عن رأي وعن قراءة نحن الآباء والكتّاب والمختصين والأطباء والمعلمين وعامة الناس، وحديثي طبعا عن «البعض» وهي ظاهرة ملحوظة.

في المجال الطبي والصحي تجد خلافات كثيرة بين المختصين وشبه المختصين في أمور تعنينا جميعا، فنقف صامتين أمام هذه الآراء المختلفة والمتضادة ونتساءل: هل من إعلام متخصص للطب؟ والمقصود هل من برامج إعلامية لمن أراد من الأطباء وحرص على الظهور الإعلامي؟ برامج تدريبية على الحرص على عدم نشر المعلومة غير المؤكدة والحرص على الحصول على مصادر، وتفهم للتباين، وبرامج لنقل المعلومة وتوضيح وجهة النظر؟ في الحقيقة اختلط الحابل بالنابل، وتجدنا نسعد بمن يتسم بالاتزان والطرح العقلاني عندما نشعر على الأقل بهدوء الطرح بدلا من الطرح المنفعل.

وعلى النهج نفسه، طرح الآراء والقراءات في القطاعات الأخرى الاقتصادية والتنموية والاجتماعية، تجد أخبارا متضادة ومشادات وفقدانا للموضوعية، وجميع هذا تأصيل لنشر الجهل وتوزيعه في جميع زوايا وأركان مجالس تويتر.

طبعا هذا الجانب كبير مقارنة بالطرح الموضوعي، الذي نأنس بقراءته بين حين وآخر وبالنقاش الموضوعي والمتزن. المخيف أن كثيرا من المعلومات المغلوطة انتشرت بشكل كبير عند المتلقين ولا يمكن استئصالها.

مع تزايد ذلك، أصبحت حالة بعض المتلقين مستعدة لاستقبال كل ما لا ينال استحسانهم، لكي يشاركوا في نبذه ونشره وإعادة تغريده، بينما الأخبار التي تتماشى مع ما يطالبون به لا يرغبون بسماعها ولا يقاتلون دونها، وكلامي هنا عن المتلقي وليس الناشر.

مجالس تويتر يجب أن تكون نعمة لا نقمة، فإضافة إلى أننا نسعد بقراءة الطرفة والمزحة والدعاية والمعلومة التي ربما لا تعنينا جميعا، إلا أنه يجب أن نحرص أن تكون منصة تويتر أيضا لإثراء الحديث والمعلومة والنقاش الهادف والنقد البناء وتوضيح المنجزات.

أتمنى ممن يدركون عدم إلمامهم بالمواضيع التي يتحدثون عنها أن يكتفوا بالقليل، وألا يحرصوا على كثرة الظهور.

Barjasbh@